تكشف الدراسات الوبائية المتخصصة، أن الإصابة بسرطان عنق الرحم في الجزائر عرفت استقرارا ملحوظا في السنوات ال20 الأخيرة، وهذا بفضل حملات التشخيص المبكرة وفحص ”الفروتي”، تحديدا، الذي أسس له البرنامج الوطني للتشخيص الذي ينتظر الأخصائيون وقفة تقييمه له لاحقا. أوضحت خبيرة الصحة العمومية، البروفسور دليلة حمود، أن سرطان عنق الرحم يعتبر ثاني سرطان في العالم بإحصائه ل 500 ألف إصابة جديدة في السنة؛ 80 بالمائة من مجمل الحالات محصاة في البلدان النامية، في الوقت الذي نجحت البلدان المتقدمة في جعله سابع سببية للوفيات، فإنه يأتي في المرتبة الثانية لسببية الوفيات في البلدان السائرة في طريق النمو. في الجزائر، تحصي المصالح المتخصصة ما بين 2000 إلى 3000 حالة إصابة جديدة بسرطان عنق الرحم، ويؤكد المختصون أنه بالإمكان تفادي هذه الإصابات الجديدة بالتحسيس والتوعية، العامل الذي يسجل نقصا كبيرا، إضافة إلى نقص الوسائل المادية والبشرية العاملة في الجانب الإعلامي التوعوي. كما تشير الأرقام إلى أن سرطان عنق الرحم يأتي في المرتبة الثالثة بعد سرطان الرئة وسرطان الثدي، أي بمعدل إصابة محدد ب 10 بالمائة لكل 100 ألف امرأة. وتشير ذات المختصة خلال يوم دراسي حول سرطان عنق الرحم، نظم مؤخرا بولاية البليدة، أن التأخر في التشخيص يعني حتما التأخر في الوقاية، ”لأن التشخيص في هذه الحالة، ونعني به فحص ”الفروتي”، يعني القضاء على نسبة 98 بالمائة من احتمال توطن السرطان عند المصابة”، تقول الخبيرة، في الوقت الذي تظهر دراسة سبر أراء لجمعية ”البدر” لمساعدة المرضى المصابين بالسرطان، أجرتها على عينة من 331 امرأة من 25 إلى 55 سنة في الفترة الممتدة ما بين 13 ديسمبر 2012 و12 جانفي 2013، تظهر أن ”هناك معرفة مقبولة بسرطان عنق الرحم وبإمكانية الشفاء منه بالتشخيص المبكر عند 72.2 بالمائة من العينة، مقابل 27.79 بالمائة من العينة تجهل المرض وكيفية الوقاية منه، مما يعني أن عملا تحسيسيا كبيرا في انتظار المجتمع المدني للتأسيس لثقافة صحية سليمة في هذا الجانب”، يقول الدكتور ياسين تركما القائم على الدراسة، مثمنا جهود القابلات وأطباء النساء والتوليد في الحث على القيام بفحص مبكر، خاصة أن الكفاءات موجودة والوسائل كذلك، مما يعني ”التخفيف من حدة المرض وتكاليفه”، علما أن 40 بالمائة من مجموع المصابات بسرطان عنق الرحم يتوفين سنويا لأسباب كان من الممكن تفاديها، حسبما أشارت إليه الدكتورة زكية سعدي في تدخلها، وذكرت أن سرطان عنق الرحم يمكن اكتشافه مبكرا عن طريق خضوع النساء الناشطات جنسيا لفحص مهبلي أو (فروتي) مرة كل 3 سنوات، ولكن لنقص الإعلام والتحسيس، فإن الجزائر تسجل نقصا كبيرا في القضاء على هذا النوع من السرطان الذي وصلت بلدان متقدمة مثل فنلندا، السويد وفرنسا من القضاء عليه بنسبة 90 بالمائةعن طريق جعل الفحص المبكر إجباريا لكل فتاة تجاوزت 20 سنة، على عكس مجتمعنا، حيث لا تولي نسبة كبيرة من الجزائريات وتحديدا المتزوجات، أهمية ل”الفروتي” لجهلهن لماهيته أولا، ووقايته من الأمراض ثانيا، مع الإشارة إلى أن هذا الفحص عند فئة النساء الناشطات جنسيا يسمح بالتشخيص المبكر لفيروس (HPV) قبل أن يتطور إلى سرطان. و(HPV) عبارة عن فيروسات مجهرية قطرها من 45 إلى 55 مليمترا، إذ تصل أنواعه إلى 13 نوعا، ولكن أخطرها رقميا 16 و18 اللذان وُجد لهما لقاح، وهو متوفر في الجزائر منذ سنوات، ويخص البنات من الفئة العمرية 11 و26 سنة، ويحمي بالأساس من هذين النوعين من الفيروس، تحديدا بنسبة تصل إلى 70 بالمائة، ولهذا يشدد المختصون على أهمية القيام بفحص ”الفروتي”. للإشارة، يكلف سرطان الثدي وعنق الرحم الخزينة العمومية للحالة المتقدمة الواحدة 5 مليون دج بالنسبة للأول، ومليونين ونصف بالنسبة للثاني.