تعدّدت المطالب والانشغالات التي يرفعها الشارع الجزائري إلى الرئيس بوتفليقة، في الذكرى 11 لانتخابه أول مرة (51 أفريل 9991 - 51 أفريل 9002). وتنوعت المطالب بين اجتماعية واقتصادية بالدرجة الأولى، وكانت ثنائية السكن والشغل الأكثر ترددا على ألسنة الأشخاص الذين استجوبتهم ''المستقبل'' في هذا الاستطلاع، الذي لم يقترب من الفعالياب السياسية أو من أصحاب الشركات وأرباب العمل والمساهمين الكبار وإنما مس الشريحة الواسعة من المجتمع والتي تنتظر موعد الأجرة نهاية كل شهر. الأسعار: نار على نار يجمع كل من تحدثت إليهم ''المستقبل'' على أن الأسعار بلغت مستويات قياسية، وأن السوق قد انفلتت تماما، و''التجار صاروا يمصون دم المواطن'' على حد تعبير ''العربي'' - 84 سنة، وهو يحمل قفته التي فيها بعض الخضار، تطفلنا عليه وطلبنا منه أن يرينا محتويات القفة التي كانت تضم ثلاث برتقالات متوسطة الحجم، وحبات من البصل والبطاطا، قال إن ثمن هذه المشتريات القليلة فاق 005 دينار، أمعنّا في التطفل فسألناه عن راتبه وعدد الأفراد الذين يعيلهم، قال: أتقاضى 22 ألف دينار، وأعيل خمسة أبناء منهم اثنان بالجامعة، إلى جانب أمهم. وعليه يناشد الرئيس هو وكثير ممن تحدثنا إليهم، تخفيض الأسعار ومراقبة التجار الجشعين. العمل.. هاجس الجزائريين الأول تقربت ''المستقبل'' من مجموعة من الطلبة كانوا واقفين بجوار جامعة الجزائر ''بن يوسف بن خدة'' وهم يتبادلون أطراف الحديث، بادرناهم بالسؤال ''ماذا تنتظرون من الرئيس بوتفليقة مستقبلا؟''، ليسبق ''أمين'' - 12 سنة رفاقه إلى الحديث، ''يا أخي الشغل ثم الشغل ثم الشغل، نحن ندرس ونتعب في التحصيل، ونخشى أن تكون البطالة مصيرنا، أعرف الكثير من خريجي الجامعة ضاع مستقبلهم، والكثير ممن لم يكملوا الدراسة نجحوا في الحياة ولا ينقصهم شيء''، ويؤمّن ''عبد الرحمان'' على كلام صديقه، إذ يرى أن الشغل هو الجانب الذين ينبغي أن يوليه الرئيس أكبر قدر من الأهمية، ويقول ''يا أخي البطالة كارثة الكوارث، ولا توجد حلول حقيقية لمواجهتها، تصور الجامعي يعماو عينيه من القراية، وفي الأخير يخدموه في ما قبل التشغيل ب 21 ألف دينار، ثم يوقفوه بعد عام، لا بد من مناصب دائمة للشباب''. أما ''رشيدة'' فكانت لها اهتمامات مغايرة، فهي تطالب بتسهيل الولوج إلى الماستر بالنسبة لطلبة "أل. أم. دي''، وهي ترى أن شهادة الليسانس المتحصل عليها وفق هدا النظام الجديد ''لا قيمة لها في سوق العمل، كما أن التسجيل في الماستر صعب جدا وشروطه مبالغ فيها، لذا لا بد من إعادة النظر فيه''. وكانت مشاكل البطالة والشغل الحاضر الأكبر في الدردشة التي جمعتنا مع شباب كانوا متجمعين قرب مدخل عمارة بحي بلكور الشعبي، ''يا خو رانا شبنا قبل الوقت من الشوماج، أنتوما الصحافة قولوا للرايس يتولّه بينا، رانا قابلين نخدموا حتى في قاع الصحراء ولا في الجبل ونكسروا الحجر''، هكذا قال ''عبد الرحمان. ب'' ذو ال 92 سنة، وواصل "لقد حصلت على دبلوم في الميكانيك أثناء تأديتي الخدمة الوطنية، لكن الخدمة ربي يجيب، الأبواب ڤاع مغلوقين''. ''قبر الحياة'' على رأس القائمة في نفس الحي الشعبي، لمسنا معاناة المواطنين من مشاكل لا تقل خطورة عن البطالة، وهي مشكلة السكن. وقال عمي ''امحمد'' - 55 سنة، ''يا أخي رانا عايشين في الضيق والرطوبة، 11 فردا في ثلاث غرف حالتها سيئة جدا من الرطوبة والقدم''. ومضى هذا الكهل في سرد معاناته هو وأفراد عائلته، ومن بينهم ابنه المتزوج الذي أودع طلب سكن منذ 2991 دون أن يناله، ''والأكثر من هذا أعلموا ابني مؤخرا أن طلبه الحصول على سكن اجتماعي صار لاغيا، لأن مرتبه 62 ألف دينار، رغم أنه غير مستقر في عمله ويعمل عند الخواص''. مشكلة السكن كانت الهاجس