يحيي الشعب الليبي، اليوم، الذكرى الثالثة لانتصار ثورة 17 فيفري التي أطاحت بنظام العقيد معمر القذافي وطمست مآثر ثورته التي أتت به إلى سدة الحكم في ليبيا قبل أربعين عاما. ورغم مرور ثلاث سنوات على هذه الثورة التي أفرزتها تطورات "الربيع العربي" إلا أن السلطات الانتقالية في طرابلس لم تتمكن من إعادة بناء الدولة الديمقراطية التي ثار من أجلها شباب ليبي أكد أنه لم يعد يطيق العيش تحت سلطة اللجان الثورية التي كتمت على أنفاسهم. وإلى حد الآن مازال علي زيدان، الوزير الأول الليبي، يؤكد أنه مازال في مرحلة البحث عن طريقة لاحتواء أولى انعكاسات تلك الثورة وخاصة منها استرجاع ترسانة الأسلحة الحربية التي خرجت من ثكنات الجيش لتقع بين أيدي "ثوار" ورفضوا إعادتها كما رفضوا الانخراط في صفوف الأجهزة الأمنية النظامية. وهو الواقع الذي جعل الوزير الأول الليبي يؤكد، أمس، أن حكومته تعمل جاهدة لاستعادة الأمن المفقود من خلال تطبيق خطة تهدف إلى إعادة إدماج الثوار الذين تحولوا إلى مليشيات مسلحة في صفوف أجهزة الجيش والشرطة. وتدخل هذه الخطة ضمن مساعي الحكومة الانتقالية للقضاء على الفوضى الأمنية التي تعرفها مختلف مناطق البلاد بسبب انتشار الأسلحة بطريقة فوضوية وأصبحت تشكل تهديدا للأمن العام في بلد خرج لتوه من ثورة أخلطت كل المفاهيم السائدة. ويدخل تحرك الوزير الأول، علي زيدان، أيضا في إطار مسعاه لوضع حد للانتقادات اللاذعة التي تتعرض لها حكومته بسبب عدم قدرتها على احتواء فوضى السلاح ووضع حد لنشاط مجموعات فرضت منطقها في البلاد وبلغ بها الأمر إلى حد القيام بعمليات اغتيال مست كل شرائح المجتمع الليبي وخاصة عناصر الجيش والمسؤولين الأمنيين والسياسيين. وقال زيدان إن حكومته تعمل ضمن خطة جديدة لتفعيل دور مصالح الأمن وتمكينها من أداء دورها على أحسن ما يرام من خلال توفير الإمكانيات اللازمة لها واستكمال دمج "الثوار" في صفوف مؤسستي الجيش والشرطة. وجاءت تصريحات الوزير الأول الانتقالي الليبي يومين بعد رواج أخبار أكدت أن انقلابا يحضر للإطاحة بحكومته بسبب فشلها هي ونواب البرلمان في إيجاد طريقة مثلى للخروج من المرحلة الانتقالية وعدم قدرتهما على صياغة دستور جديد يسمح بتنظيم الاستحقاقات الانتخابية ثلاث سنوات بعد نجاح ثورة 17 فيفري ضد نظام العقيد معمر القذافي. وقال زيدان بطريقة ضمنية، أمس، أمام مدراء مختلف الأجهزة الأمنية أن حكومته تسعى من أجل تمكين وزارة الداخلية من كل صلاحياتها عبر إعادة تنظيم مختلف الأجهزة الأمنية في نفس الوقت الذي اعترف فيه بأن "التحديات والظروف الصعبة التي تواجهها حكومته تبقى كميات الأسلحة الموجودة خارج السيطرة مما حال دون التمكن من إعادة ترتيب البيت الليبي وفرض قوة القانون على الجميع. ولمح علي زيدان إلى أن حكومته بدأت تفكر فعلا في إعادة استرجاع هذه الكميات الضخمة من أسلحة الجيش السابق بقناعة أن مكانها الطبيعي في الثكنات والمقار الأمنية تزامنا مع تفعيل مهام جهاز المباحث العامة والبحث الجنائي لاستتباب الأمن وضبط الخارجين عن القانون.