احتضنت ولاية تبسة، أمس، الاحتفالات الرسمية لإحياء الذكرى المزدوجة لتأميم المحروقات وتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين، بمشاركة محمد علي بوغازي، مستشار لدى رئاسة الجمهورية، الذي قرأ بالمناسبة رسالة لرئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، موجهة إلى العمال الجزائريين. كما حضر الاحتفالات كل من محمد بن مرادي، وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، وعبد المجيد سيدي، السعيد الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين. واستهلت الاحتفالات بوضع إكليل من الزهور أمام النصب التذكاري بوسط المدينة الذي يضم أسماء الشهداء الذين سقطوا في ميدان الشرف بهذه المنطقة والترحم على أرواحهم الطاهرة. ليتم بعدها تنظيم لقاء خاص بالذكرى بجامعة تبسة. وصرح وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، محمد بن مرادي، أن المعالجة الاقتصادية أساسية من أجل إيجاد حلول هيكلية لإشكاليتي البطالة والإقصاء الاجتماعي. وفي كلمته افتتاح هذا اللقاء الوطني الذي جمع الاتحاد العام للعمال الجزائريين بعمال ونقابيين، أشار إلى "ضرورة وضع وتنفيذ نموذج للتنمية يلقى إجماع وانخراط الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين". وذكر الوزير بالجهود المبذولة من طرف الدولة في مجال مكافحة البطالة، مشيرا إلى أن معدلها الذي بلغ في 1997 أعلى مستوياته (ما يقارب 30 بالمائة) تناقص بشكل كبير ليصل إلى أقل من 10 بالمائة في 2013. وأوضح في السياق أنه خلال السنة المنصرمة تم القيام بتثبيت الموظفين في القطاع الاقتصادي في مناصبهم لاسيما 320 ألف عامل كانوا يعملون في إطار الوكالة الوطنية للتشغيل. وهو ما اعتبره "سابقة "، موضحا أن 70 بالمائة من العمال الذين تم تثبيتهم يعملون في القطاع الخاص. كما تحدث عن تمكن مختلف أجهزة دعم التشغيل الموضوعة من طرف الدولة من تمويل 64 ألف مؤسسة ستسمح باستحداث حوالي 140 ألف منصب شغل مباشر، مسجلا أن المشاريع الممولة "تتجه شيئا فشيئا نحو المهن الفلاحية والصناعية وتكنولوجيات الإعلام والاتصال والطاقات المتجددة". واعتبر الوزير أن هذه المعطيات تؤكد الجهود المبذولة منذ ما يقارب عقدين من الزمن والتي بدأت تعطي ثمارها ميدانيا، وقال إن الجهود "ستتواصل بنفس العزيمة من أجل تعزيز وتيرة التنمية الشاملة". وبعد أن أثنى على العاملات والعمال الذين ضحوا من أجل الحرية وبناء الجزائر، ذكر السيد بن مرادي بمكاسب العمال في مجال الضمان الاجتماعي الذي يضمن التأمين ل10 ملايين مؤمن ومن ذوي الحقوق، إضافة إلى إصدار بطاقة الشفاء ل9 ملايين شخص. كما يشكل الصندوق الوطني لاحتياطات التقاعد "أحد المكاسب بالغة الأهمية التي استفاد منها العمال الجزائريون"، حسبما أشار إليه الوزير، موضحا أن هذا الصندوق أنشئ بمبادرة من رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، ومثله المجلس الوطني للتعاضديات الاجتماعية الذي يساهم في مكافحة الفقر وتكريس مبدأ التضامن بين الأجيال. ودعا السيد بن مرادي الذي تحدث مطولا عن هذه الذكرى المزدوجة وعلى دور العمال خلال مختلف المراحل التي مرت بها الجزائر إلى توحيد الجهود لمواجهة التحديات الدولية. وشدد على أهمية الحوار الاجتماعي، مشيرا إلى أن تاريخ 24 فيفري "تعزز بحدث هام وهو انعقاد الثلاثية الذي أضحى على مر السنين تقليدا راسخا". من جهته، أكد الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، عبد المجيد سيدي السعيد، أن