بعض وسائل الإعلام العربية صارت بحق مختصة في صناعة الثورة ، ولا يهم إن صنعتها في بلاد عربية مستقرة ولا يوجد فيها ما يعكر صفو الحياة، ولكن صار خروج جماعة لشارع من أجل التظاهر ولو كان عددهم بعض من الأنفار حدثا تخصص له بعض وسائل الإعلام عناوين كبيرة في مقدمة الأخبار ، وما أن يسمع الناس بالخبر حتى يتجمعون حول النفر من البشر الذين خرجوا للشارع ليمارسوا هواية جديدة اسمها " الثورة " ولا يهم بعدها إن خربت البلد أو قسمت أو احتلت، وربما على الدول العربية اليوم وحكوماتها أن لا تتعب نفسها في اقتناء الخردة من السلاح بملايين الدولارات لمواجهة أي خطر ، بل ما يلزمها لا قنوات حقيقية تفتح فيها مجال الحرية ولو نسبيا للتصدي لقنوات الفتنة التي صنعت من حبوب الأمور قبابا وصوامع للدرجة التي تصير فيه تحركات شعبية مطالبة بلقمة الخبز إلى مسيرات تدعو إلى قلب النظام، ولا يهم إن انقلبت البلاد بعد هذا وصارت بلدانا متفرقة كما هو الأمر في ليبيا اليوم. والظاهر أن بعض الفضائيات تناست تماما إسرائيل والمجازر كما عودتنا وغيرت الاتجاه نحو ثورات عربية تصنعها القنوات ولا تصنعها الشعوب، لذا صارت بعض القنوات بحق غرفة عمليات عسكرية أكثر منها قنوات إعلامية، ولا تستغربوا إن أطل علينا يوما مذيع بلباس عسكري ورشاش في اليد فكل شيء ممكن في بلاد العرب والأعراب في زمن البترول والمصالح المتضاربة .