عرضت مسرحية «الجثة المطوقة» للأديب الجزائري الراحل كاتب ياسين، يوم الأربعاء بقاعة الموقار بالجزائر العاصمة، في إطار إنتاج مشترك بين فرقة «الربوة» من المسرح الجهوي لتيزي وزو وفرقة «كريارك» الفرنسية، وهذا ضمن عروض خارج المنافسة للطبعة السابعة للمهرجان الوطني للمسرح المحترف. وبحضور جمع غفير من هواة الفن الرابع وعلى مدار الساعة من الزمن، استمتع الحضور بهذا العمل المقتبس عن المسرحية الشهيرة لكاتب ياسين، والتي تناول من خلالها مجازر 8 ماي 1945 في سطيف، قالمة وخراطة، حيث تم اختيار هذا النص بمناسبة خمسينية استقلال الجزائر. وتصور المسرحية التي أخرجها الفرنسي رومانو غارنييه، وجاءت بالفرنسية والعربية الدراجة، تراجيديا أحداث 8 ماي 1945 التي عايشها الكاتب نفسه وهو لا يزال شابا، من خلال لوحات تعبر عن كفاح الشعب الجزائري، مع إبراز جانب من «التصادم» الذي حصل بين جيل تلك الأحداث وجيل الثورة الذي أشعل النار تحت أقدام المستعمر الفرنسي. والعرض الذي تقاسم الأدوار فيه تسعة فنانين -هم أربعة جزائريين وخمسة فرنسيين- ارتكز على ديكور بسيط وركح معتم زاده ظلمة الممثلون الشباب الموشحون بالسواد في إشارة إلى آلام مجازر 8 ماي والتضحيات التي اتخذها الجزائريون شعارا لأجل نيل حريتهم. وبدأ العمل على هذه المسرحية التي لاقت استحسان الجمهور في فيفري الماضي في فرنسا، وقد تمت المشاركة بها في أحد مهرجانات فرنسا وهي تعرض للمرة الأولى بالجزائر العاصمة. وعقب العرض، اعتبر المخرج رومانو غارنييه أن الأداء كان «موفقا وناجحا رغم وقت التحضير القصير»، مشيدا خصوصا بالتعاون الحاصل بين الشباب الجزائريين ونظرائهم الفرنسيين من غرونوبل، حيث وصفه ب «المثمر جدا». وأوضح المتحدث أن العمل «لا يمثل فقط لقاء فنيا وإنما إنسانيا أيضا، لأننا تعلمنا الكثير عن تاريخ الجزائر وخصوصا الأحداث التي تناولتها المسرحية، وهذا غير فينا كجزائريين وفرنسيين الكثير». ومن جهته، قال الممثل الفرنسي بنجامين تورنييه الذي أدى دور مصطفى المنتمي لجيل الثورة،إن «العرض الذي قدم بمناسبة خمسينية استقلال الجزائر تناول موضوعا عويصا»، معتبرا في نفس الوقت بأن الإخراج «كان معتدلا إلى حد بعيد». وأشاد تورنييه بالتميز اللساني لدى كاتب ياسين الذي «كتب مسرحيته بلغة فرنسية معقدة رغم صغر سنه آنذاك»، معربا أيضا عن إعجابه بالممثلين الجزائريين الشباب الذين «استطاعوا الجمع بين هذه اللغة المعقدة للمسرحية واللغة العربية». وفيما أبدى الممثل بوشباح وليد الذي أدى دور «لخضر» -الشخصية الرئيسية لهذا العمل- سعادته بتجسيد دور هذا الثوري «الذي اختاره كاتب ياسين ليعكس من خلاله أحداث 8 ماي 1945»، اعتبر يوسف واعلي قاسي أن أداءه لدور «الطاهر» (من الجيل القديم) جاء أساسا «ليبرز الصراع الذي كان بين الجيلين»، ولكنه «لم يدخل كثيرا في أعماق هذا الصراع».