تحتفل أيام قرطاج السينمائية في طبعتها ال 24 بالذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر، عبر تكريم السينما الجزائرية التي تمكنت من احتلال مكانة بارزة في المشهد السينمائي العربي والعالمي بفضل مواكبته لثورة التحرير المظفرة ومسايرة سائر المنجزات منذ فجر الاستقلال وفق ما اجمع عليه المنظمون. ستكون الجماهير على موعد مع أهم المنجزات الفنية التي تمثل كل الأجيال التي صنعت السينما في الجزائر، انطلاقا من الأشرطة الوثائقية التي وثقت لحرب التحرير ووصولا إلى أحدث الأعمال التي أنجزها السينمائيون الشبان ومرورا بعمالقة الإخراج أمثال لخضر حامينة وأحمد راشدي ومرزاق علواش ورشيد بوشارب وغيرهم. وخلال سلسلة اللقاءات والموائد المستديرة المنظمة على هامش الأيام السينمائية، سجل إجماع على أن ما يميز السينما الجزائرية -من حيث المنبع والمسار والهدف- أنها تأسست على قواعد سليمة وسارت بخطوات مدروسة بالمقارنة مع التجارب السينمائية العربية الأخرى، فقد كان الفن السابع الجزائري أحد المعطيات التي أفرزتها الثورة التحريرية المسلحة بل إن مجموعة من السينمائيين استشهدوا في المعارك التي اندلعت ضد المستعمر أمثال فاضل معمر زيتوني وعمان مرابط ومراد بن رايس وصلاح الدين سنوسي وعبد القادر حسينة وعلي جنادي وسليمان بن سمعان. وقد أمكن للجزائر في الوقت الراهن أن تحتل مكانة متميزة في المشهد السينمائي العربي والعالمي ولا أدل على ذلك من أنها ظلت البلد العربي الوحيد الذي اكتسح أسوار مهرجان “كان” الدولي ليقطف “السعفة الذهبية” عام 1975 عبر فيلم “وقائع سنين الجمر” للمخرج الجزائري لخضر حامينة. وعاد الفن السابع الجزائري ليحدث ضجة أخرى في السينما العالمية عندما قدم المخرج رشيد بوشارب فيلمه «الخارجون عن القانون” في مهرجان “كان” الدولي وهو الشريط الذي ما انفك صداه يتجدد ويتسع لغاية الساعة. ولم يفوت السينمائيون الجزائريون الفرص العديدة التي أتيحت لهم ضمن إطار مهرجان قرطاج السينمائي حيث افتك المخرج مرزاق علواش “التانيت الذهبي” عام 1978 بفيلمه “مغامرات بطل” ليفوز من جديد عام 1996 بنفس التتويج عن فيلمه “سلاما يا ابن العم” وذلك في انتظار ما ستناله الأفلام الجزائرية خلال الدورة الحالية من جوائز وميداليات تعزز بها رصيدها ومكانتها. على صعيد آخر، أكد مدير مهرجان قرطاج السينمائي الدولي السيد محمد المديوني، أول أمس، أن الدورة 24 الجارية ترمي إلى فتح آفاق متجددة أمام الفن السابع في العالم العربي والقارة الإفريقية لاسيما في ظل التطورات التي وقعت في المؤثرات الرقمية والسمعية البصرية بفعل العولمة والتي غيرت منهج مسارات الإنتاج والتوزيع والعرض. وأبرز أن الغاية من مواصلة تنظيم هذا الحدث الفني الدولي تكمن في تفعيل وتطوير السينما العربية والإفريقية ودعم رموز ورواد الفن السابع من الجانبين وتشجيع المواهب وفتح الآفاق أمامهم بل جعل من الصورة والصوت أداة لخدمة القضايا المصيرية للشعوب العربية والإفريقية. وركز السيد محمد المديوني على القيم التي تعكسها أيام قرطاج السينمائية والرامية إلى إقامة سينما وطنية في الدول العربية والإفريقية كافة وإنتاج صورها وإيصالها لشعوبها وتفعيل التوزيع، مؤكدا أن التغيرات التي وقعت بفعل العولمة وما ترتب عنها من تحولات سياسية واقتصادية وثقافية وتطورات في المؤثرات البصرية والسمعية والرقمية والتقنية قد غيرت منهج مسارات الإنتاج والتوزيع والعرض. وبين أن المهرجان الذي يحضره خبراء سينمائيون وفر فرصا لتنظيم ورشات عمل للمنتجين وورشات لدعم المشاريع ومنح الشباب فرصة لعرض أعمالهم علاوة على دعم المنتجين والمخرجين العرب والأفارقة وتمكينهم من التعريف بمشاريعهم لدى مختلف شركاء مهرجان قرطاج السينمائي بغية إقناعهم بالمشاركة في تمويلها. وبخصوص السينما العربية بين مدير مهرجان قرطاج السينمائي أنه تقرر تكريم السينما الجزائرية والسينمائيين الجزائريين بمناسبة الذكرى ال50 لاستقلال الجزائر وذلك من خلال عرض أهم منجزات الفن السابع في الجزائر وتنظيم لقاءات مع محترفي السينما من منتجين ومخرجين وموزعين علاوة على تنظيم موائد مستديرة حول الشراكة في الإنتاج ومراكز السينما وماضي وحاضر ومستقبل متحف السينما الجزائرية.