اعترف السفراء الفرنسيون المعتمدون في مختلف الدول الإفريقية بتدهور صورة بلدهم في أعين الأفارقة بسبب السياسة المتذبذبة لباريس في تعاطيها مع قضايا مشاكل الدول الإفريقية·وأكد السفراء في برقياتهم المرسلة إلى وزارة الخارجية الفرنسية أن صورة فرنسا بقيت تترنح بعد الجذب والرقص في مستعمراتها السابقة رغم الدعم السياسي أو التدخلات العسكرية في هذه الدول· وكشفت صحيفة لوموند أن الخارجية الفرنسية راسلت 42 من سفرائها في مختلف العواصم الإفريقية خريف العام الماضي لاستقراء آرائهم حول ردود الفعل الدول الإفريقية بعد خطاب الرئيس نيكولا ساركوزي شهر جويلية الماضي بالعاصمة السينغالية ولاقى انتقادات لاذعة من طرف الرأي العام الإفريقي· وقال دبلوماسي فرنسي أن فرنسا لم تعد المرجع الأوحد لدى الدول والشعوب الإفريقية وأن الفرنسيين يجدون صعوبة وقلقا في قبول هذا الموقف· وأضافت تقارير رؤساء البعثات الدبلوماسية الفرنسية في مختلف العواصم الإفريقية أن تواجد القواعد العسكرية الفرنسية في افريقيا لم تعد تلقى الترحيب كما كانت عليه قبل سنوات، وبعد أن أصبح الأفارقة ينظرون إليها على "أنها تستخدم فقط لإنقاذ الأنظمة المتعفنة ومن أجل تنفيذ مهام عسكرية يكتنفها الغموض التام"· وقال سفير فرنسي آخر أن الأفارقة يلومون فرنسا على تدخلاتها العسكرية الكثيرة والتخلي عن القارة"· وأضاف "أننا مهما فعلنا فإننا سوق لن نلقى الترحاب والرضى المطلوب"· وربط سفير آخر تراجع صورة فرنسا في القارة بقضية "آرش دوزوي" التي تحولت إلى فضيحة بعد أن ضبط عناصرها وهم يقومون بتهريب أطفال من السودان عبر دولة تشاد باتجاه فرنسا· وكتبت برقية لسفير فرنسي آخر تكرّس اللاتفاهم بين الرأي العام الفرنسي الذي مازال ينظر إلى الأفارقة على أنهم أناس فقراء بسبب تفشي تعاطي "الرشوة" ورأي عام إفريقي مازال ينتظر إلى فرنسا كطرف "خائف على مصالحه ومتخوفة من الشباب الإفريقي"· ولم تعد فرنسا تحتفظ حسب تقارير سفرائها سوى باستمرار تداول اللغة الفرنسية في أوساط الشعب الإفريقية التي خضعت للإحتلال الفرنسي· ولم تشأ وزارة الخارجية الفرنسية التعليق على هذه التسريبات التي نشرتها صحيفة "لوموند" واسعة الإنتشار رغم أن دبلوماسيين أكدوا أن المراسلات تمت في إطار مسعى رسمي فرنسي لمعرفة مدى قابلية الأفارقة لأدوار فرنسا في دولهم وبهدف تكييف السياسات الفرنسية مع مستجدات الواقع والتوجهات الإفريقية الجديدة·