المركزية النقابية تسعى إلى توحيد صفوف الجزائريين و«تعمل دوما بعيدا عن أي عنف". وإذا كانت تبسة المحطة الرسمية في الاحتفالات بالذكرى المزدوجة، فإن باقي ولايات الوطن لم تفوت إحياء المناسبة عبر العديد من النشاطات التي ميزت أجواء الاحتفال بها. ففي الجنوب، عمت مراسم الترحم على أرواح الشهداء الطاهرة وتدشين عدة منشآت وتنشيط تظاهرات متنوعة في العديد من الولايات، وتميز جانب من مظاهر إحياء هذه المناسبة بولاية ورقلة بتدشين وزير الطاقة والمناجم يوسف يوسفي بمعية الرئيس المدير العام لمجمع سوناطراك عبد الحميد زرقين مصنع معالجة الغاز لقاسي الطويل الذي سيوفر للجزائر طاقة إضافية لمعالجة 6ر3 ملايير متر مكعب سنويا. ودشنت السلطات الولائية مؤسسة لصناعة المنشآت المعدنية وأخرى للإنارة العمومية بعاصمة الولاية إلى جانب تدشين شطر 20 كلم من الطريق الوطني المزدوج رقم 56 الرابط بين مدينتي ورقلة وتقرت. وفي إطار هذه الاحتفالات دائما نظم ببلدية تبسبست بدائرة تقرت الكبرى حفل حضره عدد من أعضاء الأسرة النقابية للاتحاد العام للعمال الجزائريين تم خلاله تكريم عدد من العمال المتقاعدين والنقابيين. وتحتضن ورقلة أيضا ضمن هذه الفعاليات الاحتفالية الصالون الأول للتهيئة والتجهيزات الحضرية الذي يشارك فيه نحو ثلاثين عارضا. من جهتها، شهدت مدينة حاسي مسعود منافسات سباق "رالي الواحات" بمشاركة سيارات ودراجات نارية يقودها سائقون من مختلف ولايات الوطن. نفس الأجواء الاحتفالية شهدتها ولايتا غرداية والبيض والتي تميزت بتنظيم العديد من الأنشطة من بينها تكريم عدد من العمال المتقاعدين ووجوه نقابية بمبادرة من الأمانات المحلية للإتحاد العام للعمال الجزائريين. واحتفاء بهذه الذكرى، أطلقت بولاية بشار أشغال إنجاز محطة كبرى للخدمات تابعة لمؤسسة "نفطال". وبغرب البلاد، أقيمت بالمناسبة مراسم ترحم على أرواح الشهداء مع تكريم متقاعدين وإطارات نقابية على غرار ما شهدته ولاية مستغانم. وسمحت تجمعات العمال التي نظمتها الاتحادات الولائية للاتحاد العام للعمال الجزائريين بالتذكير بالمكتسبات الاجتماعية والاقتصادية للجزائر منذ استرجاع الاستقلال فضلا عن تسليط الضوء على التزام وعزم عالم الشغل على رفع جميع التحديات لضمان تنمية منسجمة للبلاد. وشهد إحياء هذه الذكرى التاريخية بولاية وهران توزيع ما لا يقل عن 550 مسكنا ضمن برنامج الصندوق الوطني لمعادلة الخدمات الاجتماعي على المستفيدين أغلبيتهم من العمال. وبولاية معسكر، أعطى الوالي إشارة انطلاق أشغال تموين 520 عائلة من قرية مقطع مناور (بلدية سيدي عبد المومن) بالغاز الطبيعي. كما تمت تسمية المركز الطبي الاجتماعي لمؤسسة النقل بالسكك الحديدية ببلدية المحمدية باسم الأمين العام السابق للاتحاد العام للعمال الجزائريين الراحل عبد الحق بن حمودة. وقام الوفد الرسمي بزيارة المؤسسة العمومية للمصابيح الكهربائية "فيلامب" إلى جانب تكريم مجموعة من العمال والنقابيين. أما بتيسمسيلت فقد افتتح بالمكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية المعرض الولائي الأول للكتاب الخاص بالطاقة. وتتضمن التظاهرة مؤلفات علمية وتقنية تعالج الطاقة في جميع أشكالها. ويشكل هذا الحدث الذي يدوم أربعة أيام فرصة للمنظمين لعرض ملصقات وصور حول ظروف تأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين ونضالاته ومكتسباته منها تأميم المحروقات يوم 24 فبراير 1971 الذي يعد قرارا تاريخيا ومرحلة مهمة في استرجاع السيادة الوطنية.