استكمال المشاريع الكبرى ولا تغيير في اتجاهات الاقتصاد الوطني يتوقع الوزير السابق والخبير في الشؤون الاقتصادية، السيد بشير مصيطفى، أنه لن يكون هناك تغير مهم في اتجاهات الاقتصاد الوطني بالنسبة لسنة 2014 بالنظر للنتائج المحققة خلال النصف الثاني من سنة 2013، مشيرا على سبيل المثال إلى تراجع الفائض التجاري تحت ضغط الطلب الداخلي مما رفع من قيمة الواردات، بالمقابل سجلت اضطرابات في إنتاج المحروقات بعد بروز أسواق منافسة في مجال الاستثمار وتوجه أمريكا نحو وقف الاستيراد والاستثمار في الغاز الصخري، وهو ما أثر سلبا على أسعار المحروقات بالأسواق العالمية ودفع بالدول المنتجة إلى تخفيض إنتاجها. نظرة الخبير تتطرق كذلك إلى تراجع قيمة صرف الدينار بالسوق وهو ما أرجعه إلى سببين مهمين، يتعلق الأول بانخفاض إنتاج المحروقات وتراجع أسعار النفط خلال ال3 أشهر الفارطة، والثاني يخص عودة إيران إلى تصدير نفطها بداية من سنة 2014 تطبيقا للاتفاق الإيراني – الأمريكي بخصوص تخفيف العقوبات على إيران وهو ما يسمح بضخ حجم يومي من النفط يصل إلى 1,5 مليون برميل في مرحلة أولى الأمر الذي سيؤثر على أسعار البورصة العالمية، وبما أن الاقتصاد الجزائري مبني بالدرجة الأولى على مداخيل النفط يتوقع السيد مصيطفى مواصلة انخفاض قيمة الدينار مع تدني القدرة الشرائية للمواطن خلال النصف الثاني من سنة 2014.أما فيما يخص أسعار السلع ذات الاستهلاك الواسع وغير المدعمة من طرف الدولة فستشهد هي الأخرى، يقول الخبير، ارتفاعا تحت ضغط السيولة النقدية التي ستنجم عن الاتفاقية الثلاثية الخاصة بالأجور مع توقع عودة القروض الاستهلاكية وهو ما سيرفع التضخم المالي مرة أخرى. غير أن الشيء الايجابي بالنسبة لتطلعات الخبير لسنة 2014 سيخص استكمال إنجاز المشاريع الكبرى الخاصة بقطاع السكن والأشغال العمومية والري والاتصالات، مع دخول حيز التنفيذ عقود الشراكة في صناعة الصلب والسيارات، وهو ما سيرفع معدل النمو بنصف نقطة ليبلغ 3,4 بالمائة عند نهاية 2014 من جهة ويرد على تطلعات المواطنين من خلال فتح مناصب شغل جديدة واقتراح تسهيلات إدارية من شأنها الحد من تفشي ظاهرة البيروقراطية خاصة بعد تنصيب وزير على رأس وزارة تهتم بتحسين الخدمة العمومية. أما ما تعلق بالآلة الصناعية فستظل تعاني من بطء النمو حسب السيد مصيطفى بسبب تراكم السنوات السابقة من جهة وصعوبة تنفيذ الاستراتيجية الصناعية تحت ضغط ضعف مناخ الأعمال الذي سيستمر خلال 2014، بالمقابل يتوقع انتعاش طلب العائلات بالنظر إلى تسهيلات القروض الاستهلاكية التي ستقترح وزيادة الأجور، لكن بسبب ارتفاع الأسعار لن تتحسن القدرة الشرائية ولا مستوى الادخار، ليكون قطاع التجارة هو المستفيد الأول من ذلك بارتفاع قيمة النمو في هذا القطاع الذي يعتبر العمود الفقري لمجال الخدمات بالجزائر بعد الاتصالات. بنك الجزائر، من جهته، سيحافظ على سياسته النقدية المبنية على الحذر، في حين يتوقع مصيطفى أن يعمد مصرف الجزائر لزيادة طفيفة في سعر الفائدة لاستدراك جزء من خسارة صرف الدينار لقاء العملات الأجنبية. وأمام كل هذه التوقعات يوجه الخبير الاقتصادي مجموعة من التوصيات لاستدراك العجز في بعض المجالات من خلال تنفيذ رؤية متينة للنشوء عبر اعتماد الأنظمة الذكية للاستثمار ومتابعة كل المشاريع المسجلة، مع تحفيز المؤسسات الصناعية الخاصة على الشراكة سواء مع القطاع العام أو مؤسسات أجنبية لرفع قدرات الإنتاج وتحسين النوعية. وعلى صعيد آخر، يطالب السيد مصيطفى بتفعيل عمل خلايا اليقظة في المناطق الداخلية لتطوير عجلة التنمية المحلية وتحديد نوعية النشاطات الصناعية لكل منطقة حسب المؤهلات المادية والبشرية، للنهوض بالاقتصاد الوطني وهذا يستوجب مراجعة أنظمة الجباية وإعادة توزيع الدخل الوطني حسب معايير النشوء وبالشكل الذي يحفز الادخار الداخلي ومن ثمة الانتاج الوطني. أما فيما يتعلق بالتحضيرات التي ستنطلق عبر عدد من القطاعات بالنسبة للمخططات الخماسية الجديدة «2015 /2019” يقترح الخبير الاهتمام بجانب ”التوازن المنتج في الانفاق العام بين القطاعات” من خلال التوجه أكثر نحو المؤسسة بدل البنى القاعدية.