أبرز وزير الشؤون الخارجية السيد، رمطان لعمامرة، مواقف الجزائر إزاء قضايا دولية هامة خلال اللقاءات المنظمة على هامش أشغال الجمعية الأممية بنيويورك، حيث شكلت مسائل الإرهاب ودفع الفدية والأوضاع في سوريا وفلسطين ومالي والسلاح النووي، من أهم المواضيع المدرجة خلال هذه الاجتماعات، والتي كانت فرصة لبلادنا لعرض استراتيجيتها في مجال التعاطي مع الرهانات الدولية على ضوء التطورات التي يعرفها العالم . واغتنمت الجزائر فرصة مشاركتها في الاجتماع الوزاري الرابع للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، أول أمس، للتذكير بالخطورة التي تشكلها الظاهرة، مع التأكيد على التزامها للوقاية منها، في إطار الشرعية الدولية والاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب التي صادقت عليها الأممالمتحدة في 2006.
تأكيد على الدور الكامل للجزائر في مكافحة الإرهاب وفي هذا الصدد، تطرق السيد لعمامرة خلال هذا الاجتماع الذي عقد برئاسة كاتب الدولة الأمريكي جون كيري، ووزير الشؤون الخارجية التركي، السيد أحمد دافوتوغلو، إلى مسألة عمليات الاختطاف مقابل دفع الفدية، حيث جدد إرادة بلادنا في مواصلة جهودها، من أجل تصور دولي أمثل لمسألة الاختطافات مقابل الفدية من قبل مجموعات إرهابية وروابطها مع الجريمة المنظمة الكبرى (تهريب المخدرات والتهريب). وبعد أن ذكر بالعلاقة الهيكلية القائمة بين السلم والأمن والتنمية، جدد الوزير إرادة الجزائر في تأدية دورها كاملا، في إطار آليات المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب والذي تعد فيه الجزائر أحد الأعضاء المؤسسين . وفي هذا السياق، أشار السيد لعمامرة إلى الرئاسة الجزائرية الكندية لفريق العمل، المكلف بالساحل التابع للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، في الوقت الذي قررت فيه الدورة تجديد عهدة رئاسة الجزائر وكندا على رأس فريق الساحل للفترة 2013-2014. وفي سياق إبراز الرؤية الشاملة للجزائر في كيفية محاربة هذه الآفة، قال السيد لعمامرة إن الجزائر لا تدين الإرهاب بكل أشكاله فحسب، وإنما تواصل الجهود الدولية من أجل تعزيز إجماع عالمي ضد التطرف والتعصب واللاتسامح، وتعزيز آليات الوقاية ومكافحة انعكاساتها، في الوقت الذي أعرب فيه عن ارتياحه للتقدم المحرز، من خلال المصادقة على ثلاث مذكرات خلال الاجتماع الرابع هذا. ويتعلق الأمر بممارسات جيدة للالتزام الجماعي كأداة ضد التطرف العنيف، ومذكرة أنقرة حول الممارسات الجيدة من أجل مسعى متعدد القطاعات إزاء مكافحة التطرف العنيف، ومذكرة مدريد حول الممارسات الجيدة في مجال مساعدة ضحايا الإرهاب بعد اعتداء وخلال دعوى جزائية. كما شكلت قضايا سوريا، فلسطين، مالي وكذا مشكلة معاداة الإسلام، محور اجتماع وزاري لمنظمة التعاون الإسلامي، حيث جدد وزير الخارجية بخصوص الشأن السوري، التأكيد على أن الجزائر تدعم الحل السياسي السريع، في الوقت الذي أدان فيه استعمال الأسلحة الكيميائية أيا كان المسؤول عن ذلك. وأكد السيد لعمامرة، أن التغيرات والنزاعات التي يشهدها العالم العربي لا ينبغي أن تلهي دول منظمة التعاون الإسلامي عن القضية الفلسطينية، مذكرا في هذا السياق، أن الجزائر كانت قد رحبت باستئناف المحادثات السلمية بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بمبادرة من الولاياتالمتحدةالأمريكية. وأضاف أن الجزائر ترى أنه قد حان الأوان بالنسبة لفلسطين، عضو مراقب بالأممالمتحدة، أن تصبح دولة ذات سيادة على حدود جوان 1967 وعاصمتها القدس. وفي حديثه عن مالي، نوّه السيد لعمامرة بالتعاون بين الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا ودول الميدان وباقي الشركاء، والذي سمح بانتشار البعثة متعددة الأبعاد المدمجة لمنظمة الأممالمتحدة(مينوسما) لضمان الاستقرار في هذا البلد.
