توجت أشغال الثلاثية ال16 التي جمعت، أمس، الحكومة والنقابة وأرباب العمل، بالمصادقة على تقارير الأفواج المشتركة الخمسة التي تم تنصيبها في اللقاء السابق، والتي تمخضت عنها قرارات حاسمة في مسار التطوير الاقتصادي والاجتماعي، أبرزها بعث العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي للنمو، إسهام الصندوق الوطني للاستثمار في تمويل القطاع الخاص، تأطير أفعال التسيير، إشراك المؤسسات الوطنية في البرنامج الوطني للتجهيز، فضلا عن تشجيع الإنتاج الوطني عبر إطلاق القرض الاستهلاكي الموجه للمنتجات الوطنية، والموافقة على إلغاء المادة 87 مكرر من قانون العمل لإعادة تحديد مفهوم الأجر الوطني الأدنى المضمون. فبعد أن أثنى الوزير الأول، عبد المالك سلال، الذي ترأس أشغال هذا اللقاء بإقامة الميثاق بالعاصمة، على جو التقاهم والثقة الذي ساد أشغال عمل الأفواج الثلاثية المشتركة، مجددا التأكيد على المبادئ الأساسية التي تعتمدها الدولة في توجهها السياسي والاقتصادي القائم على أساس كونها "بلدا ديمقراطيا واجتماعيا"، مبرزا في الوقت نفسه بأن عمل الحكومة يرتكز على نظرة براغماتية تراعي بالدرجة الأولى مصالح المواطن الجزائري، عرض رؤساء الأفواج الخمسة التي نصبت في اجتماع الأطراف الثلاثة في 10 أكتوبر الماضي النتائج والتوصيات التي تم التوصل إليها خلال فترة الأشهر الثلاثة التي منحت لها كمهلة لاستكمال هذا العمل. واستهل وزير المالية، كريم جودي، عرضه الذي تمحور حول كيفيات إشراك المجلس الوطني للاستثمار في تمويل النشاط الاقتصادي الوطني، بتقديم عرض وجيز حول الوضع المالي والنقدي للبلاد، جدد من خلاله التأكيد على أن الجزائر تشهد مؤشرات اقتصادية كلية مستقرة وفي تحسن مستمر، خلافا لما ذهبت إليه بعض التحاليل في قراءتها للانخفاض الظرفي لصادرات المحروقات الجزائرية خلال فترة من العام 2013 لأسباب مرتبطة بتقلبات السوق العالمية. وبخصوص نتائج عمل الفوج المشترك الذي أشرف على رئاسته، أبرز السيد جودي توصل هذا الأخير إلى إقرار ضرورة إسهام المجلس الوطني للاستثمار الذي أنشئ في 2006، وانحصر دوره في تمويل القطاع العمومي فقط، في تزويد كافة المؤسسات الوطنية بما فيها الخاصة بوسائل تطوير نشاطها الاستثماري، سواء من حيث التمويل أو من حيث المرافقة في التكوين والتأهيل، وذلك بعرض تشجيع الاستثمار الوطني المنتج. من جانبه، أكد وزير التنمية الصناعية وترقية الاستثمار، عمارة بن يونس، استكمال فوج العمل الذي أشرف على رئاسته لبلورة العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي للنمو، والذي ينطوي على أهداف التعجيل بمسار الإصلاحات الاقتصادية والتنمية الصناعية وتحسين مناخ الأعمال، والمنظومة الصحية والحماية الاجتماعية والالتحاق بالعمل وتحسين القدرة الشرائية وتكييف منظومة التكوين مع احتياجات المؤسسة إلى جانب الأمن الطاقوي، مع اعتماد آلية لمتابعة تنفيذ هذا العقد الذي حددت مدته ب5 سنوات قابلة للتجديد. الفوج الثالث الذي ترأسه وزير السكن والعمران والمدينة، عبد المجيد تبون، توصل من جانبه إلى إقرار إعادة النظر في التدابير التنظيمية والقانونية التي تسمح بشكل أكبر للمؤسسات الوطنية بالمساهمة في الصفقات المرتبطة بإنجاز البرنامج الوطني للتجهيز، كما تم استحداث لجان فرعية للتحكيم لفض النزاعات القائمة بين أصحاب المشاريع ومؤسسات الانجاز على مستوى الولايات، وذكر الوزير بالمناسبة بشروع الوزارة الوصية في إعداد قائمة قصيرة ثانية للمؤسسات المؤهلة للمساهمة في إنجاز المشاريع السكنية المدرجة في إطار البرنامج الوطني العمومي، والتي يشترط أن تكون قادة على إنجاز مشاريع يصل حجمها إلى 400 وحدة سكنية، وذلك بغرض تمكين أكبر عدد ممكن من المؤسسات الوطنية من الحصول على حصص معتبرة من السوق الوطنية في هذا المجال، مع الإشارة في نفس السياق إلى أن الحكومة وافقت قبل أيام حسب الوزير الأول على مشروع نص قانوني يسمح للمؤسسات بالحصول على تأهيل في نشاطين اثنين إضافيين لنشاطها وتخصصها الأساسي. ومن ضمن الملفات الملحة التي ركز عليها ممثلو الاتحاد العام للعمال الجزائريين خلال اللقاءات التي جمعت الأطراف الثلاثة في الفترة الأخيرة، ملف تشجيع الإنتاج الوطني عبر المساهمة في تسهيل تسويقه واستهلاكه، من خلال بعث قرض استهلاكي موجه بصفة حصرية لاقتناء المنتوجات الوطنية، وهو الإجراء الذي تمت المصادقة عليه من قبل الثلاثية، بعد تأكيد وزير التجارة مصطفى بن بادة الذي ترأس فوج العمل المشترك الرابع المكلف بهذا الملف عن التوصل إلى إقرار هذا القرض بصفة مبدئية، على أن يشرع في المرحلة القادمة في وضع التدابير الإجرائية المرتبطة باعتماده، ومنها تحديد القيم والفئات المستفيدة منه والمنتجات المعنية به وكذا إتمام مشروع مركزية تسيير مخاطر القروض التي سترافق البنوك في تجسيد التدابير المرتبطة بهذا القرض. من جانبه، طالب الفوج المشترك الخامس المكلف بملف تاطير أفعال التسيير، بترقية الممارسات الجيدة للتسيير داخل المؤسسات ووضع قواعد الحكم الراشد لتمكين المؤسسات من المنافسة بعيدا عن الخوف والتردد، ومن أبرز المقترحات التي قدمها الفوج في هذا الإطار تفادي المتابعات القانونية ضد مسيري المؤسسات العمومية على أساس الرسائل مجهولة الهوية واستبدال الإجراءات الجزائية المطبقة على مسيري المؤسسات العمومية بإجراءات إدارية وتأديبية. وإضافة إلى مصادقتها على هذه النتائج التي توصلت إليها الأفواج المشتركة الخمسة، وقعت أطراف الثلاثية في نهاية الاجتماع على العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي للنمو، كما أقرت وفقا للقرار الذي أعلن عنه الوزير الأول عبد المالك سلال موافقتها على إلغاء المادة 87 مكرر من قانون العمل 90/11 لإعادة صياغة مفهوم جديد للأجر الوطني الأدنى المضمون يشرع في اعتماده رسميا في إطار قانون المالية لسنة 2015.