عندما يتحد الصوتان القويان لكل من عبد الكبير مرشان وحميد قصري في طابع القناوي المغربي، فحتما ينتج عن ذلك فن أصيل وجميل وحينما يضاف إليهما عزف الجزائري كريم زياد على آلة الإيقاع (لاباتري)، فستكون خلاصة كل هذا حفل ناجح وهو ما كان عليه أول أمس في تظاهرة “خيمتكم” قرب فندق “هيلتون”. ترك المعلم حميد قصري إحياء مقدمة الحفل للمعلم عبد الكبير مرشان (الأكبر سنا والأكثر خبرة)، الذي ارتدى لباسا أخضر في حين لبس قصري رفقة أعضاء الفرقة المرافقة لهما لباسا أبيض يتخلله في بعض أجزائه اللون الأحمر، وكانت البداية طبعا بالمديح، حيث صلى مرشان على رسول الله الكريم، وذكر ابنته فاطمة وابنيها الحسن والحسين، كما استنجد بعفو الله الرحيم، وصاحب مديحه عزف قصري على آلة القمبري وكريم زياد على الطبل (لاباتري)، أما أعضاء الفرقة الآخرين فكانوا يرددون كلمات المديح ويقومون بحركات تدل على تأثرهم بالفن القناوي، فكانوا يرفعون أيديهم إلى الأعلى ويدورون على أنفسهم ومن ثم ينزلون إلى الأسفل دون أن ننسى تصفيقاتهم غير المتناهية. أما الأغنية الثانية فجاء فيها ترديد لكلمة السودان الدولة التي عرفت ميلاد القناوي، حيث أن القصري ينحدر من عائلة عبيد سودانيين استقروا بالمغرب، ليقدم الأغنية الثالثة في الحفل، حيث أطرب الجمهور بصوته القوي الذي اشتهر به في أنحاء العالم، وغنى عن رغبته في زيارة الولي الصالح كما استعاذ بالله من الشيطان الرجيم وردد دعاء “لا حول ولا قوة إلا بالله”، وجاءت هذه الأغنية بريتم هادئ سرعان ما تسارع لترتفع بدورها رقصات الجمهور الحاضر. وتوالت الأغاني في هذا الحفل وكلها تمدح الرسول وتطلب المعونة والمغفرة من الخالق العظيم، إضافة إلى التبرك بالأولياء الصالحين، فجاءت أغنية “لالة ميمونة” و«مولاي احمد” و«بابا موسى” وغيرها، كما ظهر على أعضاء الفرقة ملامح البهجة وهم يقدمون الفن القناوي بطبعة مغربية في الجزائر. للتذكير، يعتبر المعلم عبد الكبير مرشان أحد المعلمين الكبار والأوائل لفن القناوي بالمغرب ولم يسبق له أن قدم حفلا في الجزائر في حين شارك في العديد من المهرجانات العالمية، وقد بدأ دراسة فن القناوة وعمره لا يتجاوز تسع سنوات، على يدي المعلم العياشي باكيو سام والمعلم حميدة بوسو، وأنشأ فرقة “ولاد سيدي حمو” بمراكش. أما حميد قصري، فقد بدأ هيامه بالقناوي في سن السابعة على يدي المعلم عبد الواحد ستيتو والمعلم علوان، واستطاع بفضل علمه الغزير في هذا الفن وإتقانه له، أن يمزج بين قناوي شمال المغرب وقناوي جنوب المغرب ويجعل من هذا الفن الروحاني فنا واحدا يحمل نكهة خاصة، كما أدخل ابنته المراهقة عالم القناوي لتكون خير خلف لخير سلف، بينما كريم زياد فهو فنان جزائري وعازف آلة الإيقاع “لاباتري” للشاب مامي، صدر له ألبومان، الأول تحت عنوان “إفريقيا” ويضم نغمات قناوية والآخر في الجاز والفانك وغيرها.