تشارك الجزائر اليوم في أشغال القمة العربية التي تحتضنها بغداد العاصمة العراقية، حيث يمثل رئيس مجلس الأمة السيد عبد القادر بن صالح رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، وهي القمة التي تأجلت لسنة كاملة بسبب عدم توفر الظروف الامنية الملائمة في بلاد الرافدين. وقبل إعلان تأجيل قمة العام الماضي، كانت الجزائر قد رهنت حضورها بجلاء القوات الاجنبية عن العراق قبل ان تعلن الجامعة العربية عن تأجيلها الى السنة الجارية. وامام تغير المعطيات لا سيما بعد انسحاب القوات الامريكية من العراق والحراك السياسي الذي تشهده الساحة العربية، بات التئام هذه القمة اكثر من ضرورة رغم ان تمثيلها الديبلوماسي لم يكن بالمستوى المنتظر والذي له علاقة ايضا بالتطورات التي تشهدها المنطقة العربية. وبعيدا عن تقييم مستوى التمثيل يؤكد متتبعون اهمية انعقاد هذه القمة لا سيما وانها تأجلت لسنة كاملة وفي هذا الصدد قال وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي امس ان اجتماع قمة بغداد ''مهم جدا'' وان ''بفضله سنسترجع السير الطبيعي لسلسلة اجتماعات القمم العربية''. واضاف السيد مدلسي في تصريح له عقب وصوله الى بغداد للمشاركة في اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب من اجل اعداد الملفات ورفعها لاجتماع القمة، ان الاجتماع سيبحث كل الملفات المقترحة من اجل وضع اللمسات الاخيرة عليها والتأكد من مضمونها، متمنيا ان تكون ''مقبولة من طرف جميع الوفود حتى يتم تقديمها الى اجتماع القمة''. وبشأن ما اذا كان هناك توافق بشأن كل النقاط المطروحة، قال السيد مدلسي'' انه من الخطا الكلام عن عدم وجود مشاكل، لكن الاكيد ان هناك ارادة قوية للبحث عن حلول سليمة لهذه المشاكل''. واشار السيد مدلسي الى وجود نقاط خلافية سواء تتعلق بمشاكل حديثة أو بمشاكل طال امدها غير ان كل هذه المشاكل كما قال ''تعطينا فرصة لتبليغ رسالة عربية موحدة قوية لنجعل من قمة بغداد محطة تنير الطريق الى المستقبل والى توحيد الكلمة العربية وترجمة الاقوال الى افعال تسبق الحديث عن التوحيد والاندماج والتشاور المستمر والاخوة بين كل الدول العربية على مستوى الشعوب''. وأكد وزير الخارجية ان قمة بغداد ''مناسبة ايجابية جدا للاخوة في العراق'' الذين ينتظرون هذا اللقاء منذ شهور، مشيدا بالجهود التي يبذلها العراقيون من اجل انجاح هذه القمة. وبشأن امكانية عقد لقاء تشاوري بين وزراء خارجية الدول المغاربية على هامش اجتماعات وزراء الخارجية العرب لم يستبعد السيد مدلسي تنظيم لقاء بعد الاتصال بنظرائه من الدول المعنية ولفت الانتباه ان هذه اللقاءات التشاورية اصبحت شبه آلية بين وفود الدول المغاربية في مثل هذه المناسبات. وتجدر الاشارة الى ان مشاركة دول المغرب العربي في أشغال القمة العربية، فرصة لتوحيد الرؤى العربية اتجاه القضايا التي تخص المنطقة، من منطلق رفض التدخل الأجنبي في شؤون الدول العربية، وعلى رأسها سوريا. وقد أعربت الدول المغاربية، وفي مقدمتها الجزائر، في العديد من المرات عن رفضها للتدخل الأجنبي، وأمام تسارع الأحداث تسعى بلدان المغرب العربي الى تنسيق مواقفها كي يصبح اتحاد المغرب العربي شريكا إقليميا وكتلة طرح سياسي حيال الجامعة العربية. وترفض دول المغرب العربي والعراق التدخل الاجنبي في البلاد العربية، ويواجه هذا الرفض طرحا مغايرا تمثله دولا عربية أخرى تريد التدخل الأجنبي في الأزمة السورية. وكان وزير التعليم العالي والبحث العلمي العراقي علي محمد الحسين الأديب قد سلم دعوة لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة لحضور القمة، واكد مبعوث الرئيس العراقي جلال طلباني ان الرئيس بوتفليقة كان متفاعلاً بشكل عميق مع رغبة العراق في توحيد الخطاب العربي خلال القمة العربية، بما يكفل تحقيق أعلى درجات التفاهم حول القضايا العربية المصيرية. واعتبر الأديب المشاركة الجزائرية ''دلالة واضحة على أن القيادة السياسة في الجزائر، حريصة كل الحرص على إنجاح قمة بغداد وجعلها فرصة لتوحيد الرؤية العربية تجاه القضايا التي تحيط بالمنطقة، مشيرا الى أن ''الثقل العربي الذي تمتلكه الجزائر على الساحة العربية سيساهم في اتخاذ قرارات عربية مهمة ذات تأثير عميق وكبير على مستقبل الدول العربية. وأكد أن الرئيس بوتفليقة ''أبدى رغبة بلاده في توسيع العلاقات السياسية الإقتصادية والثقافية مع العراق، بما يكفل تحقيق مصالح البلدين الشقيقين''، مؤكدا أن العراق ''يجد في التعاون الوثيق مع الجزائر، خطوة مهمة لتعزيز التعاون العراقي الجزائري، والانتقال به الى مرحلة متقدمة تساهم في تعزيز الشراكة العربية على صعيد الإقتصاد والسياسة والعلاقات الثقافية والتعليمية''. وتأتي مشاركة الجزائر في القمة العربية انطلاقا من قناعتها بضرورة الحفاظ على وتيرة اللقاءات بين الدول العربية كلما سنحت الفرصة لذلك، ولم يسبق للجزائر ان قاطعت هذه الاجتماعات ماعدا اعلانها المسبق بعدم حضور قمة السنة الماضية التي تأجلت فيما بعد، لكون العراق كان تحت وطاة الاحتلال. يشار إلى أن الدول العربية كانت تحفظت مرتين من قبل على استضافة العراق أو ترؤسه للقمة العربية بسبب الأوضاع التي تمر به السلطة هناك، وذلك على خلفية أعمال العنف والتواجد الأجنبي على أرضه عقب سقوط النظام السابق سنة ,2003 قبل أن تقبل العرض العراقي باستضافة مؤتمر قمة اليوم.