اختُتمت ندوة الجزائر لمؤسسات المجتمع المدني لدول الساحل، بإصدار بيان ختامي، أكد المشاركون من خلاله استعداهم التام لترقية الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان والعمل على احترامها في مالي وفي كامل المنطقة. وأشرف على صياغة البيان الختامي أعضاء الوفد المالي؛ كونهم أدرى بحقيقة الأزمة التي تتخبط فيها بلادهم والحلول التي يرونها مناسبة لاحتواء وضع متفاقم، انعكس سلبا على كل منطقة الساحل. وهو ما أكده السيد محرز العماري رئيس اللجنة الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي، المبادرة بتنظيم هذه الندوة، وأكد أن "الماليين عملوا وحدهم على صياغة البيان الختامي للندوة؛ لأنهم أدرى بالمصالح والانشغالات التي تخص بلدهم". وبينما أكد المشاركون على أن إيجاد حل دائم للأزمة بمنطقة الساحل مرهون بتجنّد وإشراك المجتمع المدني في تسوية دائمة للأزمات التي تعصف بهذه المنطقة، قرروا إنشاء شبكة لتضامن المجتمع المدني لبلدان منطقة الساحل، حتى تكون قوة اقتراح وضمان لإشراك السكان في احتواء المشاكل التي يتخبطون فيها، وهو ما جعلهم يتأسفون لعدم استشارة واشتراك المجتمع المدني المالي في الجهود، الهادفة إلى إيجاد مخرج لأزمة متعددة الجوانب، يبقى الشعب المالي بمختلف مكوناته الضحية الأولى فيها، ودفعهم ذلك إلى الإعراب عن استعدادهم لتسهيل مسار الحوار والمصالحة الوطنية الذي باشره الماليون، والرامي إلى تمكين هذا البلد من التحكم في مصيره مع تأكيد أملهم في رؤية "إعادة تشييد الدولة المالية؛ من خلال استحداث ديناميكية جديدة تكون ديمقراطية، وتقوم على الاستجابة للاحتياجات الأساسية للسكان والمصالحة بين أبناء الوطن الواحد". كما تضمّن البيان الختامي تنديدا شديدا بممارسات المجموعات الإرهابية والإجرامية التي تنشط بشمال مالي وبشريط الساحل الصحراوي، ودعا الحكومات إلى العمل "دون هوادة" للقضاء على هذه الجماعات الإرهابية. وفي الحين الذي أكد فيه المشاركون في البيان على أن أعمال هذه الجماعات منافية تماما للمبادئ الأساسية للإسلام، الذي هو دين سلام وتسامح، أعربوا عن تجنّدهم لتجميع قدراتهم للمساهمة في تقديم الحلول واحتواء المشاكل التي تتخبط فيها المنطقة، مثل الإرهاب وتجارة المخدرات والجريمة العابرة للحدود والتنمية والسهر على ترجمتها على أرض الواقع. كما أشادوا بتنظيم الانتخابات الرئاسية في مالي الشهر القادم، واعتبروها "خطوة هامة على طريق الخروج من الأزمة؛ كونها تسمح للماليين باختيار قيادتهم بكل حرية". وعلى الصعيد الإنساني، دعا البيان الشركات الوطنية والهلال والصليب الأحمرين إلى تطوير برامج دعم وإعادة تأهيل لفائدة اللاجئين الماليين في الدول المجاورة ولصالح النازحين في داخل مالي. كما طالب حكماء وعلماء الدين في دول الساحل بالقيام بأعمال بيداغوجية، تهدف إلى إقرار ممارسات إسلامية تُبرز قيم السلم والوئام والتسامح والرحمة، كما طالب المشاركون أيضا السلطات الجزائرية ب "المساهمة، بشكل واسع، في برنامج إعادة التأهيل والتشييد بمناطق شمال مالي؛ لتسهيل عودة السكان المرحَّلين واللاجئين ومكافحة الفقر". وفي هذا السياق، عبّرت فعاليات من المجتمع المدني الجزائري عن "استعدادها الكامل" لمرافقة الجمعيات المالية لمساعدتها في محو آثار الأزمة بهذا البلد؛ وذلك "تأكيدا لروابط الأخوة والصداقة" بين الشعبين، و«تجسيدا" لمبادئ التضامن التي تلتزم بها الجزائر تجاه الشعوب الإفريقية والقضايا العادلة. وفي خطوة أولى لتأكيد هذا الاستعداد، عقد القائد العام للكشافة الإسلامية الجزائرية نور الدين بن براهم، اجتماعا أمس مع رئيس المجلس الإسلامي الأعلى لمالي محمد ديكو، لفتح قنوات اتصال بين الكشافة الجزائرية ونظيرتها المالية. وقال إن الكشافة الجزائرية ستعرض خبرتها وتجربتها على الكشافة المالية بإعداد برنامج عمل في "القريب العاجل". ولأن مؤسسات المجتمع المدني الجزائري كانت حاضرة بقوة خلال الندوة، فقد أكدت رئيسة الاتحاد الوطني لجمعيات النساء المسلمات بمالي يتباريش أمينتا جاورا، أن "التجربة الرائدة" للمرأة الجزائرية من الكفاح إلى إرساء ثقافة الحوار والمصالحة والبناء الديمقراطي، تحظى باهتمام نظيراتها المالية، "التي يعوَّل عليها أيضا في المساهمة في إنهاء الأزمة".