وقع المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الامريكية باراك اوباما في فخ تصريحاته بخصوص التواجد العسكري لبلاده في العراق عندما اكد تأييده لبقاء قوات اخرى لعدة سنوات في هذا البلد بدعوى ملاحقة الارهابيين. واكد اوباما على جوهر تصريحاته عندما حل سريا بالعاصمة العراقية قادما اليها من الكويت بعد محطة افغانستان. ولم يأت باراك اوباما بأي جديد عندما اكد على ضرورة سحب قوات بلاده من العراق خلال السنتين القادمتين ولكنه شدد التأكيد على ابقاء وحدات خاصة لملاحقة الارهابيين . والواقع ان اوباما اراد من خلال تصريحه لعب ورقة معارضة منافسه الجمهوري جون ماك كين في الانتخابات القادمة بخلفية التميز ولكن بقناعة واحدة وهي ضرورة ابقاء التواجد العسكري الامريكي بكيفية او بأخرى في احد أغنى دول العالم بمادة النفط الحيوية. ويأتي تأكيد اوباما على بقاء قوات بلاده حتى وان كان عددها اقل بكثير عما اقترحه الرئيس الحالي جورج بوش، فإن ذلك يعتبر بمثابة طريقة اخرى لاحتفاظ القوات الامريكية بموضع قدم في العراق تستغله لزيادته او التقليص منه في حدود مرسومة مسبقا مادامت تحتفظ بشرعية تواجدها في العراق. والحقيقة ان المرشح الديمقراطي لا يمكن ان يكون سوى وجه لعملة امريكية معروفة مسبقا يبقى وجهها الآخر الحزب الجمهوري اللذان يعملان لاهداف مسطرة ضمن استراتيجية تحددها دوائر الضغط وصناعة القرار في الهيئات النافذة في الولاياتالمتحدة لخدمة سياسة محددة آجالها القريبة والبعيدة وتجعل كل من المرشحين الديمقراطي والجمهوري رهين هذه التوجهات بل ومنفذها. ولذلك فإن تصريحات اوباما التي خرجت عن المألوف الذي طغى على الوضع في العراق لاكثر من خمس سنوات اراد من خلالها دغدغة عواطف عائلات الجنود الامريكيين الذين تم الزج بهم في المستنقع العراقي ولكن لاغراض انتخابية محضة بقناعة ان الوضع في العراق سيكون في صلب الحملة الانتخابية القادمة وبخلفية انها الورقة التي جعلت شعبية الرئيس الامريكي الحالي تنهار الى ادنى مستوياتها التاريخية وبالتالي استغلال نقيضها لكسب ود الناخبين في الرابع من نوفمبر القادم. وقد استشعر المرشح الجمهوري جون ماك كين خطورة التحرك الذي يقوم به اوباما وراح يعاتب منافسه الى البيت الابيض بتصريحات ساخنة طالبه فيها بضرورة اعادة مراجعة مواقفه بخصوص الوضع في العراق بعد زيارته الى هذا البلد والاعتراف بخطئه الفادح في مقاربته للوضع هناك بعد ان طالب بسحب القوات الامركية خلال عامين. وهاجم ماك كين نظرة منافسه الداعية الى تقليص التعداد الامريكي في العراق وتدعيمه في افغانستان وقال "اننا لسنا في حاجة لربح المعركة في افغانستان وخسارتها في العراق". يذكر ان العراق مازال يعج بقرابة 150 الف عسكري امريكي في اكبر انتشار للقوات الامريكية في الخارج منذ خمس سنوات في محاولة يائسة لاستعادة الاستقرار الى هذا البلاد الممزق. وبقت مسألة التعاطي مع هذا الوضع وطريقة الخروج من مستنقعه ورقة بين ايدي الجمهوريين والديمقراطيين على خلفية الانتخابات القادمة شهر نوفمير القادم. وبين تطاحن وجهي العملة الامريكية يبقى العراقيون يتجرعون مرارة الاحتلال واثاره الكارثية على اوضاعهم الامنية والمعيشية والصحية وحتى التعليمية دون الحديث عن فرار قرابة خمسة ملايين منهم الى الخارج ونزوح اكثر من مليون عراقي من مناطقهم الاصلية هروبا من جحيم الحرب الاهلية التي كرّسها الاحتلال الامريكي لاغراض تهم خطته لفرض الهيمنة الامريكية على اكبر مخزونات النفط في العالم.