هجر أزيد من 70 % من القسنطينيات شراء الذهب نتيجة الارتفاع الجنوني الذي يعرفه هذا المعدن في السنوات الأخيرة، سواء في الأسواق العالمية أو المحلية، الأمر الذي أدى إلى تقليص الطلب على المعدن الأصفر وارتفاع الطلب على الأكسسوارات والحلي الفضية، بما تقدمه من أشكال، نماذج وتصميمات مبدعة. فاق سعر الغرام الواحد من الذهب أزيد من 5 آلاف دج، مما جعل أغلب النساء يتجهن إلى حلول بديلة يرين فيها الملاذ الوحيد، سواء تعلق الأمر بالذهب المقلد أو (البلاكيور) أو الأكسسوارات، وحتى الحلي الفضية التي تتراوح أسعارها مابين ال 300 و 700 دج للغرام الواحد. ”المساء” تحدثت إلى خالد، وهو صاحب محل لبيع الفضة في سوق الرتاج بالمدينة الجديدة علي منجلي، حيث قال؛ إن الفضة اليوم سحبت البساط من الذهب وحتى ”البلاكيور”، بعد أن أصبح الإقبال على شرائها خلال السنوات الأخيرة ينافس الذهب، وأصبح ارتداؤها دليلا على الأناقة وحسن الذوق، خاصة مع التنوع في أشكالها وألوانها، إلى جانب التطور الكبير في صناعتها، إذ ساهم كثيرا في رواجها ومضاعفة نسبة الإقبال عليها، مضيفا أن تصاميمها المبتكرة أصبحت بديلا أنيقا للذهب الخالص، إلى درجة تخلي بعض النساء عن فكرة ارتداء الحلي الذهبية والتوجه إلى الفضة الأصيلة. ويضيف التاجر أن صانعي الفضة باتوا اليوم يتسابقون لابتكار تصاميم معاصرة تخطف أنظار الفتيات والسيدات وتثير اهتمامهن، حيث باتت الفتيات والسيدات يقبلن على هذا النوع من الزينة لتكلفته المحدودة من جهة، وتنوع تصاميمه وأشكاله من جهة أخرى. واعتبر خالد أن انتشار بيع الفضة في السابق بعاصمة الشرق، كان يعتمد على أنواع معينة من الفضة التي تعبر عن الحضارة الأمازيغية العريقة والذوق الرفيع، إضافة إلى تصاميم الفضة الخاصة بسكان الجنوب الجزائري ”التوارق”، إلا أن التطور والانفتاح على الأسواق الخارجية ساهم بشكل كبير في انتشارها، خاصة تلك المستوردة من إيران، تركيا وتايلاندا على اختلاف أنواعها وأشكالها. فبعد أن كان التصنيع معتمدا على ثلاث أو أربع قطع، بات اليوم يفوق 500 موديل ونوع تختلف عن التقليدية في بعض التفاصيل، كالأحجار الصغيرة التي تزينها بألوان مختلفة؛ كالبنفسجي والوردي. مضيفا في نفس السياق، أن الفتيات المهووسات بالمسلسلات التركية، خاصة مسلسل ”حريم السلطان” الذي يعود له الفضل حسبه في ازدهار أكسسوارات الفضة التي كانت ترتديها الممثلات التركيات، كما أن أغلب الفتيات يلجأن لطلب أطقم مماثلة لتلك التي ارتدتها إحدى سلطنات المسلسل! كما أن هناك من تفضل اقتناء الفضة التي باتت اليوم لا تقتصر على محدودات الدخل، بل أن أشكالها وتصاميمها الجديدة باتت تسيل لعاب حتى الطبقة الغنية التي أصبحت تقتني أطقما فضية غالية الثمن، رغم كمية الذهب الكبيرة التي تملكها للتباهي بها، يضيف خالد الذي يعدد تسميات الأطقم والأكسسوارات، على غرار؛ ”الرودي”، ”الشيشخان”، ”الأوتونتيك” وكذا ”الشروفسكي”، وهي أنواع ليست في متناول الجميع لغلائها ودقة صنعها. وحسب ما أكدته إحدى الزبونات، فإن الفضة معدن أصلي، ومع ارتفاع أسعار الذهب فيعد البديل المفضل لدى الأغلبية، خاصة مع التصاميم الحديثة المعروضة حاليا في الأسواق، كما أنها معدن يسهل استخدامه بشكل يومي وليس فقط في الأعراس والمناسبات، مضيفة أن اقتناءها للفضة يبعد عنها مشاكل الاعتداءات والسرقة، على خلاف ارتداء الذهب الأصلي أو المقلد. وأضافت طالبة جامعية أخرى أنها وصديقاتها، يتخذن من الأكسسوار والفضة بديلا عن الذهب لزينتهن، نظرا لانخفاض سعرها وتعدد أشكالها الجميلة، حيث أكدن أنهن ينفق مبالغ معتبرة مقابل أكسسوارات فضية تتفق وألوان ملابسهن التركية، بحيث تنوعت بين طوق من الفضة، حلق، خواتم وحتى ساعات تتماشى ولباسهن. من جهته، اعتبر صلاح صاحب محل ”حريم السلطان” بمركز بوغابة التجاري بحي الدقسي، أنه إذا كانت النساء يشترين جميع أشكال وأحجام الفضة المعروضة للزينة، فللرجال نصيب منها كذلك، حيث قال؛ جل الشباب اليوم بعد ما كانت حاجتهم مقتصرة على خاتم الزواج المصنوع من الفضة، والذي لا غنى عنه، أو السلاسل الفضية، بات يسيل لعابهم اليوم أمام أنواع الخواتم الفضية المعروضة بأشكال وتصاميم حديثة تعتمد على أحجار بألوان مختلفة، وهي تصاميم غربية تظهر في الأفلام، خاصة التركية منها، خصوصا أن موجة الأفلام والمسلسلات التركية على غرار؛ ”وادي الذئاب” ومسلسل ”السلطان سليمان” تسبب في رواج الفضة بالنسبة للرجال الذين باتوا يتهافتون على أنواع الخواتم التي يرتديها الممثلون، والتي يطلق عليها أسماؤهم، كخاتم ”مراد علمدار”، ”مماتي” وحتى خواتم ”السلطان سليمان” وغيرها من تلك التي لاقت رواجا كبيرا في الآونة الأخيرة. وأكد صلاح، الذي أطلق اسم ”حريم السلطان” على محله نظرا للسلع المعروضة فيه وهي عبارة عن تيجان مرصعة بأحجار غالية الثمن، إلى جانب أطقم، خواتم وغيرها، أن العارضين الإيرانيين الذين كانوا يقومون بعرض سلعهم بمعارض قسنطينة خلال السنوات الفارطة، كانوا سببا في انتشار هذا النوع من الأكسسوارات التي لم تكن معروفة عند القسنطينيّين قبل 7 أو 8 سنوات، حين كانت الفضة في عاصمة الشرق مقتصرة فقط على موديلات معينة من الفضة القبائلية، مشيرا في نفس السياق إلى أن المنافسة بين التجار في هذا المجال باتت كبيرة جدا، بعد أن غير عدد كبير من تجار الذهب وكذا تجار الأكسسوارات العادية نشاطهم إلى تجارة الفضة، باعتبارها مربحة، خاصة في السنوات الأخيرة، مرجعا السبب إلى تهافت النساء والفتيات لاقتناء مثل هذه الحلي الفضية ذات التصاميم العصرية، علاوة على سعرها المقبول، مضيفا أن التجار غير المختصين في المجال يحاولون أحيانا خداع الفتيات بسلع مغشوشة على أنها أصلية، وهو الأمر الذي يتطلب حسبه الدقة في اختيار المحل والسلعة المناسبة.