الجزائر تؤكد مواصلة تضامنها مع مالي وإذ أوضح لعمامرة أن الجزائر تربطها علاقات عريقة بمالي، فقد طمأن هذا البلد المجاور بشأن "استمرار تضامنها الفاعل الذي يعكسه دعمها متعدد الأشكال، حتى في مجال المساعدة العسكرية الثنائية، وكذا استقبال آلاف اللاجئين الماليين ومن باقي دول الساحل على ترابها" . كما تأسف رئيس الدبلوماسية الجزائرية من جهة أخرى، لظاهرة معاداة الإسلام التي "تميل إلى الخلط بين الإسلام والإرهاب". موضحا أن ذلك يمثل تحد آخر بالنسبة للدول المسلمة التي تواجه مشكلة استغلال الدين لأغراض سياسية. وفي هذا الإطار، أوصى بتعزيز نجاعة مرصد مناهضة معاداة الإسلام التابع لمنظمة التعاون الإسلامي في مجال الوقاية من ظاهرة معاداة الإسلام ومظاهرها ومكافحتها. وفي مداخلته، خلال اجتماع لجنة دول عدم الانحياز حول فلسطين، أكد السيد لعمامرة أن الجزائر تتقاسم الأمل الذي أثاره إعادة إنعاش مسار السلام الفلسطيني الإسرائيلي، الذي يجب أن يقوم على أساس الشرعية الدولية وتجسيد الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني في تقرير المصير. من جهة أخرى، اقترح السيد لعمامرة خلال هذا الاجتماع، إنشاء آلية تنسيق بين حركة دول عدم الانحياز ومجموعة ال20، حيث قدم عدة اقتراحات من شأنها أن تساهم في رفع التحديات التي تواجهها الحركة في سياق النزاعات التي تعيد صياغة العلاقات الدولية. وعلى الصعيد الاقتصادي، أوضح السيد لعمامرة، أن التحدي الواجب رفعه يتمثل في إصلاح النظام الاقتصادي متعدد الأطراف والتمويل بشكل خاص، وذلك بالنظر إلى استمرار الأزمة التي لا تزال الدول النامية تعاني من تداعياتها. في هذا السياق، أشار إلى ضرورة تحلي حركة دول عدم الانحياز بروح المبادرة، لاسيما فيما يتعلق بالتنسيق الضروري للسياسات بين الأممالمتحدة ومؤسستي بريتون وودس (صندوق النقد الدولي والبنك العالمي). وأكد من جهة أخرى، أنه يتعين على حركة دول عدم الانحياز السعي للحفاظ على الدور المحوري للأمم المتحدة في النظام متعدد الأطراف وتعزيزه، مركزا على ضرورة إصلاح الجمعية العامة ومجلس الأمن للأمم المتحدة. وبخصوص هذه النقطة، ركز على أهمية إعادة تحقيق التوازن من أجل تمثيل أفضل ومشاركة دول الجنوب لا سيما إفريقيا. وفي مداخلة ألقاها خلال اجتماع رفيع المستوى حول نزع السلاح النووي، أكد وزير الشؤون الخارجية على ضرورة تخليص العالم من الأسلحة النووية التي وصفها ب«الضرر الأكيد" أيا كان مالكه. مضيفا، أن الجزائر تجدد التأكيد على إرادتها في السعي لتحقيق هدف تخليص العالم من الأسلحة النووية التي "تؤثر -كما قال- على السلم والأمن الجماعي والتنمية". وفي هذا الإطار، دعا رئيس الدبلوماسية الجزائرية المجتمع الدولي إلى بذل الجهود، حتى لا تتضمن التغييرات الجارية من أجل إعادة صياغة العلاقات الدولية "حججا قد تبرر تحديث ترسانات نووية وحتى سباق التسلح" . كما تطرق إلى الضرورة الملحة لتطبيق معاهدة الحظر التام للتجارب النووية والتفاوض حول جهاز يمنع إنتاج مواد قابلة للانشطار ذات استعمال عسكري. في الوقت الذي أكد فيه على ضرورة توفير المجتمع الدولي للظروف الملائمة لعقد الندوة حول إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل قبل نهاية 2013.
