ألقت روسيا، أمس، بكل ثقلها الدبلوماسي في معادلة الأزمة السورية، رافضة مضمون تصريحات الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي طالب بالقيام بعمل عسكري ضد هذا البلد للإطاحة بنظامه. ولم تكن موسكو متساهلة مع تصريحات الرئيس الفرنسي الجديد وقالت إنها جاءت تحت تأثير الانفعال المفرط وبالتالي فلا يمكن أن يعتد بها كون هولاند لم يضع حسابا لتبعاتها وطالبته بالتفكير جيدا قبل التلويح بعمل عسكري ضد النظام السوري. وقال أندري دينيسوف نائب وزير الخارجية الروسي تعليقا على تصريحات الرئيس الفرنسي إن ''الحديث عن تدخل أجنبي ضد سوريا تصرف انفعالي أكثر منه نابع عن موقف قيمي أو تحليل لمقاربة متوازنة''، وتساءل المسؤول الروسي: وماذا بعد الدعوة إلى هذا التدخل؟ قبل أن يرد أن الأجدر من المجموعة الدولية أن تتعامل مع الأوضاع المأساوية في هذا البلد بكثير من الحكمة بدلا من توجيه التهم المجانية''. وكان متوقعا أن تثير تصريحات الرئيس الفرنسي الذي طالب بتدخل عسكري ضد سوريا بحجة الرد على مجزرة الحولة التي حصدت أرواح 108 مدني سوري رغم أنه قرنها بضرورة اللجوء إلى هذا الخيار بعد مشاورات بين الدول الأعضاء في مجلس الأمن. وتكون موسكو من خلال هذا الموقف قد قطعت الشك باليقين حول موقفها تجاه المسعى الفرنسي الذي جاء دون مقدمات ويكون الرئيس الفرنسي الجديد قد أراد من خلاله أن يسجل حضوره على الساحة الدولية عبر البوابة السورية، لكنه مقتنع في قرارة نفسه أنه سيصطدم بالموقفين الروسي والصيني اللذان سبقا وأن رفضا كل فكرة لمزيد من العقوبات على دمشق ولا حتى التفكير في رحيل الرئيس بشار الأسد. وهي النقطة التي ستكون على طاولة المحادثات التي سيجريها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غدا بالعاصمة الفرنسية مع فرانسوا هولاند في إطار أول زيارة يقوم بها إلى الخارج منذ عودته إلى قصر الكريملين. ويبدو أن الموقف الروسي وجد هذه المرة وعلى نقيض الموقف من ليبيا دعما أمريكيا حتى وإن اختلفت المقاربة الروسية مع نظيرتها الأمريكية بعد أن أبدت واشنطن معارضة معلنة لفكرة التدخل العسكري على خلفية مخاوفها من تبعات عملية انعكاساتها غير معلومة وعلى مقربة من الانتخابات الرئاسية الأمريكية شهر نوفمبر القادم. وبررت الرئاسة الأمريكية موقفها بكون اللجوء إلى خيار القوة لن يزيد إلا من تأجيج الفوضى وإراقة مزيد من الدماء. ورغم هذا الاعتراض؛ فإن المسعى الفرنسي بدأ يلقى آذانا صاغية ورواجا أوسع لدى مختلف العواصم الأوروبية إلى درجة جعلت السلطات البلجيكية تدعو إلى إقامة مناطق حظر جوي تماما كما حدث في ليبيا قبل عام من الآن وانتهت إلى الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي. وهو ما ترفضه موسكو من أساسه وهي التي رفضت قرار العواصمالغربية بطرد الدبلوماسيين السوريين واعتبرته بغير المجدي في وقت يجري البحث فيه عن تسوية سلمية لهذه الأزمة في إشارة واضحة إلى المساعي الدبلوماسية التي يقوم بها الموفد الأممي والعربي المشترك كوفي عنان لدى أطراف الأزمة السورية.