ألقت تداعيات الأزمة السورية بظلالها على زيارة رئيس الدبلوماسية الأمريكية جون كيري، إلى العاصمة اللبنانيةبيروت هي الأولى من نوعها لوزير خارجية أمريكي الى لبنان منذ خمسة أعوام. وفرضت أحداث الحرب الأهلية في سوريا نفسها على زيارة جون كيري، رغم انه توجه إلى لبنان لبحث الموقف الداخلي مع سلطاته، وخاصة وان البلد يمر بمرحلة فراغ دستوري بعد أن عجزت مختلف الأحزاب اللبنانية عن انتخاب رئيس للبلاد خلفا للرئيس ميشال سليمان، الذي انتهت عهدته الرئاسية بداية الأسبوع الماضي. ويبدو أن الادارة الأمريكية بدأت تولي اهتماما خاصا للأوضاع الداخلية اللبنانية، بعد أن أبدت مخاوف من احتمالات تحوله الى بؤرة توتر جديدة في منطقة الشرق الأوسط يستحيل التحكم فيها في ظل مخاطر انتقال تبعات الأزمة السورية الى هذا البلد المنقسمة شرائحه الى مؤيد للنظام السوري، وأخرى معارضة له. ولم يفوت الوزير الامريكي مناسبة وصوله الى بيروت، لتوجيه رسائل صريحة أكد من خلالها أن تسوية الأزمة السورية تمر حتما عبر موسكو وطهران ومعاقل حزب الله، في مقاربة ما انفكت تدافع عنها الدول الغربية وترفضها موسكو التي تصر من جهتها أن حل هذه المعضلة يمر أيضا عبر واشنطن وبعض الدول العربية بسبب دعمها للمعارضة السورية. وحث وزير الخارجية الأمريكي، إيران وروسيا وحزب الله على لعب دور ايجابي لوضع حد لهذه الحرب". يذكر أن كيري، وصل الى العاصمة اللبنانية في زيارة أحيطت بسرية تامة وتزامنت مع أزمة سياسية حادة بعد أن عجزت مختلف أطراف المعادلة السياسية في هذا البلد عن تجاوز حالة الفراغ الدستوري ببقاء منصب رئيس الجمهورية شاغرا. وتكون مثل هذه الوضعية غير الطبيعية هي التي دفعت بكيري للتوجه إلى بيروت ضمن مسعى لإقناع الفرقاء اللبنانيين بتجاوز خلافاتهم والاتفاق على شخصية سياسية تخلف الرئيس ميشال سليمان. وتأكد ذلك خاصة وان كيري، لم يخف خلال لقائه برئيس الحكومة تمام سلام، ورئيس البرلمان نبيه بري، ضرورة انتخاب رئيس جديد للبنان في اقرب وقت ممكن بعيدا عن اية ضغوط خارجية. وكانت الإشارة واضحة إلى الاحتقان السياسي الحاصل على الساحة اللبنانية بين فريق حزب الله الموالي للنظام السوري، والمحسوب على محور إيران، وبين فريق 14 مارس الذي يقوده حزب المستقبل بزعامة سعد الحريري، المدعوم من طرف الدول الغربية والعربية السعودية. وعجزت الطبقة السياسية في لبنان من التوصل إلى أرضية توافقية تمكنها من تجاوز عقبة انتخاب رئيس الجمهورية، بعدما تمسك كل فريق بمواقفه ورفض تقديم تنازلات لتسهيل عملية الانتخاب التي تتم عادة عبر جلسات لنواب البرلمان. واغتنم رئيس الدبلوماسية الأمريكية، تواجده بالعاصمة اللبنانية ليعلن عن تقديم مساعدة مالية بقيمة 290 مليون دولار لفائدة اللاجئين السوريين الذين فروا من جحيم الحرب الدامية الدائرة رحاها في بلدهم منذ أكثر من ثلاثة أعوام ونصف العام إلى مختلف دول الجوار وخاصة لبنان. وتعد لبنان إلى جانب الأردن من بين دول الجوار التي تتحمّل عبء اللاجئين السوريين حيث تؤوي لبنان لوحدها أكثر من مليون لاجئ. وهو ما جعل الإدارة الأمريكية تخصص 51 مليون دولار من قيمة مساعدته المالية لفائدة اللاجئين السوريين في هذا البلد. وتأتي هذه الإعانة المالية بعد أن كان جون يونغ كيم مدير البنك العالمي قد أكد أن الحرب في سوريا كبدت لبنان أكثر من 7.5 مليار دولار مابين اندلاع الأزمة شهر مارس 2011، وصيف 2013 .