كشف وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، السيد محمد بن مرادي، أن ملف تسيير التعاضديات سيناقش عن قريب في مجلس الوزراء، مشيرا إلى أنه يتضمن إمكانية التقاعد التكميلي، الذي سيطبق على حالات خاصة. وأكد أنه لايمس بنظام التقاعد الوطني الذي ينص على أن السن القانونية للتقاعد هي 60 سنة. كما تحدث عن فتح ملف منحة التقاعد على مستوى الوزارة بالنسبة للعاملين بعقود ماقبل التشغيل. وعبر الوزير في ندوة صحفية عقدها، أمس، على هامش افتتاح الملتقى الدولي الأول حول تسيير الموارد البشرية والكفاءات، عن اقتناعه الراسخ بضرورة احترام السن القانونية للتقاعد، حتى وإن كان هناك إشكال في وجود أجيال مستخلفة. وفي السياق، أعلن عن تفكير الوزارة في وضع "نظام وصاية" يسمح للعمال الذين هم في سن التقاعد بتكوين الملتحقين الجدد بالشغل ونقل خبراتهم إليهم لمدة سنة. كما قال إن مسألة منحة التقاعد بالنسبة لعقود ماقبل التشغيل تتم دراستها، موضحا بأن العاملين بهذه العقود يستفيدون حاليا من الضمان الاجتماعي عبر التأمين ضد المرض إذ خصصت الدولة لذلك ميزانية تبلغ 9 ملايير دج في 2014، لكنهم لايستفيدون من منحة التقاعد وهو "الاشكال الوحيد بالنسبة لهم". وعن موضوع الملتقى، اعترف الوزير بوجود "هوة" بين متطلبات العمل ومخرجات المنظومة التربوية والتعليم العالي، مشيرا إلى ضرورة وضع "آليات" لتصحيح المنهج وتقريب عالم الشغل وسوق العمل من التعليم وتحقيق التكوين المتواصل. فاليوم –كما أضاف- يلاحظ توفر مناصب عمل لاتجد ما يوافقها لدى طالبي العمل بسبب غياب أشخاص مؤهلين في أغلبية الحالات، وهو مايؤدي إلى زيادة نسبة البطالة. لكن الوزير رفض القول بان الوضع يتطلب "برنامجا استعجاليا"-ردا على أسئلة الصحفيين- مبررا ذلك بوجود استراتيجية عمل على مستوى الوزارة منذ أمد طويل تسعى للاستجابة لهذا الانشغال المطروح في مختلف القطاعات الاقتصادية. في هذا الاطار، أشار إلى تحضير قائمة للمهن تضم 1000 منصب معروف، وذلك لوضع حد لما وصفه ب«حوار الطرشان" بين وكالات التشغيل وطالبي العمل. لكنه سجل بالمقابل أن الحاجيات في سوق العمل تتغير ولذلك دعا المؤسسات إلى ضرورة استباق الأمور وتحديد المناصب التي تحتاجها مسبقا. وحول المهن الخدماتية، قال الوزير إنها فعلا تعرف نقصا كبيرا بالجزائر، مشيرا إلى أن الحكومة حاولت معالجة الأمر بتشجيع الشباب على خلق مؤسسات مصغرة. ذات المؤسسات تعتبرها الحكومة مشجعة لبقاء الكفاءات بالجزائر –حسب الوزير- الذي رد على سؤالنا حول تهميش الكفاءات التي تختار الهجرة، بالاعتراف بأن جاذبية الاقتصاد الجزائري غير كبيرة وأن محيط العمل "غير جذاب" تضاف إليه "بيروقراطية كبيرة". وصرح "لن أكذب عليكم وأقول إننا نفرش البساط الأحمر للكفاءات... لكن يجب القول إن المشكلة ليست جزائرية محضة ولكن عالمية وتطرح حتى في البلدان المتطورة... وهناك جهود تبذل في هذا الاطار لكنه عمل متواصل يتطلب طول نفس.. كما يتطلب توفر اقتصاد مهيكل ومنظم بطريقة جيدة". وبشأن الأرقام المتعلقة بالبطالة، قال بن مرادي إنه يجب الوثوق بتلك التي ينشرها الديوان الوطني للاحصائيات والذي قدر نسبتها في الجزائر ب10 بالمائة و17 بالمائة في فئة الشباب، بالرغم من أنه أشار بعد