لقي معرض إبداعات المراة الذي أقيم بقصر رياس البحر في طبعته الثالثة، إقبالا كبيرا من النسوة اللاتي توافدن بكثرة عليه للاطلاع على ما جادت به أنامل المبدعات في مجال الاكسيسوارات والحلي، التي جمعت بين التقليدي الأصيل والعصري، فمن عقد الجوهر الى الحلي الفضية، ومن الأحجار الكلسية والصخرية الى الحلي المصنوعة من اللؤلوء والمرجان، كان المجال خصبا للفرجة والاستمتاع بالتنوع الإبداعي المحلي والأجنبي. لعل أول ما لفت انتباهنا عقب تواجدنا بقصر رياس البحر أين نظمت فعاليات المعرض، هو الانبهار الكبير الذي كان يبدو على ملامح الزوار، الذين وبمجرد أن تطأ أقدامهم المكان حتى يبادروا بالتحديق بالقصر وتصفح جدرانه وأبوابه وأرضيته، والتجول بكل غرفه وأزقته، الى جانب قراءة كل ما كان مكتوبا على الألواح التي تشرح تسمية كل غرفة وفم كانت تستخدم، على غرار وسط الدار والسقيفة، بل أن البعض الآخر من الزوار، خاصة من فئة الرجال، فضل الاستمتاع بجمالية ودقة البناء العمراني القديم، الذي لم يغفل لا الجانب الجمالي ولا المعماري، الأمر الذي دفع بكل المستجوبين الى تثمين حسن اختيار مكان العرض، لا سيما وأن معظمهم لم تسمح لهم الفرصة لزيارة هذا المعلم التاريخي، فيما ظل البعض الآخر يتساءل بالقول أين نحن من النسج العمراني القديم؟ كما لقيت أجنحت المعرض التي ضمت 32 مبدعة قادمة من داخل وخارج الوطن على غرار القالة، الشلف، البويرة، تلمسان، قسنطينة، اسبانيا والسينغال، توافد الزوار للاطلاع على مختلف الاكسيسوارات والحلي التي تشتهر بها كل منطقة، حيث سعت العارضات الى إبراز مواهبهن وإبداعاتهن، لا سيما في صناعة الحلي والرسم على الحرير والوشم بالحناء، ناهيك عن الإجابة على كل أسئلة الزوار التي تمحورت حول معرفة تاريخ الحلي التقليدية وتحديدا الجوهر الذي تفننت عارضات تلمسان في التعريف به، من خلال الإجابة عن أسئلة الزوار، بحكم أن هذه المنطقة معروفة بهذا النوع من الحلي وتحديدا في شدة العروس التلمسانية. بينما قدمت أخريات من اللاتي كن يعرضن حليا مصنوعة من المرجان، شروحات، ومنهن العارضة حورية أيتيم، عن الطريقة التي يتم بها استخراج المرجان في شكله الخام وتحويله باتباع بعض التقنيات المعقدة الى حلي تتزين بها المرأة، كما سعت الى توضيح بعض المغالطات التي تقع فيها الكثيرات من اللاتي يعتقدن ان المرجان كحلي لا يمكن ارتداؤه على الدوام، حيث قالت'' انه مع الغلاء الذي يعرفه الذهب اليوم والخوف من التعرض للسرقة، يعد ارتداء هذا النوع من الحلي أكثر أمنا من أي حلي آخر، ويمكن أيضا ارتداؤه يوميا لفوائده الصحية باعتباره مادة طبيعية. في حين قامت العارضة مليكة غوبالي من ولاية الشلف، بالكشف عما تزخر به الولاية من حلي مصنوعة من الفضة، انطلاقا من الخلخال الى المحزمة والرديف ومناقش المنشار، واعتبرت المعرض فرصة لتعريف الزوار بالخصوصية التي تتمتع بها الولاية في مجال الحلي، حيث قالت ان ولاية الشلف معروفة باستخدام الفضة دون غيرها في صناعة الحلي التي لا تزال العروس الشلفية تتزين بها. ونتيجة للخلط بين الحلي الفضية الشلفية والقبائلية، جاء على لسان محدثتنا، ان الكثيرات لا يميزن بين النوعين مع أن الفرق بينهما واضح ''إذ اننا لا نستخدم الألوان في الحلي الفضية الشلفية، بل نميل الى تشكيلها مع الحفاظ على لونها الفضي، بينما القبائلية تعتمد كثيرا على الألوان عند تشكيل مختلف أنواع الحلي''، تقول محدثتنا. لدى احتكاك ''المساء'' ببعض الزوار الذين قصدوا المعرض للاطلاع على مختلف أنواع الحلي والإكسسوارات المعروضة وبعض الألبسة التقليدية، قالت الزائرة ويزة حاج سعيد، أن السبب الرئيسي الذي دفعها الى زيارة المعرض هو رغبتها في الاطلاع على الأنواع المختلفة للحلي التي تزخر بها الجزائر، خاصة وان بعضها لم يعد يلبس اليوم كالحلي المصنوعة من الجوهر. كما رغبت أيضا في الاحتكاك بالعارضات لمعرفة متى وأين تلبس بعض الحلي التي كانت تستعمل قديما، وكيف يتم المحافظة عليها، لا سيما وان بعضها يفقد لمعانه سريعا. بالمقابل، اثنت مواطنة أخرى على الاختيار الموفق لمكان العرض وعلقت بالقول '' قصر الرياس موقع اثري يعكس جمال تاريخنا والمعرض سمح لي بزيارته''. فيما اثنت على المعرض وتحديدا على لياقة العارضين الذين كانوا لا يترددون في الإجابة على كل تساؤلاتنا حول طريقة صنع بعض الحلي، من خلال الورشات الحية التي اطلعنا من خلالها على طريقة صنع بعض الحلي وكيفية التنسيق بين الألوان والأحجار المستخدمة، ناهيك عن تقديم جملة من النصائح والتوجيهات حول بعض الحلي التي تتطلب عناية خاصة لتظل متألقة. أما المشاركة الأجنبية وعلى خلاف السنوات الماضية، فقد كانت جد محتشمة على الرغم من أهمية الموضوع الذي اختير لهذه السنة، إذ انحصرت في كل من اسبانيا والسينغال، حيث أبدعت المشاركات في عرض بعض الألبسة والحقائب والقبعات التقليدية، وكذا بعض الحلي التي تعكس تراث وثقافة المنطقة، ما جعل بعض الزوار يعبرون عن أسفهم لضعف المشاركة الأجنبية واكتفائهم باكتشاف ما تزخر به الجزائر من إبداعات تراثية في مجال الأناقة والجمال.