لقاءات مكثفة على هامش الجمعية العامة وكانت لوزير الخارجية، السيد رمطان لعمامرة، أول أمس، محادثات عديدة مع شخصيات هامة بنيويورك، حيث التقى في هذا الصدد، الأمين العام للأمم المتحدة، السيد بان كى مون . وتناولت المحادثات المسائل المدرجة في جدول أعمال الدورة ال68 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وكذا حول التعاون الجيد بين الجزائر والمنظمة الدولية . وطلب السيد بان كي من السيد لعمامرة، نقل تحياته إلى رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، الذي هنأه على الإصلاحات التي قام بها في الجزائر، خاصة فيما يتعلق بدور المرأة في الهيئات المنتخبة . كما التقى السيد لعمامرة، رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، السيد جون أش، والذي تباحث معه على الخصوص حول إصلاح نظام الأممالمتحدة، لاسيما إعطاء حيوية أكثر للجمعية العامة، علما أن الجزائر تترأس مجموعة العمل المكلفة بإعادة تنشيط هذه الهيئة بالأممالمتحدة. وتحادث وزير الشؤون الخارجية أيضا، مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء الغربية، السيد كريستوفر روس، حيث هنأ بالمناسبة، السيد لعمامرة لتعيينه على رأس الدبلوماسية الجزائرية، كما قدم له عرضا عن نشاطاته تحضيرا لزيارته المقبلة إلى المنطقة . كما التقى وزير الشؤون الخارجية بنيويورك على التوالي، بوزيري خارجية سوريا، السيد وليد المعلم واللبناني عدنان منصور . وخلال لقائه مع الوزير السوري، اطلع هذا الأخير، السيد لعمامرة بآخر المستجدات على الساحة السورية وخاصة فيما يتعلق بعملية تنفيذ قرار تدمير الأسلحة الكيميائية السورية، إضافة إلى الجهود المبذولة لعقد ندوة دولية ثانية لحل الأزمة، أو جنيف2. كما أجرى السيد لعمامرة أيضا محادثات مع نظيرة اللبناني، السيد عدنان منصور، تم خلالها بحث الوضع في العالم العربي وبالأخص الأزمة السورية. والتقى رئيس الدبلوماسية الجزائرية أيضا، نائب الوزير الأول ووزير الشؤون الخارجية اليوناني، السيد ايفانجلوس فينيسيلوس. وتناولت المحادثات تعزيز العلاقات الثنائية وكذا مسائل الساعة الدولية، واتفقا على تكثيف المشاورات بين البلدين، بمناسبة تولي اليونان رئاسة الاتحاد الأوروبي خلال السداسي الأول سنة 2014. وخلال نفس اليوم، تحادث السيد لعمامرة مع نظيره المصري، السيد نبيل فهمي، وكذا نظيره الموريتاني، السيد أحمد ولد تقدي. وبحث السيد لعمامرة معهما وضعية العلاقات الثنائية وتنسيق المواقف حول المسائل ذات الاهتمام المشترك. كما التقى وزير الشؤون الخارجية، نائب الوزير الأول ووزير الخارجية، الكويتي الشيخ صباح ال خالد حمد الصباح، حيث تناولت المحادثات سبل تعزيز العلاقات الثنائية في مجال الاستثمار والتجارة، وكذا حول اجتماع اللجنة المالية الجزائرية -الكويتية المزمع عقده في الفاتح من أكتوبر المقبل بالكويت، برئاسة وزيري المالية للبلدين . وأجرى وزير الشؤون الخارجية أيضا محادثات مع نظيره الروسي، سرغاي لافروف، حيث تبادل الوزيران في هذا اللقاء وجهات نظر مفصلة حول آفاق العلاقات الثنائية، وكذا سبل تفعيلها خلال المواعيد الثنائية المقبلة. وكانت لوزير الشؤون الخارجية أيضا محادثات مع نظيره الفرنسي، لوران فابيوس والوزيرة المنتدبة لدى الوزير الفرنسي للشؤون الخارجية المكلفة بالفرانكفونية، السيدة يمينة بن قيقي. وسمح اللقاء بين السيدين، لعمامرة وفابيوس بالتطرق إلى آفاق تطوير العلاقات الثنائية الجزائرية الفرنسية، ذات صلة بمختلف المواعيد السياسية المبرمجة برسم آخر ثلاثي للسنة الجارية. أما اللقاء مع بن قيقي فقد تمحور حول آفاق التعاون الثنائي.