توالت أمس ردود الأفعال الدولية المستنكرة بشدة لعملية الانقلاب العسكري المفاجئ الذي أطاح أول أمس بنظام الرئيس امادو توماني توري. وانطلاقا من دول الجوار مرورا بمختلف العواصمالغربية وصولا إلى الولاياتالمتحدة والصين تقاطعت مواقف الاستنكار الشديد للانقلاب العسكري في مالي ودعت جميعها إلى ضرورة العودة إلى النظام الدستوري وتسليم الحكم فورا للسلطة المدنية. ففي تحرك اقل ما يقال عنه انه فأجأ كل المتتبعين وحتى الرئيس المالي نفسه استولت مجموعة من الضباط في الجيش النظامي أول أمس على مؤسسات السلطة في العاصمة باماكو واعتقلت مختلف المسؤولين فيها فيما بقي مصير الرئيس توري مجهولا رغم تأكيد مصادر على انه في مكان آمن وبصحة جيدة. وفي رسالة طمأنة باتجاه المجتمع الدولي، أكد قائد الانقلاب النقيب امادو سانوغو ان الرئيس المطاح به امادو توري في صحة جيدة ويوجد في مكان آمن رافضا الكشف عن مكان تواجده. واكتفى بالقول ''في الوقت الراهن لن أقول أين هو الرئيس توري لكنه بصحة جيدة وبأمان''. كما أعلن قادة الانقلاب العسكري ان مسؤولي نظام امادو توري في صحة جيدة وسيتم عرضهم قريبا على القضاء المالي وأكدوا انه ''لن تمس أية شعرة منهم وسيقدمون للعدالة حتى يعرف الماليون الحقيقة''. ويتهم قادة الانقلاب العسكري نظام الرئيس توري امادو بعجزه على مواجهة تمرد قبائل الطوارق وتنامي نشاط الجماعات المسلحة التابعة لتنظيم القاعدة والتي تتخذ من جنوب المالي معقلا لها. وعلى اثر ذلك أعربت كل من الجزائر وموريتانيا والمغرب والنيجر عن إدانتها الشديدة لعملية الاستيلاء على السلطة في مالي وأبدت قلقها للأوضاع الجارية في هذا البلد الإفريقي الذي يعاني في الفترة الأخيرة من تصاعد التوتر خاصة في جنوبه بسبب تنامي حركة التوارق المتمردة من جهة ونشاط الجماعات الإرهابية وعمليات التهريب والإجرام من جهة ثانية. من جانبها حاولت السلطات الفرنسية الاتصال بالرئيس المالي لكن دون ان تحقق أي نجاح حيث أكد وزير خارجيتها حرص بلاده على عدم تعرض الرئيس توري لأي سوء جسدي. وضم مجلس الأمن الدولي صوته إلى الأصوات المطالبة بالعودة فورا إلى الحكم الدستوري في باماكو. وقال المجلس في بيان رسمي إن ''الدول الأعضاء تدين بقوة انتزاع السلطة بالقوة المسلحة من حكومة مالي المنتخبة ديمقراطيا من جانب بعض عناصر القوات المسلحة المالية''. ودعا الأعضاء ال15 في مجلس الأمن المتمردين إلى ''ضمان سلامة الرئيس المالي أمادو توماني توري وإلى العودة إلى ثكناتهم''. والموقف نفسه عبر عنه وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في اجتماعهم أمس في العاصمة بروكسل والذين دعوا إلى ''الوقف الفوري لأعمال العنف وإطلاق سراح كل المسؤولين المحتجزين والعودة إلى حكومة مدنية وتنظيم انتخابات ديمقراطية كما كان مقررا''. كما دعا الوزراء الأوروبيون ''بوقف فوري لإطلاق النار في شمال مالي'' المضطرب بسبب حركة التوارق المتمردة والتي أعلنت أمس مواصلة عملياتها المسلحة ليزيد ذلك من قلق المجموعة الدولية. وكانت رئيسة الدبلوماسية الأوروبية كاترين اشتون أدانت بشدة الانقلاب العسكري في مالي وطالبت بالعودة السريعة للنظام الدستوري ودولة القانون. بدورها أعلنت الصين أمس عن رفضها لهذا الانقلاب ودعت إلى العودة للحياة الطبيعية والحفاظ على الوحدة الوطنية لهذا البلد والذي تربطه مع الصين علاقات وطيدة خاصة الاقتصادية والتجارية منها منذ استقلاله ستينات القرن الماضي. وفي رده على الانقلاب العسكري في مالي قرر البنك الدولي تعليق كل مساعداته لهذا البلد وقال في بيان أمس ان ''كل عملياتنا للتنمية تم تجميدها باستثناء المساعدات العاجلة''. وكان الجنود المتمردون أعلنوا إقفال كل حدود مالي بعد الإطاحة بالرئيس امادو تومانى توري الموجود حسب المقربين منه في ثكنة في العاصمة باماكو مع رجال من النخبة في الحرس الجمهوري. وأعلن الانقلابيون سيطرتهم على القصر الرئاسي والتلفزيون وفرضوا حظرا للتجول بدت معالمه بوضوح أمس بالعاصمة باماكو التي شهدت حركة بطيئة في ظل بقاء معظم المحلات التجارية مغلقة إضافة إلى المؤسسات الحكومية بينما تفادى سكان العاصمة الخروج إلى الشوارع إلا للضرورة وسط انتشار أعمال العنف والنهب.