أعلنت مختلف العواصم الأوروبية حالة استنفار أمني بعد الهجوم المسلح الذي استهدف المتحف اليهودي بالعاصمة البلجيكية بروكسل، مساء السبت، وخلف مقتل زوج إسرائيلي ومواطنة فرنسية وإصابة شخص رابع وصفت حالته ب”الميؤوس منها”. ولم تتبن أية جهة إلى حد الآن مسؤوليتها عن هذا الهجوم في وقت شرعت فيه أجهزة الأمن البلجيكية في عملية بحث وتحريات مكثفة في محاولة لضبط منفذ الهجوم وأصدرت صورة تقريبية من أجل ضبطه. وسارعت السلطات البلجيكية والفرنسية إلى اتخاذ إجراءات أمنية مشددة حول أماكن العبادة التابعة للجالية اليهودية في نفس الوقت الذي تعرض فيه شقيقان يهوديان، ليلة السبت إلى الأحد، إلى اعتداء بالضرب المبرح لدى مغادرتهما معبدا يهوديا في العاصمة باريس من طرف مجهولين اثنين لاذا بالفرار. وبمجرد وقوع الحادثتين، أشهر الإعلام الإسرائيلي والغربي بصفة عامة ورقة معاداة السامية التي عادة ما تهدد بها إسرائيل واللوبي الصهيوني المتغلغل في مختلف الدول الأوروبية ولإعطاء الشرعية لأية عمليات ملاحقة أمنية ضد كل من يشتبه في عدائه للفكر الصهيوني. وقال الناطق باسم النيابة العامة البلجيكية أنه لم يتم التأكد بعد ما إذا كان الهجوم يحمل طابعا إرهابيا أو معاديا للسامية. وفي كلتا الحالتين فإن المتهم سيكون معروفا مسبقا وهو إما مسلم أو عربي مع أن اليمين المتطرف في أوروبا محتمل أن يكون هو الذي وقف وراء هذا الهجوم. والمفارقة أن العملية غطت على زيارة بابا الفاتيكان إلى فلسطينالمحتلة ولا يستبعد أن تكون طعنة في ظهر هذا الأخير الذي راح يحث على قيم السلام والأمن والإخوة بين أبناء الديانات السماوية الثلاثة. وهو ما يطرح فرضية أن يكون منفذو عملية بروكسل من اليهود المتطرفين الذين عارضوا زيارة البابا وأرادوا من خلال هذا الهجوم توجيه رسالة له بأنهم ضد فكرة السلام الذي يدعو إليه مع المسلمين. وتم تلفيق تهمة معاداة السامية في عمليتي بروكسلوباريس مع أن مصالح الأمن الفرنسية باشرت لتوها تحرياتها ولم تتأكد بعد من هوية منفذي الاعتداء. والمؤكد أن أصابع الاتهام ستوجه دون شك باتجاه أبناء الجاليات المسلمة في مختلف الدول الغربية الذين سيدفعون ثمن هاتين العمليتين لا لسبب إلا لكونهم مسلمون “يكنون حقدا تجاه اليهود”. وهي الصورة النمطية التي يريد الساسة الغربيون ووسائل الإعلام في هذه الدول تكريسها ضد العرب والمسلمين. وهي أيضا فزاعة كثيرا ما تلجأ إليها الدعاية الإعلامية الصهيونية للتغطية على العداء الذي يكنه اليهود للعرب مع أن سياسات إسرائيل تجاه كل ما هو عربي ومسلم هي التي جلبت لها ذلك العداء إلى درجة المقت. وهي القناعة التي سارع المسؤولون الإسرائيليون إلى تسويقها حيث سارع الوزير الأول الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، إلى التأكيد أن العملية نتيجة حتمية للشحن الدعائي ضد اليهود وضد إسرائيل. بينما راح المؤتمر اليهودي الأوروبي إلى إقامة علاقة غير مبررة مع الذكرى الثانية لمقتل محمد مراح من طرف قوات التدخل السريع الفرنسية بتهمة اغتياله لأربعة يهود وثلاثة عسكريين فرنسيين بمدينة تولوز في جنوب غرب فرنسا سنة 2012.