وجه المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط، جورج ميتشل، تحية خاصة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة على الدعم الذي تقدمه الجزائر للجهود الرامية إلى تحقيق "سلام شامل" في منطقة الشرق الأوسط. وصرح ميتشل للصحافة لدى وصوله إلى مطار هواري بومدين الدولي قائلا "أشكر الجزائر على الدعم الذي تقدمه من اجل تحقيق سلام شامل في الشرق الأوسط". وأضاف أن "الولاياتالمتحدة التزمت بالتوجه نحو سلام شامل من خلال تسوية سلمية لقضية الشرق الأوسط بما في ذلك إيجاد حل للنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني" مشيرا إلى أن "هذا الحل يتمثل في إقامة دولتين إسرائيلية وفلسطينية تعيشان جنبا إلى جنب في كنف السلام والرفاهية". وقال إنه "بالنظر إلى تجربة الجزائر الطويلة وآلمامها الكبيرة بمسألة الشرق الأوسط ودورها المعترف به فإنني انتظر نصائح الرئيس بوتفليقة ووزيره للشؤون الخارجية للتمكن من إيجاد طرق ووسائل السير قدما في اتجاه الحلول المقترحة". باختصار، ما صرح به ميتشل أمس يعبر عن أمنيات تأمل أن تتحقق في عهد أوباما الجديد. عندما زار الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد أمريكا العام 1985، في عهد ولاية الرئيس رونالد ريغان، كان ذلك بمثابة الاستفاقة المتأخرة للجزائر التي كانت تنتظرها العديد من الأحداث بسبب الأزمة الاقتصادية التي بدأت خيوطها الأولى تبزغ جراء انخفاض أسعار الذهب الأسود في الأسواق العالمية. والجزائر، على غرار الدول العربية، المعتمدة على عوائد النفط والغاز الطبيعي، لتمويل موازنتها، أخذت على غير غرة، عندما بدأت قلاع المعسكر الاشتراكي بالتهاوي واحدة تلو الأخرى، دون أن تتمكن من استشعار الخطر المحدق باستقرارها. زيارة بن جديد للولايات المتحدة قبل 24 عاما، جاءت كعرفان من الإدارة الأمريكية للدور الذي قامت به الدبلوماسية الجزائرية من أجل إنهاء أزمة الرهائن الأمريكيين في طهران. وبقيت العلاقات بين البلدين على ما هي عليه، وقد ساهم في بقائها مكانها، الهيمنة الاقتصادية والتجارية لفرنسا على مستعمراتها السابقة، والتي كانت الجزائر "فردوسها المفقود". ويتذكر العديد من المهتمين بملف العلاقات الأمريكيةالجزائرية، الدور الذي لعبه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي زار واشنطن خلال عهدته الأولى، والتقى عدة مرات الرئيس الأسبق جورج بوش في إطار سياسة تنويع الشركاء السياسيين والاقتصاديين والتقليل من التأثير الأوروبي على كامل منطقة المغرب العربي. زيارة الرئيس بوتفليقة للولايات المتحدة برفقة وزير الطاقة والمناجم شكيب خليل في جويلية 2007، والتي تم التحضير لها من طرف نائب الرئيس الأمريكي السابق ديك تشيني، مكنت الرئيس من تحقيق العديد من النقاط المهمة أهمها ما يلي، مستغلا في ذلك تهلهل الدور الفرنسي في إفريقيا وخاصة في شمالها: أولا: إنهاء أسطورة فرنسا الدولة الأولى بالرعاية، والدليل على ذلك اقتحام الشركات النفطية الأمريكية ميدان الاستثمار في قطاع المحروقات الجزائري. ثانيا: استعادة الدور الجزائري في عمليات السلام في إفريقيا وفي المنطقة العربية. ثالثا: إعطاء بعد دولي لبرنامج الرئيس بوتفليقة المتصل بالمصالحة الوطنية من خلال انتزاع دعم أمريكي، وفيما بعد أوروبي، واضح. رابعا: تأكيد وجهة نظر الجزائر من ملف الصحراء الغربية المتنازع على السيادة عليها بين المغرب وجبهة البوليزاريو. ويعد ملف السلام في الشرق الأوسط، حجر عثرة أمام نيل الجزائر مكانة مميزة في سلم اهتمامات واشنطن، عدا قطاع الطاقة، التي لا ترى في شروط الرئيس بوتفليقة الثلاثة للتطبيع مع إسرائيل سوى "مزايدة" لا يمكن جني من ورائها سوى "الشوك"، فانسحاب إسرائيل من الجولان وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها مدينة القدس، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم، شروط الوقت وحده كفيل بإضفاء المصداقية عليها، علما أن الرئيس بوتفليقة أكد في كثير من المناسبات بأنه لا مساومة في المبادىء في هذا الملف. وتبقى اللغة الدبلوماسية التي يتقنها الطرف الجزائري ويؤمن بها والتي تتبناها الادارة الامريكية الجديدة تحت قيادة أوباما كفيلة بتغليب لغة المصالح المشتركة على لغة الفرض والهيمنة. يذكر أن زيارة المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط جورج ميتشل إلى الجزائر جاءت غداة الانتخابات الرئاسية التي أعيد خلالها انتخاب الرئيس بوتفليقة لعهدة ثالثة بأغلبية ساحقة كما أنها الزيارة الأولى لمسؤول رفيع في إدارة أوباما التي باشرت مهامها شهر جانفي الماضي.