كشفت مفتشية العمل أن عمالة الأطفال في الجزائر توجد بنسب ضئيلة؛ حيث لا تتجاوز نسبة 0.5 % من الأطفال الأقل من 16 سنة ممن يعملون. وأكد وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي محمد الغازي، أن هذه المعطيات تدل على ضعف ظاهرة عمالة الأطفال في الوطن، إلا أنه يبقى هناك عمل وقائي يُلزم جميع الأطراف بالعمل المنسق للقضاء على هذه الظاهرة. واعتبر الوزير خلال تدخله بمناسبة إحياء اليوم العالمي ضد عمالة الأطفال بمقر وزارته الخميس المنصرم، أن الجزائر قد قطعت مراحل هامة في تجسيد التوصيات والمعايير الدولية من خلال التدابير المتخذة في مجال مكافحة عمالة الأطفال وحماية الطفولة بصفة عامة، ومن ذلك وضع سياسة ملائمة ترتكز أساسا على تطوير التعليم للجميع، وتدعيم الخدمات في مجال الصحة وتحسين الظروف المعيشية للأسر. في هذا السياق، أشارت وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط في تدخلها، إلى أن السياسة المعتمدة من طرف الدولة الجزائرية والقاضية بإجبارية التعليم العمومي المجاني، قد سمحت بتحقيق نسبة تمدرس عالية وصلت إلى 97 %، مؤكدة عزم السلطات المعنية على تكثيف العمل المنسق والموسع من أجل الاهتمام بالطفل، ومن ذلك توسيع نطاق المطاعم المدرسية، وأيضا تعزيز المدارس بوحدات الكشف والمتابعة الصحية لترقية صحة الطفل، ومنه الصحة العمومية، إلى جانب اهتمام خاص بالكتاب المدرسي وجعله في متناول جميع المتمدرسين. كذلك اهتمت الوزيرة بالإشارة إلى عمل مصالح وزارتها لدعم النقل المدرسي، الذي اعتبرته ملفا مهمّا، يستدعي اهتماما خاصة من أجل ترقية التمدرس في المناطق النائية، وتحقيق نسب تمدرس أفضل خاصة وسط الفتيات. كما أشارت إلى العمل التضامني في المجال المدرسي بحديثها عن المنحة المدرسية المقدرة ب3 آلاف دينار، التي قالت عنها بن غبريط إنها تشكل وجها آخر من أوجه مساهمات الدولة في دعم استمرارية تمدرس الأطفال المحتاجين. كما أكدت الوزيرة التزام الدولة لضمان تكوين نوعي للمتمدرسين، خاصة أن العالم اليوم يتوجه نحو تخصصات معيّنة لاكتساب مهارات وكفاءات تؤهلهم لمواكبة تلك التخصصات، "وعليه فإن علينا ضمان التكوين الحسن لكافة الأطفال المتمدرسين، وتأهيلهم لدخول عالم الشغل لاحقا، وهنا نؤكد أن مصالحنا تراعي، وبصفة إلزامية، تحقيق شرط التمدرس لكل طفل إلى أن يبلغ سن ال16، وهو ما سيسمح له بالالتحاق بمراكز التكوين المهني"، تقول الوزيرة، داعية إلى مزيد من تنسيق الجهود بين مختلف القطاعات للتكفل بمسألة عمالة الأطفال، والعمل على القضاء عليها وتمكين كل طفل من حقوقه.
أقل من 1 % من عمالة الأطفال بالوطن من جهتها، أشارت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة نورية مسلم، إلى أن "إشكالية عمالة الأطفال كظاهرة اجتماعية لا تمثل انعكاسا خطيرا في الجزائر مثلما هو موجود في العديد من الدول؛ فهي تمثل ما نسبته 1% من الأطفال الأقل من 16 سنة العاملين في السوق السوداء؛ أي سريا لاسيما في مناطق الجنوب والهضاب العليا". والرقم الذي أشارت إليه الوزيرة في مداخلتها يمثل عدد الأطفال العاملين بعد تحقيق أجرته مفتشية العمل على عيّنة من المؤسسات والشركات خلال 2012، قُدّر عددها ب 1227، تشغّل ما مجموعه 93.794 عاملا، منهم 14 طفلا أقل من 16 سنة؛ ما يعني أن عمالة الأطفال قد حددت نسبتها ب0.5 %، وهو نفس الرقم الذي أشار إليه الوزير محمد الغازي، مع الإشارة إلى أن الأغلبية الساحقة لهؤلاء الأطفال يعملون في إطار العمل العائلي؛ أي بيع الخضر والفواكه والخبز وغيرها. من جهته، أكد وزير التعليم والتكوين المهنيين محمد بدوي في مداخلته، أن قطاعه يُعد فاعلا أساسيا في مكافحة عمالة الأطفال، وذلك باستقباله شبابا ما بين 15 و25 سنة ومن كل الفئات الاجتماعية؛ قصد تمكينهم من تأهيلات مهنية تسمح لهم بالاندماج في الشغل أو خلق نشاطاتهم. وقد سمح هذا بتكوين 202 ألف شاب، منهم 91.224 فتاة إلى اليوم. وأكد الوزير على أهمية البعد متعدد القطاعات لبرامج التكفل بالأطفال، خاصة مكافحة العمل غير الشرعي للأطفال؛ "لا بد من تضافر الجهود والوسائل المادية والبشرية؛ قصد توفير حياة كريمة لكل أطفالنا الأبرياء والمستضعفين"، يقول الوزير. وجدير بالذكر أن إحياء اليوم العالمي ضد عمالة الأطفال جاء هذه السنة تحت شعار "توسيع نطاق الحماية الاجتماعية للقضاء على عمالة الأطفال"، علما أن الإحصائيات العالمية تشير إلى وجود 160 مليون طفل في عالم الشغل، منهم 85 مليون طفل يشتغلون في أعمال خطيرة جدا.