مع كل بداية جديدة للعام الدراسي، تظهر متاعب إما جديدة أو متجددة بالنسبة للسيدات العاملات، لاسيَّما اللواتي لديهن أبناء في المرحلة الابتدائية ممن يعتمدون على الأم في توصيلهم لباب المدرسة وانتظارهم عند الخروج منها، أو في فهم الدروس وحل الواجبات المنزلية. وهذا يعني أن الجدول الزمني اليومي مع انطلاقة عام دراسي جديد يصبح أكثر ضغطا بالنسبة للسيدة العاملة.. يبدو أن العام الدراسي الذي انطلق قبيل أسابيع قليلة، قد أعاد معه حكايات التعب والإرهاق التي تعاني منها السيدات العاملات على وجه التحديد، خاصة بالنسبة للأمهات اللواتي يعملن في الإدارة، واللائي لم يتمكنّ من التأقلم مع ساعات الدوام الدراسي، رغم مرور سنة كاملة على تطبيقه. كما لا يظهر التعب فقط بسبب توصيل الأولاد، ولكنه يظهر أيضا في مراجعة الدروس، لذلك فإن بداية العام الدراسي يشكل ضغطا متزايدا على السيدات العاملات. فعلى سبيل المثال، يقع على عاتق بعض السيدات مهمة توصيل الأبناء إلى مدارسهم، وهذا يتطلب منهن الاستيقاظ في وقت مبكر عن المعتاد، حتى يصلن إلى عملهن في الوقت المناسب، مع الأخذ في الحسبان مشكلة ازدحام السير والطرقات في الفترة الصباحية، كما أنه يقع على عاتق الكثير منهن مهمة انتظار الأولاد عند الخروج صباحا من الأقسام، ثم إرجاعهم إلى المدرسة عند الظهيرة، وانتظارهم مجددا عند الخروج عند الثانية والنصف بعد الزوال. وتتطرق بعض السيدات في حديثهن ل«المساء” عن تعبهن من العودة للمدرسة، ويوضحن أن المدرسة حقيقة تنظم وقت الأم العاملة، ولكن المواقيت المدرسية تزيد بعض الضغط عليهن. فإحدى السيدات لما بادرناها بالحديث، قالت في تأفف كبير بأنها لم تكد تنعم بالعطلة السنوية حتى فجاءها الدخول المدرسي، وهو ما زاد في مسؤولياتها، خاصة وأن لها ثلاثة أطفال متمدرسين في المرحلة الابتدائية. أما سيدة أخرى فعلقت تقول: “أحس أنني أعمل بدوامين اثنين.. مما يزيد من الضغط والشقاء اليومي علي، فمجرد التفكير في دوام ابني المدرسي، وفي من يعتني بتوصيله وإعادته للمدرسة ضغط بحد ذاته. وخلال عملي، ينصب فكري كله عليه وعلى أخته الموجودة في الحضانة.. وهكذا حتى أدخل المنزل مساء”. من وجهة نظر أم أحمد، ومن واقع تجربتها الخاصة كربة منزل وعاملة، بعد مضي حوالي 6 سنوات على زواجها، تؤكد أنه من الصعب جداً على أي سيدة أن توفق بين عملها وبيتها، لذلك كانت تفكر مع بداية كل عام دراسي في ترك وظيفتها، موضحة بالقول؛ “في نظري، صعب جداً أن يتفق العمل والزواج سويا، رغم أنه لدي ثلاثة أبناء، فإنني أجد نفسي دائماً مضغوطة بأعباء المنزل التي لا تنتهي أبداً، وطفلي الصغير بحد ذاته شغل شاغل، كما تتطلب مني الفترة الصباحية جهدا أكبر قبل الذهاب إلى عملي، حيث أنني أعتمد على أمي في انتظار أطفالي عند الغداء، وبعد الدوام أنشغل بتحضير العشاء، ثم أتفرغ مجبرة لتدريس الأطفال قبل خلودهم للنوم.. أحياناً لا أجد وقتا لنفسي، وهذا ما يزيدني إرهاقا وتعبا، لكنني مضطرة على الاستمرار في العمل بسبب الظروف الاقتصادية”, من جانبها، تؤكد سيدة أخرى أن عمل الأم أمام مسؤولية البيت وتدريس الأبناء عبارة عن كفاح وجهد وتعب مستمر، ومع ذلك، تشير المتحدثة إلى أن النظام وحده كفيل بتخطي تلك الصعوبات، تقول: “في السابق، كانت بداية العام الدراسي صعبة بالنسبة لي، لكن بفضل التعود وتقدم الأبناء في المراحل الدراسية تسهل علي المهمة بعض الشيء. أعترف أن الضغط يزداد على الأم العاملة مع العودة للمدارس، ولكن ماذا يمكننا فعله؟ -تتساءل المتحدثة وتواصل-؛ أعتقد أن ضيق وقت المرأة العاملة يدفع بها إلى العزيمة أكثر، فوقتها الدقيق جدا يجعلها دائما أكثر حرصا على تنظيمه واستغلاله لتحقيق النجاح، لذلك أؤكد على أن تنظيم الوقت واستغلاله جيدا هو المخرج الوحيد من دوامة الضغط على الأم العاملة”. والأكيد أن بداية كل عام دراسي تكون صعبة بالنسبة للسيدات العاملات، كون العطلة الصيفية الطويلة تعوّدها على روتين الراحة وعدم القلق على الأبناء وهي في العمل، لكن كل شيء بحسابه، وبما أنه لا يمكنها التخلي عن وظيفتها لسبب أو لأخر، فإنه من الأحسن التأقلم مع الوضع، والأكيد كذلك أن القلق والتوتر من بدء الدوام المدرسي يقل عاما تلو الآخر..