شدد رئيس حركة مجتمع السلم، السيد أبو جرة سلطاني، أول أمس بالجزائر العاصمة، على ضرورة المصالحة الوطنية بين أبناء الجزائر بمختلف أجيالهم وتقييم مسار البلاد خلال ال50 سنة الماضية لتجاوز السلبيات والإخفاقات، باعتبار ذلك كفيلا بتحقيق مشروع الجزائر المنشودة. وأوضح السيد أبو جرة لدى إشرافه على اختتام فعاليات الطبعة التاسعة من ملتقى الشيخ محفوظ نحناح أن مشروع الجزائر المنشودة ''يتطلب المصالحة بين أبناء أجيال الثورة والاستقلال والمأساة الوطنية لكون كل جيل من هؤلاء يتحرك في رواق خاص به'' وهو ما يتطلب -كما قال- ''مصالحة سياسية ودعوية''. ودعا السيد سلطاني إلى ''ضرورة تقييم مسار البلاد خلال الخمسين سنة الماضية من أجل تجاوز السلبيات والإخفاقات وبلوغ جزائر أكثر اتساعا''. في سياق متصل؛ اعتبر المسؤول أن ''إطار الجزائر المنشودة موجود في بيان 1 نوفمبر 1954 الذي يتضمن أسس إقامة دولة جزائرية ديمقراطية ذات سيادة، إلا أن هذه المبادئ تحتاج إلى تفعيل وتجديد وإلى تنفيذ ما ينص عليه الدستور''. كما أوصى رئيس الحركة بحتمية اعتماد مبدأ التداول على السلطة في الدول الوطنية في العالم العربي والإسلامي لكون هذه الدول ''كلها شاخت سياسيا وبحاجة إلى التعاون بعيدا عن الكراهية والاحتكار والإقصاء''. وبعد أن أكد أنه ''ليس هناك نموذج ناجح للدولة الوطنية في العالم العربي يمكن الاقتداء به''، أشار إلى أن ''هذه الدول تحكمها إكراهات الشرعية التاريخية والتوازن المختل والتنمية الريعية التي لا تقوم على استراتيجيات بعيدة المدى وتؤدي إلى المديونية''. في السياق ذاته؛ أوضح السيد سلطاني أن الانتخابات في العالم العربي ''يجب أن يسبقها حوار اجتماعي واقتصادي وسياسي''. ودعا المشاركون في هذا الملتقى في بيان ختامي إلى ''ضرورة اعتبار مرور نصف قرن من استرجاع الجزائر سيادتها الوطنية فرصة ثمينة لإطلاق مشروع مراجعات حقيقية تستهدف تقييم خمسين سنة من العمل واستشراف الخمسين سنة القادمة''. ودعوا أيضا إلى جعل الذكرى ال50 للاستقلال ''محطة للتقييم والتقويم والتحضير لميلاد الدولة الجزائرية المنشودة'' وأوصوا بضرورة ''جمع ونشر التراث الفكري والسياسي والدعوي للمرحوم محفوظ نحناح''. كما دعوا إلى ''إعادة صياغة المشروع التنموي للدولة الوطنية الحديثة بما يحقق تطلعات الشعوب في الرقي والازدهار وفق قواعد الحكامة الراشدة والمواطنة الكاملة والحريات والديمقراطية التي تحترم إرادة الشعوب ومحاربة كل أشكال الفساد والاستبداد والخروج من المراحل الانتقالية الواقعة تحت ظل حالات الطوارئ المعلنة وغير المعلنة''. وناشد المشاركون النخب الاجتماعية من أحزاب ومجتمع مدني وعلماء وباحثين الاضطلاع بمهمة صياغة كتلة اجتماعية حقيقية تلتقي حول هدف مشترك ''لمعالجة الاختلال السياسي والاجتماعي بين السلطة والمجتمع''. ودعوا إلى ضرورة ''صياغة مشروع سياسي وإعلامي لمعالجة ظاهرة الاستقالة الشعبية من التأثير في الحراك السياسي الانتخابي وحالة الاحتقان واليأس من إمكانية تحقيق الأهداف والتطلعات بالطرق السلمية''. كما اعتبر المشاركون في الملتقى الذي حضرته شخصيات عربية الحراك السياسي والاجتماعي في المنطقة العربية ''صحوة ضمير جمعي تعمل على الانتقال من وضعية الشرعيات التاريخية إلى اليقظة الواعية التي لا تكتفي بمجرد إسقاط الأنظمة ولكن تتطلع إلى صياغة نظام سياسي جديد يحقق الوثبة الحضارية للأمة العربية والإسلامية بنظرة مستقبلية بعيدة المدى''.