صادق نواب المجلس الشعبي الوطني أمس، على القانون المتعلق بالنشاط السمعي البصري بعد نقاش كبير دار حوله في قبة البرلمان. وتمت المصادقة بالأغلبية وبحضور 247 نائبا، في حين صوّت نواب تكتّل الجزائر الخضراء وجبهة العدالة والتنمية وجبهة القوى الاشتراكية، ضد القانون الذي يضم 107 مواد. وعبّر وزير الاتصال السيد عبد القادر مساهل، عقب انتهاء عملية التصويت، عن ارتياحه للمصادقة على هذا القانون. وقال مخاطبا النواب: "سيسجل التاريخ لمجلسكم أنه صادق على أول نص تشريعي يؤسس لإعلام تعددي في مجال السمعي البصري، انطلاقا من قواعد سليمة، تضمن فرص الاستثمار للقطاع الخاص، وتضع ضوابط ممارسة هذا النشاط". والتزم الوزير بتوفير كل الشروط المادية، التي تسمح بتنفيذ أحكام القانون بعد اكتمال مسار المصادقة عليه من مجلس الأمة، وكذا بحرصه على تجسيد أحكامه بصياغة النصوص التنظيمية الضرورية لتطبيقه. وفي تصريحات صحفية على الهامش، قال إن القانون يُعد مكسبا هاما جدا للبلاد، وجاء تطبيقا للقانون العضوي للإعلام، وتجسيدا للإصلاحات السياسية لرئيس الجمهورية، مضيفا أن "هذا القانون سيفتح المجال لاستثمار القطاع الخاص في مجال السمعي البصري، وسيسمح بممارسة هذا النشاط من طرف المحترفين وأصحاب المهنة في إطار دفتر شروط تقني وآخر خاص بالمحتوى". وردا على سؤال حول المخاوف من التهديدات التي تحملها بعض القنوات التي تُبث من الخارج، قال مساهل: "نحن دائما واثقون في قوّتنا وفي تجنيد وطننا للدفاع عن المصلحة العليا للبلاد... لا يوجد من يهدد الجزائر عندما تكون الجبهة الداخلية قوية، فنحن نعيش في استقرار... والمهنيون في مجال الصحافة عليهم بالدفاع عن المصلحة الوطنية ومكاسب الشعب في كل الميادين". وبخصوص تعديل المادة السابعة وآثارها، أوضح الوزير أن التعديل مس تعريف القناة الموضوعاتية؛ وذلك بغية "التوضيح"، دون أن يؤثر ذلك التعديل على لبّ المادة وعمقها. وتمت أمس المصادقة على الصيغة الجديدة لتعريف القناة الموضوعاتية في المادة السابعة من القانون، والتي جاءت، كما أعلن عنها سابقا وزير الاتصال؛ إذ تقول: "قناة موضوعاتية أو خدمة موضوعاتية: هي برامج تلفزيونية أو سمعية، تتمحور حول موضوع أو عدة مواضيع". وكان هذا التعريف محل جدل واسع بين النواب، الذين اقترحوا إدراج القنوات العامة ضمن القانون، وهو ما اعتُبر غير ممكن؛ لأنه منافٍ للقانون العضوي للإعلام. وتوصلت لجنة الثقافة والإعلام والسياحة إلى "اتفاق مع الحكومة" - كما جاء في التقرير التكميلي للقانون - ينص على تعديل البند التاسع من المادة السابعة، "بتوسيع مفهوم خدمات الاتصال السمعي البصري باعتماد صياغة قانونية أكثر مرونة وشمولية". كما تم إدراج أحكام جديدة تتعلق بممارسة سلطة الضبط مهامها باستقلالية تامة، وإلزام أعضائها بتقديم تصريح بالممتلكات والمداخيل، وكذا بنود جديدة في المادة 48، تتعلق بالتزام مستغلي خدمات الاتصال السمعي البصري باحترام المرجعيات الدينية الوطنية، وعدم المساس بالديانات الأخرى، واحترام التعددية الحزبية، واحترام مبادئ ومقومات المجتمع. وتم كذلك إخضاع إنشاء خدمات الاتصال السمعي البصري التي تنشئها الهيئات والمؤسسات العمومية، لنظام الرخصة؛ تكريسا لمبدأ المساواة. من جانب آخر، أوضح تقرير اللجنة أنه تم رفض بعض التعديلات؛ "لتعارضها مع أهداف وأحكام القانون العضوي المتعلق بالإعلام"، مثل اقتراح حذف كلمة "النظام العام" من المادتين 48 و97، واقتراح إلغاء المادة 17 المتعلقة بخدمات الاتصال السمعي البصري المرخص لها، واقتراح إلغاء المادة 18 المتعلقة بالشروط التي يجب توفرها في المترشحين، لإنشاء خدمات الاتصال السمعي البصري، وكذا اقتراح إلغاء المادتين 19 و20 المتعلقتين بنظام تطبيق الرخصة.
دعوة لتعديل القانون العضوي للإعلام وفي بيان وزعته على الصحافة، قالت الكتلة البرلمانية لحزب العمال، إن هذا القانون يمثل "خطوة إيجابية، لكنها غير كافية للانفتاح وتنظيم القطاع السمعي البصري، الذي أصبح واقعا ملموسا بالجزائر". وأضافت أن القانون رغم النقائص المسجلة فيه، فهو يسمح بإرساء نظام سمعي بصري متفتح، يضمن حق المواطن في الإعلام الموضوعي والمتنوع. وعبّر حزب العمال الذي صوّت لصالح القانون، عن مخاوفه من "الانفتاح العشوائي"، الذي قد يُستعمل من قبل "القوى العظمى واللوبيات الداخلية والخارجية، للمساس بسيادة البلدان ونشر الفتن". وقال البيان إن القانون تكفّل بعدد "لا يُستهان به" من انشغالات الحزب، لاسيما ما تعلّق بدفتر الشروط والضوابط، التي ترتكز على احترام أخلاقيات المهنة. من جانب آخر، عبّر الحزب عن استعداده للمشاركة في أي مبادرة لتعديل القانون العضوي للإعلام، الذي قال إنه "يحد من حرية الإعلام". أما جبهة العدالة والتنمية التي صوّتت ضده، فقد عبّرت في بيان لها، عن رفضها للقانون بالصيغة الواردة، وأكدت أن "الخوف من تأثير قنوات لم تولد بعد على الرأي العام وأن يكون ذلك مبررا للغلق والحيطة والحذر، ينمّ عن جهل بواقع تطور هذا القطاع". وقال البيان إن القانون يمثل "تراجعا آخر عن المكتسبات"، مشيرا إلى أن الحزب دعا إلى تعديل قانون الإعلام ورفض القانون الخاص بالسمعي البصري؛ لأنه لا يخدم تطور القطاع ولا يلبي طموحات الجزائريين في حقهم في الإعلام.