أكد رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، أن يوم 19 مارس 1962 "محطة مفصلية في التاريخ الجزائري تنطوي على مدلول قيمي كبير وعلى زاد نفيس من الدروس والعبر التي يتعين على الجيل الجديد أن يتزود ويستفيد منها"، مشيرا إلى أنها تمثل "إيذانا ببداية مسار تاريخي جديد يتمثل في الكفاح من أجل البناء والتعمير يستلهم عزيمته من تلك الروح التي حدت مسيرة استرجاع السيادة الوطنية وتخليص الوطن من الاحتلال الأجنبي". وأوضح رئيس الجمهورية في رسالة وجهها إلى المشاركين في ملتقى حول تطور جيش التحرير أثناء ثورة الفاتح نوفمبر المنظمة بمناسبة الذكرى ال51 لعيد النصر، قرأها نيابة عنه السيد محمد علي بوغازي، مستشار برئاسة الجمهورية أنه "في مثل هذا اليوم افتكت الأمة ما أرادته وبالقدر الذي يتكافأ مع ما تكبدته من الويلات وما بذلته من المهج والتضحيات، ووفق الخطة التي سارت عليها ثورة التحرير من وحدة التراب الوطني واستقلال يشمل السيادة الكاملة للدولة الجزائرية". وذهب الرئيس بوتفليقة إلى إبراز عبر هذه الذكرى بفضل تحلي السلف بالروح الوطنية والتي حصنت الانتصار من المحاولات التي كانت تطمح إلى الالتفاف عليه، مشيرا إلى أن حضورها كان "خير معين على تحقيق الأهداف التي كانت ترمي إلى التخلص من مخلفات الاستعمار وهي مهمة لا تقل شأنا ولا خطورة عن الكفاح من أجل التحرر ذاته". وذكر رئيس الجمهورية قائلا: "بالأمس القريب كانت حمولة الانتصار الذي حققناه بالدم والروح الوطنية السخية المتوارثة عبر الاجيال هي التي ساعدتنا على تجاوز المحن والابتلاءات بما في ذلك ما عشناه إبان عشرية البغي والدمار". مضيفا أن "هذا التراث الطيب ذاته هو الذي حول فقدان التوازن على طاقة مقوية مكنت الوطن من أن يعود إلى واحدة السكينة والمصالحة والالتحام والوحدة بنفس القوة وإلى استئناف مسار التنمية والنهوض". وأمام التحديات الجديدة، شدد الرئيس بوتفليقة على أهمية المحافظة على هذه الروح وإبقاء جذورها متأججة، مشيرا إلى أن نوعية العمل الوطني الذي يجري إنجازه يفرض التسلح بروح الوطنية، انطلاقا من أن صون مصلحة البلاد ليس شعارا للاستهلاك بل هو ضرورة حيوية ومصيرية. وفي تحذير لما قد يحاك ضد مصلحة البلد، أكد القاضي الأول في البلاد على ضرورة الالتفاف الجماعي عندما يتعلق الأمر بالوطن وبمصيره وسلامته وحرمته وسيادته وبما لا يصطدم مع التجديد والإصلاح، دون أن يقف ذلك ضد حرية الأشخاص في التعبير عن القناعات والدعاية لها مع ضمان الدولة الحماية لهم. مضيفا في هذا السياق "إذا كان من حق الناس أن يعملوا وأن يختلفوا كيفما يشاؤون، فإن هناك سقفا لا يسوغ لأحد أن يتطاول أو يعلو عليه، انه سقف الوطن الذي لايكون الولاء إلا له". وكان الملتقى الوطني حول "تطور جيش التحرير الوطني إبان الثورة"، قد افتتحه أمس وزير المجاهدين السيد محمد الشريف عباس، الذي دشن أول أمس ساحة عمومية بوسط مدينة تبسة، أطلق عليها اسم "ساحة 19 مارس 1962". وفي مستهل زيارته التي تواصلت إلى غاية أمس أشرف الوزير الذي كان بمعية السلطات المحلية المدنية والعسكرية أيضا على حفل إطلاق اسم المجاهد الراحل براكني بن يونس، الذي وافته المنية يوم 26 فيفري 2006 بتبسة على حي 500 سكن. وتواصلت الاحتفالات المخلدة لعيد النصر بتبسة بتسليم أوسمة وهدايا رمزية لأرامل شهداء وكذا تنظيم عدة نشاطات ذات طابع ثقافي وفني ورياضي منها معرض للصور الفوتوغرافية وقصاصات صحف حول الحرب التحريرية. وقد أحيت أمس ولايات وسط البلاد على غرار باقي ولايات الوطن الذكرى بتنظيم عدة مراسم، موازاة مع تنشيط محاضرات ومعارض وتدشين عدة هياكل ومرافق إدارية. فبولاية تيزي وزو تميزت الاحتفالات بهذا اليوم بتنظيم تجمع للمجاهدين والسلطات المحلية وعديد المواطنين بمقبرة الشهداء بالمدوحة، حيث تم وضع إكليل من الزهور ورفع العلم وقرئت فاتحة الكتاب على أرواح أولئك الذين قدموا النفس والنفيس لأجل أن تعيش الجزائر حرة. كما تم تنظيم نشاطات متنوعة مخلدة للذكرى ببومرداس بحضور السيدة خليدة تومي وزيرة الثقافة وجمع من المدعوين والمجاهدين. وتفقدت الوزيرة مبنى الهيئة التنفيذية المؤقتة للحكومة الجزائرية (19 مارس 1962 إلى 3 جويلية 1962) المستغل حاليا من قبل رئاسة جامعة أمحمد بوقرة، الذي يجري حاليا تصنيفه ضمن المعالم الأثرية الوطنية التاريخية. أما بولاية البليدة، فقد أشرفت السلطات المحلية على تدشين وكالة بريدية بحي المهادة بدائرة مفتاح وقاعة متعددة الرياضات بمتقنة الرائد مقراني السعيد وقاعة للمطالعة تأتي تلبية لانشغالات مواطني المنطقة. وبولاية تيبازة، فقد شكلت المناسبة فرصة لإعطاء إشارة الانطلاق لملحقة بلدية لمواطني حي تسعة شهداء بأعالي مدينة بوسماعيل الساحلية إلى جانب تدشين معالم تذكارية مخلدة لشهداء الثورة المجيدة بكل من عين تاقورايت وبوهارون وخميستي. أما بولاية البويرة، فقد زار والي الولاية السيد ناصر معسكري بهذه المناسبة متحف المجاهد بعاصمة الولاية الذي عرف عملية إعادة تهيئة وترميم لبنايته حولته إلى تحفة رائعة فضلا عما تزخر به أجنحته وأروقته اليوم من أثار تاريخية عن بطولات ومآثر الثورة التحريرية المجيدة. وبولاية الجلفة، تميزت الاحتفالية بتنظيم عملية تشجير واسعة بمحيط مقبرة الشهداء أشرفت عليها الإذاعة المحلية بالتنسيق مع محافظة الغابات. وبالمناسبة أطلقت السلطات المحلية للولاية اسمي الشهيدين "بوزيدي مسعود" و«بايرش بلقاسم" على مؤسستين تربويتين بعاصمة الولاية.