تحولت ندوة جمعية مشعل الشهيد، حول انعكاسات التجارب النووية على المرأة والمحيط، إلى محاكمة لفرنسا الاستعمارية، التي ارتكبت جريمة التفجيرات النووية بالصحراء الجزائرية . وتخلّل الندوة، التي نظمت أمس بمقر يومية '' المجاهد '' بمناسبة الذكرى ال 50 لتجارب رقان، عرض شهادات حية لعدد من ضحايا تلك التفجيرات، كشفت فظاعة الجرم الذي أكد المشاركون أن تأثيراته ستمتد لتطال الأجيال القادمة . كما تم بالمناسبة التأكيد على ضرورة مواصلة المساعي لمحاكمة فرنسا، بتهمتي ارتكاب جرائم حرب وارتكاب جرائم ضد الإنسانية . المجنّد بوجلال : '' أصبت بأربعة أنواع من السرطان وتحولت إلى مسخ '' كشف المجنّد السابق بالجيش الوطني الشعبي عمار بوجلال بلقاسم، أنه أصيب بخمسة أنواع من السرطان، وعدد آخر من الأمراض الخطيرة والنادرة، نتيجة تعرضه للإشعاعات التي لوّثت منطقة إن إكر التابعة لولاية تمنراست، حيث قضى فترة خدمته الوطنية ما بين عامي 7891 و 9891. وقال '' بعد إتمامي للخدمة العسكرية بثلاثة أشهر، بدأت تظهر علي بعض الأعراض الغريبة، فقد كان متوسط وزني 74 كلغ، لكنه ارتفع إلى 021 كلغ، بعد أن أخذت عظامي في النمو كالأطفال، وهذا ما صاحبه صداع مزمن وتشوهات خلقية، حتى تحولت إلى مسخ ''. وما يحز في نفس ابن مدينة بوعريريج، هو ما عاناه من قساوة المجتمع بسبب التشوهات التي طرأت عليه '' تألمت كثيرا لأن مجتمعنا لا يرحم، حيث أصبحت ألقب ببوراس وهيلك ''. وتواصلت معاناته بعد أن أصيب بشلل تام على مستوى الذراع اليمنى، وشلل بالأطراف نسبته 08 بالمائة، تلاها إصابته بكل أنواع سرطانات الغدد التي تحتويها الموسوعة الطبية، وقال " أصبت بسرطانات الغدد الدرقية، الكضرية، النخامية، والتناسلية '' ، مضيفا أنه مصاب بأمراض أخرى عديدة منها ما يتصل بالقلب، العيون والكولستيرول، وعلّق هنا بالقول '' لقد أصبت بنصف الأمراض، التي تنجم عن الإشعاعات ''. ولا يزال إلى اليوم يعالج ويتعاطى أدوية لها مضاعفات خطيرة، حتى أنه شبّهها ب '' السموم ''. كما استظهر بوجلال خلال الندوة، كل الوثائق التي تثبت علاقة مأساته بالتعرض للإشعاعات النووية، ليخلص إلى المطالبة بالتعويضات المادية والمعنوية، لاسيما وأنه يتداوى على حسابه الخاص . بدوره روى الضابط السابق بالجيش الوطني الشعبي مراد بداني، كيف تحول إلى مُقعد مشلول كليّا بعد أن قضى فترة بموقع إحدى التفجيرات النووية برقان في العام 7691 ، وقال '' كنت عسكريا ببشار وكانت صحتي جيّدة، ثم تم تكليفي بجرد العتاد الذي خلفه الجيش الفرنسي برقان، وبعد عودتي من هذه المهمة، بدأت تصيبني تشنجات عضلية، أعقبتها آلام حادة في المفاصل، وتطورت الأمور إلى أن أصبحت معاقا كليّة منذ 04 سنة '' ، ويحمل المتحدث فرنسا مسؤولية ما حل به، واصفا الأسلحة النووية ب '' الاختراع الشيطاني ''. اختطاف مدنيين جزائريين لاستخدامهم كفئران تجارب وكشف السيد شنافي محمد كيف تم اعتقاله سنة 0691 من قبل الجيش الفرنسي بمدينة اسطاوالي رفقة عدد آخر من الجزائريين، لتحويلهم إلى '' فئران تجارب '' بمواقع التفجيرات . وقال في معرض شهادته '' بعد الاعتقال نقلنا إلى رقان، حيث سخّرت رفقة آلاف الأشخاص الآخرين في أشغال الحفر ومد الكوابل الكهربائية، وطُلب منا إعداد حفرة قرب موقع التفجير، تم وضعنا بها وتمت تغطيتنا بالبطانيات، وكان التفجير كأنه هزة أرضية عنيفة، وبعدها تمت إعادتنا إلى العاصمة، وتهديدنا بالقتل في حالة ما إذا كشفنا ما حدث برقان ''. وفي ذات السياق، أكدت أخصائية أمراض السرطان الدكتورة آسيا موساوي، أن التعرض للإشعاعات النووية يسبّب الإصابة ب 81 نوعا من السرطان، من بينها سرطانات الدم، الثدي، الرحم، الرئة، القولون، المعدة، المخ، والخصيتين . وتابعت قائلة إن الإشعاعات '' تسبب العقم .. وقد يمتد تأثيرها في حالات كثيرة إلى نسل الضحية، من خلال إصابة الأطفال بالأمراض والتشوهات الخلقية، اضطرابات النمو والتخلف الذهني ''. من جانبها شدّدت المحامية فاطمة الزهراء بن براهم، على أن جرائم التفجيرات النووية، تقع تحت طائلة معاهدة روما الخاصة بجرائم الحرب، والتي وضعت في العام 8991 ، وكانت فرنسا من بين الدول الموقّعة والمصادقة عليها، '' لأن ما حصل كان جريمة حرب وإبادة عرقية '' على حد قولها، وأضافت أن ما قامت به فرنسا '' يعد جرائم دولة، تستدعي متابعتها أمام محاكم خاصة ''. كما كشفت بن براهم عن تواجد فريق من الأطباء الجزائريين بمنطقة أدرار، '' من أجل إنجاز خريطة لانتشار السرطان بالجزائر، بعد أن رفضت فرنسا القيام بهذه المهمة ''. أما الباحث في التاريخ عمار منصوري، فقد أشار إلى أن فرنسا اختارت إجراء تجاربها النووية، بمناطق رقان توّات وتنزروفت، '' رغم أنها كانت آهلة بالسكان ويعيش بها 04 ألف نسمة آنذاك '' وتابع موضحا أن بلدة رقان '' لم تكن تبعد سوى 05 كيلومترا عن موقع التفجير، في حين أن القانون الأمريكي على سبيل المثال ينص على أنه ينبغي إجراء التفجيرات في مواقع تبعد على الأقل ب 007 كيلومتر عن المناطق المأهولة ''.