أوضح المجاهد ورئيس الحكومة الأسبق، السيد رضا مالك، أن الثروة الجزائرية كانت بحق ملحمة كبرى جلبت الرأي العام الدولي والفرنسي، بشكل لا مثيل له، مؤكدا على أهمية الاعتراف بالتضحيات التي قدمها أصدقاء الجزائر دعما لثورة أول نوفمبر 1954 من أوروبيين ودول أخرى. وقال مالك إن ثورة أول نوفمبر كانت متفتحة على المحيط الخارجي ولم تكن منطوية على نفسها. موضحا أن قيادة الثورة عملت بقوة من أجل إيقاظ الضمير العالمي وتحسيسه بشرعية كفاح الجزائريين وتشكيل شبكات دعم وتضامن تكون سندا قويا للثورة على الصعيد الخارجي. وقال المجاهد رضا مالك خلال ندوة نضمها أمس منتدى "المجاهد" تحت عنوان "مساهمة الجزائريين ذوي الأصول الأوربية في ثورة التحرير"، أنه لا بد من الاعتراف بجميل وتضحيات وتضامن أصدقاء الجزائر من أوروبيين وأمريكيين لاتينيين ودول أخرى مع ثورة أول نوفمبر، مذكرا في السياق بأن التضامن العالمي الذي لقيته الثورة التحريرية المجيدة برز أساسا بعد أحداث 8 ماي 1945 من خلال تصريح كلود ديردي الشهير والذي قال فيه انه لم يكن يعلم بأن الجزائر مستعمرة وذلك خلال الجولة التي قام بها إلى الجزائر. وجاء في تدخل رضا مالك أن أصدقاء الجزائر من الأوروبيين الذين زاروا الجزائر خلال فترة الاحتلال لاحظوا القمع والظلم الذي كان ممارسا من المحتل وسياسة التمييز التي كانت مطبقة بين الأوروبي والجزائري، مشيرا إلى أن جل الذين تضامنوا مع الثورة الجزائرية ينتمون إلى أحزاب اليسار وتولدت لديهم قناعة تتمثل في ضرورة تقديم مختلف أشكال الدعم للثورة كي تحقق أهدافها الرامية إلى الحصول على الاستقلال والحرية إقامة الدولة الجزائرية. وذكر مالك في تدخله بعدد من الأسماء التي ساندت القضية الجزائرية ودافعت عنها من أمثال هنري مايو ودورهم في ضمان الأمن لأعضاء فدرالية جبهة التحرير الوطني بفرسا ونقل الحقائب والأموال من سويسرا إلى ممثليات الجبهة عبر مختلف دول العالم وكذا التعريف بعدالة القضية الجزائرية. وكان من بين هذه الأسماء من حضر الندوة كالفرنسية إيفات مايو والألماني الملقب ب«علي الألماني" فضلا عن "محمود الأرجنتيني" الذي رفض أن يلقب بصديق الجزائر لأنه -كما قال- يعتبر نفسه جزائريا لأنه عاش للجزائر وبقي في الجزائر وسيموت في الجزائر. من جهته، تطرق عضو المجلس الوطني للثورة الجزائرية والمسؤول السابق في فيدرالية فرنسا لجبهة التحرير الوطني، السيد علي هارون، إلى دور العديد من الأوروبيين من فرنسا وإيطاليا وألمانيا وبلجيكا والسويد والسويس في تأمين الحماية لمناضلي فدرالية جبهة التحرير بفرنسا وكذا التكفل بإيوائهم وإخراجهم من التراب الفرنسى إلى دول أخرى. مشيرا بالمناسبة إلى لجنة السلم في الجزائر التي تشكلت في بلجيكا ودورها في التعريف بأهداف الثورة الجزائرية والدفاع عن سجناء سياسيين جزائريين وكذا نشر مقالات ومنشورات لصحافيين ومفكرين وفنانين من سويسرا وألمانيا والسويد. وأكد السيد هارون على أهمية إطلاع الشباب على دور هؤلاء المناضلين الذين اقتنعوا بعدالة القضية الجزائرية بعد أن اقتنعوا بأنها جاءت للمطالبة بكرامة الإنسان وحقه في العيش حرا في وطنه، موضحا أنه حتى ولو أن الاستقلال كان من صنع الجزائريين يتعين علينا عدم إهمال دعم الأجانب الذين كانوا في خدمة القضية الوطنية وجبهة التحرير الوطني. وذكر المتدخل بالنصين التأسيسيين للثورة (بيان 1 نوفمبر 1954 وأرضية مؤتمر الصومام في 1956)، مبرزا المكانة التي أوليت لمختلف شرائح السكان الجزائريين في الكفاح المسلح والدعم المنتظر للشعوب الأخرى لمساندة هذه القضية العادلة. وقال لقد نجحت جبهة التحرير الوطني في تعبئة الطاقات الوطنية ورجال الكنيسة والشخصيات المناهضة للاستعمار مع استقطاب قوات أخرى خاصة في فرنسا، حيث أسس جيش حقيقي في الظل حتى داخل الجيش الاستعماري ذاته. كما سلط المتدخل الضوء على الدعم المالي الذي قدم للثورة الجزائرية من أوروبا، حيث كانت عمليات جمع التبرعات والمساهمات في أوروبا تغطي 80 بالمائة من الاحتياجات المالية للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية وتطرق علي هارون أيضا إلى النشاط التضامني المكثف لصالح القضية الجزائرية في أمريكا اللاتينية، البرازيل، الشيلي والأرجنتين وغيرها. وبالمناسبة، تم تكريم مجموعة من المناضلين الأجانب كان من بينهم أسقف الجزائر السابق هنري تيسييه.