عدد كبير من بلدان العالم شاركت الجزائر خلال العام 2012 احتفالاتها بخمسينية استقلالها من خلال مؤتمرات وحفلات موسيقية وعروض أفلام ومعارض للصور عادت عبرها إلى أهم محطات كفاح الشعب الجزائري من أجل افتكاك إستقلاله. ومثلت هذه التظاهرات الثقافية مناسبة لتذكير العالم بالثورة الجزائرية التي تعتبر من أكبر الملاحم الثورية في القرن العشرين ومصدر إلهام للكثير من الحركات التحررية والشعوب المستعمرة خصوصا في إفريقيا وأمريكا اللاتينية. وفي المملكة المتحدة عقدت جامعة ليسترب إنجلترا في أفريل المنصرم لقاء دوليا حول الثورة التحريرية ضم أكاديميين من المملكة والولاياتالمتحدة ودول أخرى. ونظمت من جهتها جامعة شيفلد نوفمبر الماضي احتفالية سينمائية وعلمية عرفت عرض بعض الأفلام ك "معركة الجزائر"(1966) للإيطالي الراحل جيلوبونتيكورفووعقد يوم دراسي حول حرب التحرير الجزائرية حضره مجموعة من المؤرخين والباحثين. كما كان موضوع "الجزائر والدراسات الما بعد الكولونيالية" محور محاضرة في ديسمبر بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية بلندن نوقش من خلالها "إرث الجزائر الكبير" في هذه الدراسات. ولم تغب الأحزاب البريطانية عن احتفالات الخمسينية حيث نظم "الحزب الإشتراكي للعمال" بلندن شهر جويلية عرض "معركة الجزائر" في إطار" مهرجان الماركسية 2012".
وفي إسبانيا نظمت مؤسسة "كازا ارب" (البيت العربي الإسباني) في عدة مدن إسبانية عروض أفلام روائية ووثائقية احتفاء بالخمسينية على غرار "مسيرة شعب" (1963) للفرنسي رونيه فوتييه كما أقام البيت شهر أكتوبر أسبوعا ثقافيا جزائريا بمدريد شهد خصوصا تنظيم عرض صور فتوغرافية عن الأمير عبد القادر. وكانت الخمسينية حاضرة أيضا بعاصمة الإتحاد الأوروبي بروكسل من خلال معرض للصور الفوتوغرافية حول الجزائر العاصمة نظمه الإتحاد في نوفمبر تحت عنوان "الجزائر: رؤى متقاطعة" جمع أعمالا لمصورين جزائريين وأوروبيين. وحتى فرنسا لم تدر ظهرها للحدث حيث افتتح متحف الجيش الفرنسي في ماي الماضي بباريس معرضا للصور الفتوغرافية من أرشيفه بعنوان "الجزائر 1830-1962" اعتبر بمثابة "خطوة أولى للجيش الفرنسي في تحمل جرائم الجيش الإستعماري". وقامت من جهتها وكالة التصوير الفوتوغرافي الدولية "ماغنوم فوتوز" بعرض مجموعة فريدة من صورها برواقها بباريس عكست واقع الجزائر من 1957 إلى 1962. وغير بعيد عن العاصمة الفرنسية كانت السينما الجزائرية حاضرة في صلب فعاليات عدة تظاهرات سينمائية على غرار مهرجان الفيلم العربي بفاماك ومهرجان أراس السينمائي. وكان لألمانيا نصيب من هذه الاحتفاليات حيث نظمت المؤسسة الثقافية الكاميرونية "أفريك أفنير" بالعاصمة برلين عرض فيلم "خارجون عن القانون" للجزائري رشيد بوشارب تخليدا لذكرى ضحايا مجازرال8 ماي 1945. وفي الولاياتالمتحدةالأمريكية تم تنظيم عدة ملتقيات علمية خصصت للثورة التحريرية على غرار محاضرة حمو عميروش -العضو السابق في صفوف جيش التحرير الوطني- بجامعة بورتلاند الحكومية (أورجن) حول مشاركته في الثورة.
كما نظمت جامعة "جون هوبكنز" ببالتيمور مطلع نوفمبر ملتقى دولي بعنوان "1962-2012:العالم بعد إستقلال الجزائر" حضره العديد من الباحثين الجزائريين في حين أقامت جامعة كولومبيا بنيويورك في نفس الشهر مائدة مستديرة تحت عنوان "الجزائر تاريخ وتأريخ: 1962-2012" شارك فيها عدد من المؤرخين الجزائريين. ومن جهة أخرى نظمت شركة توزيع الأفلام المعروفة "ريالتوبكتشرز" خلال شهر جويلية عرض فيلم "معركة الجزائر" بكل من نيويورك وبنسلفانيا وكاليفورنيا وقد امتد الإحتفال بالخمسينية في الولاياتالمتحدة إلى أهم التظاهرات الموسيقية إذ برمج مهرجان "سليبريت بروكلن 2012" بنيويورك في نفس الشهر حفلا ساهرا أحيته المغنية المغتربة سعاد ماسي. وكانت ذكرى الخمسينية التي تحتفي بها الجزائر إلى غاية ال5 جويلية 2013 قد شهدتها أيضا عدة بلدان في إفريقيا على غرارناميبيا وأثيوبيا وغانا وأيضا مصر أين برمجت مكتبة الإسكندرية سلسلة من الأنشطة هدفت للتوثيق للثورة الجزائرية. ولم تغب دور النشر في الخارج عن مواكبة إحتفالات الجزائر اذ ازدانت المكتبات البريطانية بعدة مؤلفات منها "الثوريون الأوربيون واستقلال الجزائر: 1954-1962" و"السينما الوطنية الجزائرية". وبالعودة إلى السينما فقد خصصت الكثير من المهرجانات الدولية طبعاتها لعام 2012 للإحتفاء بالفن السابع الجزائري على غرارمهرجان الاسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط (12-19 سبتمبر) ومهرجان السينما الإفريقية بقرطبة الإسبانية (13-21 أكتوبر). وكانت ميزة هذا العام الحضور القوي لبعض المبدعين من الجيل الثاني للإستقلال الذين تناولوا في أعمالهم الثورة وحصلوا عبرها على جوائز من مهرجانات دولية كالوثائقيان "فدائي" لداميان أونوري الذي تناول الثورة من خلال مسيرة مناضل سابق في فدرالية فرنسا لجبهة التحريرالوطني و"هنا نغرق الجزائريين" لياسمينة عدي الذي أعاد للذاكرة المجازر التي ارتكبتها الشرطة الفرنسية في حق الجزائريين الذين خرجوا بباريس في مظاهرات سلمية ذات 17 ديسمبر1961.