ذلك إلى أن هذا الرقم "مبالغ فيه" بالنظر إلى إحصاءات وكالات التشغيل. وعبر عن اقتناعه بمصداقية عمل الديوان الذي يخضع للمعايير التي وضعها الاتحاد الدولي للشغل. وكان الوزير قد أكد في مداخلة ألقاها في افتتاح الأشغال أن الإصلاحات التي بادر بها رئيس الجمهورية "تولي دورا محوريا للرأسمال البشري"ويتجلى ذلك بالخصوص من خلال برنامج إصلاح هياكل ومهام الدولة وعصرنة المرافق العمومية، "حيث أن تثمين الموارد البشرية لاسيما من خلال تطوير التكوين، يكتسي أهمية خاصة وهو جزء لا يتجزأ في عملية الإصلاحات الاقتصادية والمؤسساتية". وفي هذا الصدد، أشار إلى أن "التكوين يعد أداة مرافقة ليس فقط لتحسين الحكم الراشد فحسب، بل كذلك للاستمرار في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تمت مباشرتها سنة 2000". وأضاف بأن التحديات المتعددة والمتنوعة، ومنها التحولات التكنولوجية، واحتدام المنافسة الدولية والتغيرات الاقتصادية، تفرض انتهاج مسعى شاملا ومتناسقا، يهدف إلى إرساء قواعد للحكم الراشد تكون أكثر نجاعة وتعتمد على سياسة للموارد البشرية تتكيف ومتطلبات تحديث المفاهيم والأساليب في التسيير حرصا على الدقة ومراعاة للفعالية والاحترافية وأكثر استجابة لمتطلبات التشغيل. لذلك، فإنه شدد على أن الكفاءة "أصبحت من الضرورات المطلقة لدعم الإصلاحات التي يقودها رئيس الجمهورية"وكذلك بالنسبة للفضاء الاقتصادي الذي يجب أن يتوفر على تأطير فعال، قادر على تطوير تسيير المؤسسات بالاعتماد على استراتيجية للموارد البشرية مبنية على جودة الأداء والنتائج. وذكر في السياق بأن البرنامج التنموي الخماسي 2010-2014، خصص غلافا ب250 مليار دج لتطوير اقتصاد المعرفة من خلال دعم البحوث العلمية وتعميم التعليم واستعمال الإعلام الآلي في كافة المنظومة الوطنية التعليمية، إلى جانب المرافق العمومية. كما أن التنمية البشرية "التي تشكل محورا هاما في عملية إعادة التقويم الوطني التي بادر بها فخامة رئيس الجمهورية في بداية سنة 2000"، استفادت من غلاف مالي قدره 10.000 مليار دج في نفس الفترة. ولمواكبة دينامية سوق العمل، دعا بن مرادي المؤسسات الاقتصادية العامة منها والخاصة لأن تجعل التكوين "أحد الروافد الرئيسية للموارد البشرية بغرض التكيف المستمر مع تطور المؤهلات المطلوبة"، وكذا التفكير الجديد حول إستراتيجيات الانتقاء والتكوين والإدماج المهني للأجيال التي ستأخذ زمام الأمور في المؤسسات الناجحة مستقبلا. للإشارة، فإن اللقاء الذي يدوم يومين يعد مناسبة للتقييم والتفكير والنقاش حول وضعية ومستقبل الموارد البشرية والكفاءات في الجزائر، ويجمع خبراء محليين ودوليين -لاسيما من كندا- إلى جانب إطارات مركزية ومسيري الموارد البشرية على مستوى القطاعات الوزارية والهيئات والإدارات المتخصصة ومسيري المؤسسات الاقتصادية.وفضلا عن الجلسات العامة يتم اليوم قبل تقديم التوصيات مناقشة محاور الملتقى ضمن ورشات موضوعاتية تتعلق ب«تسيير مناصب الشغل والكفاءات"، "وضع آلية تسيير ترقبي لمناصب الشغل والكفاءات"، "تسيير الإطارات ذوي الكفاءات العالية وتحضير البديل، تحديات كبرى للإدارة العمومية" و«آليات التسيير الترقبي لمناصب الشغل والكفاءات، المقاربات العملية والاستراتيجية".