أجلت أمس وللمرة الثامنة عشرة على التوالي جلسة التصويت الخاصة بانتخاب رئيس جديد للبنان مما يزيد من تعقيد الأزمة السياسية التي تعصف بهذا البلد منذ أكثر من سنة· وأعلن رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري عن تأجيل هذه الجلسة إلى أجل غير محدد بعدما ربط تحديد الجلسة المقبلة للبرلمان لانتخاب رئيس جديد للبلاد بقبول جميع اللبنانيين للحوار·وقال بري الذي يعتبر أحد الأقطاب الفاعلة في المعارضة اللبنانية أن كل الإقتراحات مطروحة في الحوار دون استبعاد أي اقتراح على الإطلاق· ويكون بري بذلك قد جدد دعوته للحوار التي أطلقها قبل يومين في مسعى لإنقاذ المبادرة العربية لحل الأزمة اللبنانية والتي وصلت إلى طريق مسدود بعد أن تضاربت قراءات طرفي الأزمة لمضمونها وأعطى كل فريق مفهومه الخاص وبحسب ما يخدم مصالحه·وهو الأمر الذي جعل المبادرة العربية التي تتضمن ضرورة الإسراع في انتخاب قائد الجيش ميشال سليمان رئيسا للبلاد تحتاج بدورها إلى مبادرة أخرى لإنقاذها·وهو طرح أكد عليه رئيس البرلمان اللبناني عندما أشار إلى أن اقتراحه باستئناف الحوار الوطني هو محاولة لإنقاذ المبادرة العربية التي وصلت إلى طريق مسدود· ولكن تأكيد بري على استئناف الحوار الوطني يكون بمثابة رسالة واضحة باتجاه فريق الأكثرية النيابية بأن حل الأزمة في يد اللبنانيين أنفسهم وذلك بعدما تأكد فشل كل المحاولات سواء العربية أو الإقليمية أو الغربية·ورغم أن بري اعتبر أن لا أحد يمكن أن يهرب من الحوار مهما بلغت التعقيدات إلا أنه بالمقابل حمل الأكثرية الحاكمة مسؤولية تعطيله بسبب تمسكها بقانون الإنتخابات لعام 2000· وتأتي دعوة الحوار الوطني في الوقت الذي تواصل فيه عواصم عربية وغربية مساعيها لتقريب وجهات نظر الفرقاء اللبنانيين لحملهم على التوصل إلى أرضية توافقية تقود إلى إنهاء الأزمة التي تزداد تعقيدا مع كل إرجاء لجلسة التصويت لانتخاب رئيس الجمهورية· وبهدف إنجاح هذه الجهود قفزت كل من باريس ودمشق على خلافاتهما العميقة على خلفية الأزمة اللبنانية وقررتا استئناف الحوار بينهما في مسعى للم الشمل اللبناني· والتقى أمس رئيس الدبلوماسية الفرنسي برنارد كوشنير بنظيره السوري وليد المعلم على هامش الندوة الدولية حول العراق التي احتضنتها الكويت في سابقة هي الأولى من نوعها منذ قرار باريس تجميد اتصالاتها مع دمشق شهر ديسمبر الماضي·وجاء في بيان لوزارة الخارجية الفرنسية أمس أن المحادثات بين الجانبين سمحت بتوضيح الرؤى حول عدد من القضايا الإقليمية وعلى رأسها الأزمة السياسية في لبنان، إضافة إلى إثارة المسائل الهامة المتعلقة بالعلاقات الثنائية بين فرنسا وسوريا·