تهجمت النشرية الإلكترونية المغربية "هسبريس" أمس، على رئيس الدبلوماسية الجزائرية رمطان لعمامرة، واعتبرت تعيينه وزيرا للخارجية في التعديل الحكومي الأخير الذي أجراه رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، "حصى جزائرية جديدة في حذاء المغرب"، في إشارة إلى إلمامه الكبير بقضية الصحراء الغربية، ودفاعه عن مشروعيتها، متجاهلة بأن مواقف الجزائر من هذه القضية وغيرها من القضايا الإقليمية والدولية، هي مواقف دولة سيدة، وليست مواقف أفراد تتغير بمجرد تغييرهم. وأشارت الجريدة الإلكترونية المغربية في مقال نشرته أمس، إلى أن تعيين رمطان لعمامرة وزيرا جديدا للخارجية الجزائرية، لا يبدو كفأل خير على الرباط، مستلهمة في طرحها من موضوع نُشر حسبها في موقع "أفريكوم" ويصوّر وقع التعديل الحكومي الذي أجراه الرئيس بوتفليقة على المغرب، من منطلق الاهتمام الكبير الذي توليه الدبلوماسية الجزائرية بقضية الصحراء الغربية. ومن المفارقات التي حملها الموضوع رغم كونه جاء في شكل انتقاد وتهجّم على شخص وزير الخارجية رمطان لعمامرة، أن أصحابه يعترفون، بشكل صريح، بخبرة السيد لعمامرة، وإلمامه الكبير بالملفات الأكثر حساسية، والتي توليها قيادة البلاد في الجزائر أولوية في إطار سياستها الخارجية، حيث أشار المقال في هذا الصدد إلى أن المسار المهني للسيد لعمامرة الذي تولّى مهاما في لجنة السلم والأمن بالاتحاد الإفريقِي لمدة خمس سنوات، طبعته تجربة في واشنطن والأمم المتحدة، "مما سمح له بتوسِيع دائرة علاقاته ومعارفه، وتنمية شبكة اتصالاته، وجعله مفاوضا مرمُوقًا في نزاعات القارة السمراء"، مستخلصا بأنه "من حسن حظ الجزائر وسوئه بالنسبة للمغرب" فإن ملف الصحراء يحظى بالأولوية لدى رئيس الدبلوماسية الجزائرية الجديد. كما اعتبر المقال الذي زعم أصحابه نقل ما نُشر في موقع "أفريكوم"، السيد لعمامرة شخصية ملمّة بالملفات التي "تنصّب العداء للمغرب ومواقفه"، مشيرا إلى أن تعيينه على رأس الخارجية الجزائرية يُعد بمثابة ترجمة لرغبة جزائرية فِي إعادة تموقعها على الصعيد الدولِي، والسعي إلى لعب دور إقلِيمِيِ مهم، بالنظر إلى التطورات الحاصلة بالمنطقة. وفي هذا السياق، لم تكلف النشرية المغربية نفسها واجب احترام المواقف السيادية للجزائر، وراحت في "شطحة" غير مجدية، تخوض بتفاهة في التعليق عن موقف الجزائر إزاء ما يوصف لدى أسيادها ب "الربيع العربي"، وتتحامل على القيادة الجزائرية عدم تحمّسها لهذا الربيع "الذي لم يُزهر بعد.."، وتتهجم على الجزائر بنبحة الكلب الذي فاتته القافلة، لإيوائها أبناء القذافي، لافتة في نفس الإطار، إلى أن السيد لعمامرة كان قد تحرك على أكثر من جهة، كي يروّج للموقف الإفريقِي الرافض لتدخّل قوات حلف شمال الأطلسِي في ليبيا من أجل حماية المدنيين، "حيث لم يتوان عن البحث عن مخرجٍ آمن للقذافِي، عبر الدفاع عن حلول سياسية مع نظامه، متناسية بأن هذا الموقف والحراك الكبير الذي خاضته الدبلوماسية الجزائرية بمختلف فاعليها بمن فيهم السيد لعمامرة، يبقى بالنسبة لكل الجزائريين مبعث اعتزاز وفخر، خاصة بعد أن تدارك العالم بأسره أحقية المواقف الجزائرية، وصحة مقارباتها الرافضة للتدخل العسكري في أي نزاع، والمرجحة للحلول السياسية للأزمات المطروحة. وربما عن غير قصد، أعطت الوسيلة الإعلامية المغربية مبررا آخر لحسرتها وخيبتها في تعيين لعمامرة على رأس الدبلوماسية الجزائرية، بالإشارة إلى ترحيب جبهة "البوليزاريو" وتهنئة الوافد الجديد على وزارة الخارجية، والتذكير بتعيينه في 2007 كمستشار مكلف بقضية الصحراء الغربية، من أجل إعطاء الملف أهمية ومكانة مرموقة في أجندة الخارجية الجزائرية. وإن كان طرح الإعلام المغربي وحسرته على تعيين السيد لعمامرة على رأس الدبلوماسية الجزائرية يدعو للشفقة أحيانا والتهكم أحيانا أخرى، فذلك لا يمنعنا من تذكيره بأن الدبلوماسية الجزائرية التي أثبتت جدارتها وحققت نجاحات تاريخية منذ سنوات الثورة التحريرية، ترتكز على مبادئ وقيم ثابتة ومتجذرة في روح هذه الثورة وبيان نوفمبر 1954، ولا تنكسر بفعل رياح فصول مصطنَعة، ولا تتغير بتغير الأفراد واستبدال المناصب.