كشف المستشار برئاسة الجمهورية، السيد كمال رزاق بارة، أن الجزائر وبدعم من شركائها، تعتزم اقتراح مبادرة جديدة في إطار الاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب، تأخذ بعين الاعتبار التطور الذي تشهده هذه الآفة، مضيفا في هذا الصدد أن "الإرهاب الجهادي أو القائم على أسس دينية أصبح اليوم يفسح المجال أكثر فأكثر لأشكال إرهابية أخرى كتهريب المخدرات". وإذ لم يفصح عن تفاصيل هذه المبادرة، فقد أشار السيد رزاق بارة، أمس، في تصريح للقناة الثالثة للإذاعة الوطنية "أن إفريقيا التي تفتقر للمناعة بسبب هشاشة حدودها وتنقل الأسلحة والنزاعات التي لم تهدأ والمشاكل الإنسانية وإشكاليات الحكامة والتنمية، تمهد اليوم لترسيخ تطور هذه الآفة التي تهدد السلم والأمن العالميين". وذكر في هذا الإطار بأن مجلس الأمن الأممي، قد أكد خلال اجتماعه يوم الاثنين الماضي أنه يسجل التغير الذي طرأ على طابع الإرهاب في إفريقيا، معربا عن "انشغاله" بالعلاقة "الوثيقة"، في العديد من الحالات القائمة، بين الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود. ويرى المستشار برئاسة الجمهورية أن الإرهاب "لا يمكن أن يهدد التوازنات العامة للدول وخاصة أمنها إلا أنه يبقى قوة هامة للمساس بالأمن العمومي". كما تطرق السيد رزاق بارة للاعتداء الذي استهدف المركب الغازي لتيقنتورين (إن أمناس) في جانفي الماضي، مشيرا إلى أن هذا العمل الإرهابي كان يرمي إلى تحقيق ثلاثة أهداف وهي تنصيب مختار بلمختار كزعيم للإرهاب في المنطقة واحتجاز أكبر عدد ممكن من الأجانب لمساومة بعض الدول، خاصة منها الغربية، وتدمير أحد رموز الصناعة الغازية في الجزائر. وقال في هذا السياق "كان التوجه واضحا في أعلى هرم الدولة وهو سد الطريق أمام الإرهابيين حتي لا يحققوا أهدافهم". وفي سياق تعزيز استراتيجية مكافحة الإرهاب، أكد المستشار لدى رئاسة الجمهورية أن الجزائر تريد جعل منع دفع الفدية للجماعات الإرهابية "أكثر تقييدا" بالنسبة للدول، التي تجد نفسها تحت التأثير القوي للرأي العام من أجل الحفاظ على حياة الرهائن في حال اختطافهم من قبل الجماعات الإرهابية. وأوضح السيد رزاق بارة أن معظم البلدان بما فيها الجزائر المدعومة أساسا من قبل بريطانيا "ترى بأن دفع الفدية يفتح الباب أمام المزيد من عمليات احتجاز الرهائن وتسهيل تمويل الإرهاب"، مشيرا إلى أن الإرهابيين الذين ينشطون في منطقة الساحل يكونون قد جنوا حوالي 150 مليون اورو من الفديات منذ 2003. وأشار ضيف القناة الثالثة في هذا الصدد إلى أن بريطانيا ستعرض خلال قمة مجموعة ال8 المقبلة بإيرلندا الشمالية مبادرة لحمل البلدان الأخرى الأعضاء في مجموعة ال8 على الالتزام بعدم دفع الفدية للجماعات الإرهابية، في حين أعرب عن ارتياحه لالتزام مجلس الأمن الأممي خلال اجتماعه يوم الاثنين الماضي عن "عزمه" مكافحة دفع الفدية عند احتجاز الرهائن. وفيما يخص تأمين البلاد، أكد السيد رزاق بارة أن هذه العملية تتم طبقا للاتفاقات المبرمة مع دول الجوار. مضيفا في هذا الصدد "هناك ترتيبات قد تم اتخاذها لمنع الجماعات الإرهابية من التنقل بحرية" وأنه على الرغم من عدم الاستقرار السائد في البلدان المجاورة الذي عقد الوضع، إلا أن الجميع واعون بأن الأمن هو بالضرورة قضية جماعية". وعن سؤال حول ما قد يترتب عن الوضع السائد في بعض البلدان المجاورة من انعكاسات على الأمن في البلاد، أجاب السيد رزاق بارة قائلا: "إن تطور الأحداث في المنطقة يجعلنا نتوخى اليقظة ونعزز الجبهة الداخلية التي برهنت على أنها قوية". وفي هذا الصدد، قال إن المطالب الاجتماعية في الجزائر وخاصة ما تعلق منها بالشغل والسكن هي "مطالب مشروعة"، إلا أنه ينبغي أن يتم التعبير عنها في إطار مؤسسات قوية وديمقراطية وتعددية تتماشى والإرادة في تامين مستقبل البلاد". وتعقيبا على "التصريحات الحاقدة" إزاء الجزائر، التي أدلى بها حزب سياسي مغربي، ذكر السيد بارة أن الجزائر "تريد السلم والأمن والاستقرار داخل حدودها وفي كامل المنطقة على حد سواء". مضيفا في هذا الصدد أن "أي تصريح قد يأتي معاكسا لهذه الإرادة غير مرحب به". وعن سؤال حول مصير الرهائن الجزائريين المحتجزين في مالي، أوضح السيد رزاق بارة أن هذا الملف يشكل "انشغالا دائما" لكافة المؤسسات والهيئات التي تتكفل بهذه المسألة" بهدف إعادتهم سالمين معافين إلى البلاد. وبخصوص قضية اغتيال رهبان تيبحيرين، قال السيد بارة أن "الحقيقة تظهر دائما"، في إشارة إلى شهادات إرهابيين سابقين أكدوا تورطهم المباشر في اغتيال الرهبان الفرنسيين السبعة بولاية المدية سنة 1996. وأوضح المستشار بالرئاسة أن هذا العمل الإرهابي المأساوي قد استغل للقيام بمناورات ضد مؤسسات جزائرية لا سيما الأمنية منها. وكانت الاسبوعية الفرنسية "ماريان" قد أدرجت في عددها الأخير شهادات حصرية لإرهابيين سابقين من الجماعة الإسلامية المسلحة، أكدوا تورطهم المباشر في اغتيال سبعة رهبان فرنسيين لتيبحيرين يوم 21 ماي 1996، أي شهرين بعد اختطافهم من كنيسة "سيدة الأطلس" خلال سنوات الإرهاب. واستنادا إلى شريط وثائقي ينتظر أن يبث يوم 23 ماي الجاري على القناة الفرنسية "فرانس3"، خصصت اليومية صفحتها "الحدث" لهذه المأساة تحت عنوان "الحقيقة حول اغتيال رهبان تيبحيرين" وقعه مارتين غوزلان.