اختتمت في ساعة متأخرة من ليلة الاثنين إلى الثلاثاء أشغال الدورة العشرين لمجمع الفقه الإسلامي، التي جرت وقائعها بمركز الاتفاقيات بوهران، بإشراف وزير الشؤون الدينية والأوقاف، السيد بو عبد الله غلام الله، الذي أكد في مداخلته الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة السياسية بالجزائر للجانب الديني والتعليم والتربية وليس أدل على ذلك من التطلع المتواصل للمواطنين وجموع المصلين خلال الجمعة الماضية التي كانت فرصة هامة لالتقاء المصلين بالكثير من هؤلاء العلماء في المساجد التي تم توزيعهم عليها من أجل إلقاء دروس وخطب نالت الكثير من الرضا في الأوساط الشعبية بشهادة الكثير من المصلين والأئمة. ومن هذا المنطلق، أكد وزير الشؤون الدينية والأوقاف أن وجود كوكبة هامة من العلماء بالجزائر في إطار أشغال مجمع الفقه الإسلامي ما هو إلا مرحلة من أهم المراحل لاستنباط الأحكام التي تساعد على إيجاد الحلول المناسبة لمختلف المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والفقهية التي يواجهها شباب الأمة الإسلامية قاطبة، مضيفا أن العلماء بصفتهم القدوة التي يجب اتباعها ينتظر منها الكثير في مجال جمع الصفوف وتوحيد المواقف ونبذ الخلافات والتوجه إلى الأمة الإسلامية بصوت الحق المستنبط من كتاب الله وسنة الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- لأن الناس -كما قال الوزير- يتفرقون عندما يتفرق وجهاؤهم وما الاتفاق إلا وسيلة لوحدة الأمة التي يساء إليها من جهات مختلفة كما هو الحال بالنسبة للفيلم المنتج في أمريكا المسيء للرسول -صلى الله عليه وسلم-. الفيلم يسيء إلى منتجه أكثر من إساءته إلى الرسول بهذه المناسبة، أكد وزير الشؤون الدينية أن الفيلم الذي أريد له المساس بتعاليم الإسلام ما هو إلا من عمل الشيطان الذي يفرق ما بين الناس في الوقت الذي يسعى فيه المسلمون إلى نبذ العنف ووضع يدهم في يد كل أفراد المجتمعات الغربية من أجل تقوية الروابط على أساس من السلم والمحبة والتعاون وتبادل المعلومات بالطرق الحضارية غير أن هناك من لا يهمه أن يتم هذا التقارب والتعاون فيلجأون إلى التفريق ما بين المسلمين والدول الغربية ليصل السيد بو عبد الله غلام الله إلى نتيجة مفادها أن هذه الإساءة ما هي إلا إساءة إلى أنفسهم وما يشعرون. أما الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد رئيس مجمع الفقه الإسلامي الدولي فقد أكد -بالمناسبة- أنه لا بد على المسلمين في كل بقاع العالم عدم الانجرار وراء هذه الاستفزازات التي من شأنها أن تزيد المسلمين عزيمة من أجل العمل والتدبر في شؤون المسلمين في تحقيق الرقي والتنمية وألا نعامل من أساؤوا إلينا إلا بالخير والكد والجد والاجتهاد في شتى المجالات العلمية والتكنولوجية وغيرها موجها -بالمناسبة- وصية للشباب من أجل عدم التطرف وسلوك المنهج الوسطي المعتدل القائم على الاحترام. أما فيما يخص التوصيات التي خلص إليها المؤتمرون فتصب كلها في خانة المطالبة بالعمل وفق الشريعة الإسلامية وما تنص عليه الأحكام الشرعية الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة إلى جانب اعتماد كفالة حق المسجون في التواصل الاجتماعي مع أسرته والسماح بتنظيم لقاءات بين الزوجين مع المحافظة على خصوصيتهما، كما طالب المجمع بعدم تطبيق عقوبة الإعدام إلا بعد توافر الأدلة والتثبت من الجريمة المرتكبة لأن الإعدام هو سلب الجاني حق الحياة بحكم قضائي عادل. وإلى جانب هذه التوصيات خلص المؤتمرون إلى إصدار ثلاثة بيانات يتعلق الأول بخصوص إنتاج الفيلم المسيء للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، مؤكدين أن العمل يتنافى مع كل الشرائع السماوية والمواثيق الدولية والقيم الإنسانية ويستفز الأمة الإسلامية جمعاء في أعز وأخص مقدساتها، كما أن هذا الفعل -حسب البيان- لا يخدم السلام ولا التعايش ويفضي إلى التطرف ويؤدي إلى ما لا تحمد عقباه، وفي هذا الإطار يطلب المجمع بعدم الاكتفاء بالإدانة التي لا يترتب عليها عمل حقيقي يوقفها عند حدها ويدعو الدول الإسلامية إلى اتخاذ مواقف حازمة وتحذير قادة الدول الغربية من مغبة آثارها على مصالحها ومستقبل علاقاتها مع الشعوب الإسلامية داعيا في نفس الوقت كافة منظمات المجتمع المدني في الدول الغربية إلى استنكار هذا السلوك الشاذ والاحتشاد خلف القيم الحضارية التي تصون عقائد أهل الأديان واحترام رموزهم، مطالبا الأممالمتحدة باستصدار قرارات ملزمة تجرم أي عمل يثير الكراهية ضد الإسلام ومسيء لرموزه ومقدساته. أما البيان المتعلق بمدينة القدس والمسجد الأقصى الشريف، أكد مجمع الفقه الإسلامي أنه يتابع عن كثب ما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي من انتهاكات متكررة بغية تهويد مدينة القدس والعمل على هدم مسجدها الأقصى المبارك من خلال مصادرة الأملاك وإنجاز مبان لفصل المدينة القديمة عن المسجد الأقصى والقيام بحفر قبور وهمية في مناطق عدة من الأراضي المقدسية واستمرار الحفريات مما يعرضه إلى الانهيار وهو ما يجعل المجلس –حسب البيان– يستنكر هذه الأفعال المشينة المتطرفة لفرض واقع جديد وتقسيم المسجد زمنيا ومكانيا، مؤكدا من وهران أن المسجد بكل ما فيه هو ملك للمسلمين وحدهم دون غيرهم لا يحق لغيرهم التصرف في أي جزء منه محملا سلطات الاحتلال مسؤولية المساس بحرمة المسجد الأقصى المبارك مناشدا المسلمين كافة بتحمل مسؤولياتهم الدينية تجاه مدينة القدس ومسجدها المبارك وهو الأمر الذي اغتنمه السيد بوعلام الله غلام الله للتأكيد على أنه تقرر في الجزائر إقامة وقف لصالح القدس ومسجدها الشريف وسينطلق العمل به قريبا جدا لمساعدة المقدسيين على الثبات أمام آلة القمع الإسرائيلية الوحشية كونهم -أي المقدسيين– الضمان الوحيد لبقاء القدس عربية إسلامية.