عرضت يوم الثلاثاء بالمسرح الوطني محي الدين باش طارزي بالجزائر العاصمة مسرحية "امرأة من ورق" للمسرح الجهوي "عز الدين مجوبي" لعنابة في إطار المسابقة الرسمية للطبعة السابعة للمهرجان الوطني للمسرح المحترف حيث عرفت حضور جمع غفير من وجوه الفن والثقافة وهواة الفن الرابع. وتتناول المسرحية التي اقتبسها مراد سنوسي عن رواية "أنثى السراب" للأديب واسيني الأعرج وتولت إخراجها الفنانة سكينة مكيو المعروفة باسمها الفني "صونيا" جانبا من المعاناة الوجدانية للمثقف والفنان من خلالها قصة حب تنشأ وتنمو بين كاتب وبطلة رواياته "مريم" التي أرادها من ورق ليصبح حضورها مع الوقت ملموسا في حياته ومثيرا للقلق والشكوك والغيرة لدى زوجته. وبدأ العرض الذي جاء بالدارجة والفصحى بتأوهات الزوجة التي كادت تغرق في جنون غيرتها لدى علمها أن زوجها الكاتب الذي كان في الغيبوبة أفاق وهو ينادي باسم بطلة رواياته "مريم" لتدخل عليها مريم نفسها وهي في هستيريتها تلك وتخبرها أنها "حقيقية" وأنها حبيبة زوجها منذ سنين طويلة. وفي أجواء حزينة صنعها العمل السينوغرافي الذي اختار اللونين الأبيض الملائكي ل"مريم" (هواري رجاء) والأسود للزوجة الناحبة (لعريني ليديا) تقاسمت الممثلتان الوحيدتان في هذا العمل وفي حوارية نسوية تصادماتهما أحيانا وتوافقاتهما أحيانا أخرى وهما ترويان جانبا من مسيرة حياة حبيبهما الكاتب. و إذا كان منطلق المسرحية قصة حب مخفية بين الكاتب و"مريم" ومعاناة تحوم حولها الزوجة فإنها لا تخلو أيضا من "التحية" و"الالتفاتات التكريمية" لرجالات الفكر والفن والأدب الذين تركوا بصماتهم في تاريخ الجزائر المعاصرة وفي حياة الكاتب نفسه على غرار كاتب ياسين وإسياخم وعلولة ومجوبي. كما اختار هذا العمل الدرامي أن يستحضر الذاكرة ويتوقف ليحكي آلام الجزائر خلال التسعينيات والجراح التي خلفتها الاغتيالات التي استهدفت كثيرا من المبدعين. ويكتشف الجمهور مع بداية العرض ديكورا بسيطا يتمثل في الغرفة الحزينة التي اتخذتها الزوجة للنحيب ومساءلة حبيبة زوجها حيث غلب عليها منظر كومة الأوراق المتناثرة. وبعد ساعة من العرض أسدل الستار على العمل الذي أدى له السينوغرافيا يحيى بن عمار وألف له الموسيقى سامعي صالح بتصفيق من الجمهور الذي استهواه الأداء والقصة رغم بقاء شخصية "مريم" مبهمة تحوم بين الحقيقية والخيال. وأعرب المقتبس سنوسي عقب العرض عن "رضاه" بالعمل المقدم موضحا أنه "واجه كثيرا من الصعوبات في اقتباس الرواية لكبر حجمها ولصعوبة فهمها في نفس الوقت". وفيما أفصحت الفنانة هواري رجاء عن أن الأداء "جمع بين المتعة والإرتباك والصعوبة" أوضحت لعريني ليديا أنها "قدمت كل ما لديها بصدق وأمانة" مبدية إعجابها بالإقتباس وبالرواية نفسها. ومن جهته أعرب الروائي واسيني الأعرج عن "رضاه" عن العمل المقدم والإقتباس معبرا عن امتنانه للمخرجة صونيا وللفنانتين اللتين "أعطتا دفعا جديدا للرواية" ومشيدا في نفس الوقت بالسينوغرافي بن عمار الذي "أعطى العمل لمسته الشعرية". يذكر أن فعاليات الطبعة السابعة للمهرجان الوطني للمسرح المحترف التي انطلقت السبت الماضي ستتواصل إلى غاية 27 سبتمبر الجاري حيث تتنافس 17 فرقة على مختلف جوائز المسابقة الرسمية.