اقترحت الجزائر، أمس، على الدول الآسيوية استغلال فرص الاستثمار المتاحة لديها والمشاركة في الجهد التنموي الذي شرعت فيه خلال السنوات الأخيرة، ترقية النشاطات الاقتصادية المنتجة والتخلص من التبعية للمحروقات، داعية المؤسسات الآسيوية إلى إقامة شراكة مربحة مع نظيراتها الجزائرية، لاسيما في القطاعات الواعدة. ففي مداخلة له أمام المشاركين في أشغال منتدى "بواوو" الآسيوي الذي تحتضنه مدينة هينان الصينية من 9 إلى 8 أفريل الجاري، أبرز السيد عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة، الذي يمثل رئيس الجمهورية في هذا اللقاء، أهمية البرامج التنموية التي باشرتها الجزائر في السنوات الاخيرة من أجل دعم العديد من القطاعات الإقتصادية المنتجة وتنويع محركات النمو الاقتصادي في البلاد، داعيا مؤسسات الدول الآسيوية المتفوقة إلى المشاركة في هذا الجهد التنموي عبر إقامة استثمارات مكثفة موجهة نحو القطاعات المنتجة، ونسج علاقات شراكة مع المؤسسات الجزائرية تعود نتائجها بالفائدة المشتركة. وذكر ممثل الرئيس بوتفليقة بالمناسبة بأن البرامج الطموحة للاستثمارات العمومية التي أطلقتها الجزائر سمحت لها بتوسيع منشآتها القاعدية، فيما مكنتها سياسيتها الحكيمة في مجال التسيير المالي من تطهير وضعيتها المالية عبر التحرر من المديونية الخارجية، مؤكدا بأن هذه الجهود كان لها انعكاس إيجابي على النمو الاقتصادي في البلاد، تجلت معالمه في التحسن الملحوظ في مؤشرات الاقتصاد الكلي. كما أبرز السيد بن صالح العوامل الإيجابية التي تتميز بها السوق الجزائرية، مشيرا إلى أن الجزائر التي تعتبر سوقا مفتوحة في الفضاءات المتوسطية والعربية والافريقية، نجحت في إيجاد بيئة اقتصادية سليمة، وتهيئة مناخ أعمال جذاب للاستثمارات الأجنبية. وتطرق في نفس الصدد إلى الإصلاحات السياسية التي بادر بها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، مؤكدا بأن هذه الإصلاحات تهدف بالأساس إلى تعميق تجربة الجزائر في مجال الديمقراطية وتعزيز دعائم دولة القانون. ورافع السيد بن صالح في مداخلته لصالح التنمية في القارة السمراء، مذكرا بالمناسبة بالمحن الكثيرة التي عرفتها هذه القارة عبر تاريخها الطويل. مبرزا في الوقت نفسه تمتعها بخيرات طبيعية هائلة ظلت محل أطماع العديد من الدول، وأخضعتها لمختلف أشكال الاستغلال والنهب. وبعد أن أشار أيضا إلى الهزات العنيفة التي مست الجهد التنموي الذي استثمرت فيه إفريقيا جراء الأزمات الاقتصادية العالمية المتعاقبة واستمرار العلاقات الاقتصادية العالمية غير المتكافئة، وتعرض القارة للإقصاء من الاقتصاد العالمي وصنع القرار بفعل العولمة المتسارعة، أكد السيد بن صالح بأن إفريقيا تمكنت رغم ذلك وبفضل مبادرة "النيباد" من أن تمنح لنفسها الوسائل المؤسساتية لإرساء نمط جديد من التنمية الشاملة متعددة الأبعاد. وللإشارة، فإن منتدى "بوواو" يهدف إلى أن يكون أرضية للتبادل بين جميع البلدان الآسيوية وباقي بلدان العالم في المجال الاقتصادي، حيث يمنح هذا الفضاء الدولي إطارا لالتقاء الفاعلين الاقتصاديين الآسيويين والدوليين للتعبير عن آرائهم من أجل تطوير وتعميق العلاقات التجارية والاستثمار وترقية الشراكة ومواجهة التحديات الاقتصادية المتزايدة. وقد تحول المنتدى الذي تأسس رسميا في 27 فيفري 2001 وعقد أول مؤتمر له في أفريل 2002، إلى حدث اقتصادي هام يحظى باهتمام مختلف مناطق العالم لما تعرفه منطقة آسيا حاليا من ديناميكية اقتصادية. وكانت الدورة الاخيرة لهذا المنتدى انعقدت من 1 إلى 3 أفريل 2012 ودرس خلالها المشاركون الأسباب الرئيسية للهشاشة الاقتصادية العالمية والتنمية المستدامة في آسيا.