الأكبر لدى أغلبية المستجوبين، في تجوالنا بأحياء بلكور، الحامة ومناطق أخرى شعبية. كنموذج عن هذه المعاناة، حدثتنا الحاجة ''وردية'' عن الحرج الشديد الذي تشعر به كلما اقترب موعد خطبة ابنتها، ''الناس جايين يشوفوا الطفلة، وأنا حايرة وين رايحة نحطهم، خايفة يشوفوا الحالة اللي رانا عايشين فيها يبطلوا''، لتضيف ''أطلب من بوتفليقة أن يساعد الزوالية ويعطيهم سكاني، كيما جماعة صالومبي، رانا ڤاع منكوبين، ورانا ڤاع جزائريين''. أما ''عمر'' - 33 سنة مقبل على الزواج، لكن يجد صعوبة في توفير ''قبر الحياة'' وهو الوصف الذي يطلقه على السكن، يقول ''أعطينا السكن يا سيدي الرايس، والباقي كامل تسمحو فيه''. موتى قاعدين وليسوا متقاعدين ومن فئة كبار السن دائما، تحدث إلينا الشيخ سليمان، وقال ''عمري كله أفنيته في شركة ... لكن في الأخير وجدت نفسي أتقاضى منحة تقاعد لا تتعدى 11 ألف دينار، أين تأتي هذه المنحة من مصاريف الدواء لي ولزوجتي ونحن مريضان مزمنان.. نقول للرئيس التفتوا لمعاناة المتقاعدين''. نفس الانشغال عبر عنه عمي علي، الذي كان يجلس قرب مدخل سوق باب الوادي، وبعد أن عدّل نظاراته الطبية، قال لنا ''يا وليدي رانا موتى قاعدين وليس متقاعدين، أنا أتقاضى منحة تقاعد 00041 دينار عن 82 سنة عمل في البحر، والبحرية قاع يعرفوني تقدر تستقسيهم، الرايس لا بد أن يعتني بنا، أنظر إلى فرنسا كيف تهتم بمتقاعديها.. يصلهم حقهم عن آخر دورو كل شهر، إني أحسدهم وأعرف الكثير منهم هنا في الحومة، عايشين لا باس راحوا للحج وزوجوا وليداتهم''. أصحاب البدلة الزرقاء.. دراهم العاصمة يبقاو في العاصمة هم الساهرون على أمن الجزائريين وطمأنينتهم، إنهم رجال الأمن الوطني، اقتربنا من أحدهم كان ينظم حركة المرور على مستوى أحد مفترق الطرق وسط العاصمة، تحدث إلينا بلكنة تدل على أنه من جنوب البلاد، مثلما تدل على ذلك أيضا بشرته شديدة السمرة، سألناه عما يتطلع إليه من الرئيس بوتفليقة، قال ''أناشد الرئيس والمسؤولين أن ينظروا إلى الجوانب الإنسانية، أنا وغيري كثيرون نعمل بعيدا عن أهلنا، لي سنتان بالعاصمة، لا أرى زوجتي إلا مرة كل شهرين أو ثلاثة، والراتب أرسل قسما منه للزوجة، وقسما لوالدي الذي يعيل إخوتي الصغار، والباقي أصرفه هنا بالعاصمة، ولا أدخر شيئا بل أكمل الشهر بالكريدي، لو جائتني صايبة لا أدري كيف سأواجهها، لذا أتمنى كذلك زيادة رواتبنا على غرار فئات أخرى استفادت من الزيادة''، التحق بنا شرطي آخر بعد أن أثار فضوله حديثنا إلى زميله، وعقّب مؤيدا كلام زميله ''لي عام ونصف بالعاصمة، قالوا لي يجب أن تكمل ثلاث سنوات بالعاصمة، قبل أن أستطيع ملء استمارة التحويل إلى ولايتي الأصلية، أو ولاية أخرى قريبة، في انتظار ذلك لم أوفر دينارا واحدا، دراهم العاصمة يبقاو في العاصمة''. تخفيف عقوبات قانون المرور والعودة إلى قروض السيارات فئة سائقي السيارات لها هي الأخرى ما تقوله للرئيس، لا سيما فيما يخص قانون المرور الجديد، يقول ''حسام'' سائق التاكسي - 53 سنة، ''يا أخي أصبحنا نخاف حتى وإن لم نفعل شيئا، التاكسيور لا يكاد يخرج سيارته من المحشر، حتى يعيدها إليه، وفي كل هذا تعطيل عن طلب الرزق''. ليجمع هو وكل من تحدثنا إليهم من سائقي السيارات، على مناشدة الرئيس إعادة النظر في القانون الجديد، لا سيما مسألة سحب رخصة السياقة. وفي مجال السيارات دائما، سجلنا مطلبا آخر ذا صلة بالموضوع، حيث أبدى الكثير من المستجوبين رغبتهم في أن يعاد العمل بقروض السيارات، من بينهم ''محمد'' الذي روى لنا كيف ادخر عدة سنوات لجمع 42 مليون قيمة القسط الأول لسيارة جديدة، "لكن ما إن تمكنت من توفير المبلغ، وشرعت في إعداد الملف، حتى جاء القانون الجديد الذي يمنع القروض''.