معظم الروائيين العرب نجحوا في فرنسا لأنهم يخضعون للوبيات النشر قال الصحفي الكاتب بوعلام رمضاني أن سبب قلة اهتمام دور النشر الفرنسية بالأدب والثقافة العربية ''إيديولوجي'' محض مضيفا أن الإعلام الفرنسي يهتم بنشر الأعمال التي تخدم مصالح وتوجه اللوبي المسيطر على النشر الفرنسي أي تلك التي تروج للفلكلور والأفكار المسبقة عن العالمين العربي والإسلامي. وأضاف رمضاني في المحاضرة التي ألقاها نهاية الأسبوع الفارط بالمقهى الأدبي لدار الحكمة الكتب بمقر اتحاد الكتاب الجزائريين تحت عنوان ''الثقافة العربية في حركة النشر الفرنسية''، أن رواج الكثير من الأسماء الادبية العربية أو من أصول عربية في مجال الرواية في السنوات الاخيرة لم يكن نتيجة إبداعها بل يعود في أكثر الاحيان لإتباعها منطقا إيديولوجيا خالصا يخدم مصالح اللوبيات التي تسطير على النشر الفرنسي. وفي هذا السياق، قال المحاضر أن من بين هذه الاسماء التي تروج لإرهاب المسلمين أو اللعب على وتر الظلم التي تتعرض له المرأة المسلمة أو تتناول العادات والتقاليد البالية والكليشيهات الثقافية، نجد الكاتب بوعلام صنصال الذي هاجم جبهة التحرير الوطني من خلال رواية ''قرية الألماني'' والكاتب المغربي الطاهر بن جلون صاحب جائزة ''غنكور'' الذي قال أن سبب تخلف التعليم في المغرب يعود إلي استعمال اللغة العربية وهو ما قاله أيضا الكثير من المثقفين الجزائريين. وتوقف رمضاني عند قول الكاتب الجزائري الراحل الطاهر وطار ''إن احدى الدور الفرنسية ردّت على طلب مترجمه بأن مواضيع رواياته لا تهمّ القارئ الفرنسي. مضيفا أن دور النشر الفرنسية لا ترضى إلا عن الذين يخدمون التوجه الايديولوجي الفرنسي والاوروبي العام''، أما رشيد بوجدرة فقد قال أيضا انه حوصر في باريس حينما تحولّ الى الكتابة باللغة العربية. وتساءل المتحدث هل من حقّه أن يلوم الطرف الثقافي الفرنسي بوجه عام ومسؤولي النشر بوجه خاص على تهميش الثقافة العربية أم أنه من الموضوعي أن يلوم المسؤولين الجزائريين المعنيين بالشأن الثقافي على تقاعسهم في تسطير سياسة نشر جدية ومجدية للدخول في شراكة حقيقية مع دور نشر أجنبية بغرض التعريف بإبداع كل من يثبت أنه قادر على إضافة النوعية وتمثيل الخصوصية الحضارية والخطاب الانساني والكتابة المتقنة، مضيفا أنه من السهل لوم الآخرين في استمرار تخلفنا لكن من الصعب أن نجاهر أنفسنا ونعترف بقصورنا بالقول إن الجحيم ليس دائما هو الآخر بل هو نحن. بالمقابل، تناول رمضاني في محاضرته تاريخ اهتمام النشر الفرنسي بالأدب العربي فقال إن دور النشر التي تهتم بالثقافة العربية والاسلامية لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة ومن أهمها دار ''لوسوي'' التي تعتبر من بين الدور الرائدة في مجال التعريف بالثقافة العربية في باريس وهذا منذ منتصف الاربعينات من القرن الماضي، عن طريق الفرنسي فرنسيس جونسون الذي نشر ''توجه الاسلام'' للمفكر مالك بن نبي كما نشر أيضا لمحمد ديب ومولود فرعون وكاتب ياسين. وأضاف المحاضر أن إدارة دار ''لوسوي'' وكلت تسيير قسم الخارج والعالم الشرقي في نهاية الخمسينات لميشال شود كييفسكي الذي أصدر سلسلة ''المنبع الشرقي'' باقتراح من المستشرق جاك بيرك، وأعمال كثيرة من بينها ''الكتابات الروحية للأمير عبد القادر'' وأعمال ابن العربي، أما دار ''سندباد'' فقد قام مؤسسها الراحل بيار برنار بنشر حوالي 250 كتابا وثلاث سلاسل (المكتبة العربية والمكتبة الفارسية ومكتبة الإسلام)، وإثر وفاته اشترت دار ''اكت سود'' دار ''سندباد'' لتعرف هذه الاخيرة قفزة ثانية بقيادة الكاتب السوري فاروق مردم باي الذي عمل على تطوير المكتبة الفارسية وأعاد ترجمة أعمال نجيب محفوظ ونشر ديوان ''أغاني مهيار الدمشقي'' لأدونيس وغيرها، أما دار ''ميوزناف ولاروز'' فقد تميزت في الاستشراق الكلاسيكي خلافا لدار ''سندباد'' التي تخصصت في الادب العربي، فنشرت للمفكر أركون والمفكر التونسي هشام جعيط ومحمد قبلي.