الأحداث المؤسفة التي يعيشها الشعب المصري ما كانت لتكون إذا أخذنا في الاعتبار ما يجري حولها من مآس وفتن داخلية خاصة لدى الشعوب التي عرفت ما سمي بالربيع العربي. ويستطيع الداني والقاصي إدراك الانعكاسات الخطيرة المتوقعة وغير المتوقعة التي تخلفها المواجهات السياسية على النسيج الاجتماعي لأي دولة تتعرض لها ناهيك عن المواجهات الدامية التي تصبح أكثر من إعصار مدمر لكيان الدولة نفسها. لقد صدق من تحفظ على الحراك الذي ألبس لحاجة في نفس يعقوب ”لباس الربيع” وحذر من انعكاساته التي نشهدها اليوم ليس على الشعب الواحد ولكن على الشعوب العربية برمتها، حيث انقسمت إلى داعمة لهذا الدمار الذاتي ورافضة له، داعية أبناء الوطن الواحد إلى حل الخلافات السياسية بالحوار الداخلي ومساعدة من الدول الشقيقة والصديقة التي تحرص على وحدتها وسيادتها. الواضح من ”الثورات” أنها لم تكن ذات أهداف وأنها -حتى يثبت العكس- عبارة عن تصفية حسابات سياسية تاريخية زيادة على أبعادها الطائفية والعرقية والمذهبية التي تعود بالأمة إلى نظام القبيلة والطائفة في عصر العولمة والتكتلات الاقليمية الاقتصادية والسياسية. وبالتالي فإن تراجع المجتمعات من التركيب الذي سعت وتسعى إليه الدول الغربية إلى التفكيك هو سلوك يجافي منطق العصر ولا يفهم تحدياته الداخلية والخارجية، وهو يصب في نهاية المطاف في صالح الدول الاستعمارية السابقة التي يقف معظمها حتى لا نقول كلها وراء هذه الفتن التي تصيب العالم الثالث عامة والعالمين الاسلامي والعربي بصفة خاصة.