أكد وزير النقل، السيد عمار غول، على ضرورة إعادة النظر في السياسة الحكومية المتعلقة خصوصا بالحركة المرورية وبالوقاية من حوادث السير، ولهذا الغرض أعلن عن تحيين نصوص قانونية وإعداد مراسيم تنفيذية ستقدم لاحقا إلى الحكومة، تتعلق بإعادة النظر في دور المركز الوطني للوقاية والامن عبر الطرق الذي ستتم إعادة هيكلته وتنظيمه بغية انتشاره عبر كل التراب الوطني. وقال وزير النقل إن المرسوم التنفيذي الخاص بالمركز أصبح جاهزا وسيقدم عن قريب للحكومة من أجل تنصيب الهياكل التابعة له عبر كل ولايات وبلديات الوطن. وتدخل هذه الاجراءات في إطار المخطط الوطني للحكومة الرامي إلى معالجة إشكالية تفاقم حوادث المرور، ويتضمن – فضلا عن إضفاء اللامركزية على المركز الوطني للوقاية والأمن عبر الطرق- تأطيرا أفضل للجمعيات العاملة في هذا المجال وكذا تكثيف عمليات التحسيس لاسيما على مستوى المؤسسات التربوية. ذلك ما كشف عنه أمس وزير القطاع خلال إشرافه على افتتاح يوم دراسي حول "مناقشة وإثراء السياسة الوطنية للسلامة المرورية" بالعاصمة، والذي خصص للحديث عن حصيلة السنة الماضية وتحليل الأرقام مع اقتراح توصيات لمعالجة ظاهرة حوادث المرور ضمن الورشات الست المشكلة لهذا الغرض. لم يخف السيد غول انزعاجه من الرقم الكبير للحوادث وللوفيات المسجلة سنويا بالجزائر، "رغم المجهودات الكبيرة التي تبذلها كل الهيئات المدنية والأمنية في هذا المجال والتي لولاها لكانت الحصيلة أكثر كارثية". وردد في مرات عديدة خلال مخاطبته المشاركين بأن الحصيلة المسجلة في السنوات الأخيرة "مأساوية ومقلقة ومزعجة" تعكس "ظاهرة خطيرة جدا" تتطلب "حلولا راديكالية وجذرية". لذا طالب بالاعداد ل«وثبة جديدة" واللجوء الى حلول مستدامة وعميقة. وتشير الأرقام التي أفصح عنها الوزير بتسجيل 42846 حادث مرور في الجزائر سنة 2013 أدت إلى وفاة 4540 شخصا وإصابة 69582 آخرين، مع تسجيل 100 مليار دج من الخسائر المادية سنويا. وبلغت حظيرة السيارات أكثر من 8 ملايين مركبة، منها 45 بالمائة من الوزن الثقيل. وحذر الوزير من عدم اتخاذ إجراءات للحد من حوادث المرور بالنظر إلى الارتفاع المتزايد لعدد المركبات والمقدر ب800 ألف مركبة سنويا، وهو ما يعني أن الحظيرة الوطنية سيصل عددها بين 2020 و2025 إلى 20 مليون مركبة. وقال إن هذه الاجراءات يجب أن تكون "جذرية وقوية" تتضمن العمل بالتنسيق مع جميع الأطراف المعنية لضمان عمليات تحسيسية عميقة لاسيما على مستوى المجتمع المدني مع توفير الوسائل الحديثة والتكنولوجية للفاعلين في مجال أمن الطرقات. وفي هذا السياق، أشار الوزير في ندوة صحفية عقدها على هامش اليوم الدراسي، إلى أن الاجراءات ستكون ذات بعدين "ردعية" أحيانا -تتمثل خصوصا في مضاعفة العقوبات- دون أن يحدد تفاصيلها، و«تحفيزية" أحيانا أخرى، مشيرا إلى أن العمل يجب أن يتم باتجاه الانسان لأنه هو المتسبب -حسب إحصائيات الأمن والدرك الوطنيين- في 96 بالمائة من الحوادث المسجلة. وأوضح في هذا السياق أن المخطط الحكومي الذي تحدث عنه يهدف إلى تقليص نسبة السير في الطرقات التي تبلغ حاليا 87 بالمائة، وذلك بتشجيع الشحن عبر السكك الحديدية بالنسبة للبضائع خصوصا، مشيرا إلى الشروع في هذا الاجراء عبر ميناءي الجزائر وجن جن بتحويل الحاويات إلى الميناء الجاف ومنه الى جميع الوجهات عبر السكة الحديدية. كما تحدث عن منع تام لنقل المواد الخطرة عبر الطرقات. لهذا أكد أن من أهم المشاريع في قطاع النقل هو إنجاز 12500 كلم من السكك الحديدية عبر كل التراب الوطني، فضلا عن استكمال مشاريع نقل المسافرين لتحفيز العائلات على استخدام النقل الجماعي، مشيرا إلى الاستفادة من تجارب دول متقدمة في هذا المجال، مثل النقل المجاني في نهاية كل أسبوع والعطل أو التذاكر الموحدة المستخدمة في كل وسائل النقل باختلافها. فالأكيد، حسب الوزير، أن الوضع الراهن "ليس حتمية"، وأن الجزائر تملك كل القدرات والإمكانات لتنظيم أفضل وأشمل، يسمح بالوصول إلى نتائج "كبيرة جدا" وإيجابية، قائلا: "سنعمل على ذلك". وفي هذا الشأن التزم بتقديم كل الوسائل اللازمة للمركز الوطني للوقاية والأمن عبر الطرق، ودعا من جانب آخر إلى فتح الأبواب أمام الجمعيات المتخصصة في مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة لإقحامها بصفة أكبر في العمليات التحسيسية وكذا لمساعدة فئة المعاقين، لاسيما ضحايا حوادث المرور. وبخصوص رخصة السياقة، كشف غول أن النسخة الجديدة منها ستكون جاهزة في مارس القادم، مشيرا إلى أن لجنة شُكلت للإعداد لها، وعملت على تأمين وثيقة السياقة وتأهيلها حسب المواصفات العالمية. وقال إن النموذج تم اختياره، وإن الرخصة الجديدة سيمكن استخدامها في "الفضاء الأورومتوسطي". كما تحدّث عن تأهيل مدارس تعليم السياقة وتطبيق الرقابة عليها، من خلال جهاز تفتيش سيعمل على مراقبة المدارس والممرنين والممتحنين. وأكد في سياق آخر ردا على أسئلة الصحفيين عن تجميد رخص الاستغلال بالنسبة لحافلات نقل المسافرين إلى غاية وضع "مخطط مدروس"، لاسيما في الخطوط التي عرفت تشبعا، أكد أنه يمكن توجيه بعض الحافلات من الخطوط المشبعة إلى الخطوط غير المشبعة أو المعزولة، من خلال تحفيزات لأصحاب هذه المركبات. للإشارة، شُكلت ست ورشات في اليوم الدراسي لدراسة مواضيع ذات صلة بالسلامة المرورية، وهي "التربية المرورية وتوعية مستعملي الطريق"،"منظومة التكوين والتدريب على السياقة"،"منظومة تنظيم المرور ومراقبته"، "توفير شروط السلامة في المحيط والتنقل الأمن"، "معايير السلامة والأمان في المركبات ومنظومة الفحص والمراقبة التقنية" و«منظومة الإسعاف والتكفل بضحايا حوداث المرور". ويُرتقب أن تُرفع توصيات إلى الوزارة لإثراء المخطط الوطني للسلامة المرورية.