أعلن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أول أمس رسميا ترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة في التاسع افريل المقبل بصفته مترشحا مستقلا، مبررا قراره هذا بضرورة تأدية واجبه المعنوي في استكمال برامج الإصلاحات الشاملة التي بدأها منذ سنة 1999، والاستجابة للمطالب الشعبية الملحة التي تدعوه إلى مواصلة مسيرة البناء وتعزيز المكاسب المحققة بفضل سياسته الرشيدة. وجاء إعلان السيد عبد العزيز بوتفليقة ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة في حفل شعبي كبير احتضنته القاعة البيضاوية بالمركب الاولمبي "محمد بوضياف" بالعاصمة، وحضره أكثر من 5000 مشارك، من بينهم شخصيات وطنية سياسية وتاريخية ووجوه فنية ورياضية علاوة على ممثلي المنظمات الوطنية ومختلف جمعيات المجتمع المدني. وقد غصت القاعة البيضاوية عن آخرها بالحشد الهائل من المشاركين الذين قدموا من مختلف جهات الوطن، إلى درجة أن العديد من الراغبين في المشاركة لم يسعفهم الحظ في الدخول إليها، حيث بدأ توافد الشباب المهيكل في جمعيات مساندة لترشح السيد بوتفليقة في ساعات مبكرة من النهار، مرتدين أقمصة وقبعات بيضاء كتب عليها بالأزرق شعارات داعمة للرئيس على غرار "بوتفليقة رئيسنا" و"بوتفليقة اختياري" و"بوتفليقة الأمل المشترك". كما حملت اللافتات التي تزينت بها القاعة البيضاوية نفس الشعارات، وتجملت باللونين الأزرق والأبيض وأحيطت مدرجاتها بيافطات عملاقة كتب عليها عنوان الموقع الإلكتروني للمترشح عبد العزيز بوتفليقة. وتم بالمناسبة عرض شريط وثائقي يلخص المسيرة البطولية للرئيس بوتفليقة بداية من إسهامه كمجاهد في صفوف جيش التحرير الوطني إلى بداية تقلده لمسؤوليات عليا في السلطة بعد الاستقلال، وما ميزها من مواقف شجاعة ومشرفة، سجلت تاريخ الرجل أثناء مشاركاته الفعالة في المحافل الوطنية والدولية، ولاسيما خلال تقلده لمنصب وزير خارجية، ووقوفه الجريء ضد نظام الميز العنصري في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكذا أثناء مشاركته في المفاوضات التي أعقبت اتفاقيات إيفيان ووقوفه ضد الهيمنة الاستعمارية الجديدة التي حاولت فرنسا تكريسها من خلال تلك الاتفاقيات. كما تناول الشريط الوثائقي الدور السياسي البارز الذي لعبه الرجل أثناء مرافقته للرئيس الراحل هواري بومدين وحمله بثقة وإخلاص لكل المسؤوليات التي أنيطت به، وصولا إلى آخر وقفة له مع الرئيس الراحل وهو يؤبنه أثناء جنازته بمقبرة العاليا بالعاصمة، ثم تعقيبه عن تلك اللحظة الأليمة بقوله في مقام آخر نقله الشريط الوثائقي، "من يفهمون السياسة حينها، كانوا يدركون بأنني كنت أودع الرئيس بومدين وأودع معه السياسة".. وانتقلت الوثيقة بعدها إلى مختلف خطابات السيد بوتفليقة أثناء حملاته الانتخابية لرئاسيات 1999، و2004، وتلك الخاصة باستفتائي الوئام المدني والمصالحة الوطنية، وكذا الخطابات التي حملت قراراته التاريخية المتضمنة دسترة اللغة الأمازيغية كلغة وطنية، وإدخال تعديلات جزئية ومحدودة على الدستور. وتناول العرض أيضا مختلف الزيارات التاريخية التي قام به الرئيس إلى الدول الكبرى في العالم، والتي أبرزت عودة الجزائر إلى الساحة الدولية وخروجها من العزلة التي فرضت عليها خلال التسعينيات، فضلا عن مختلف الإنجازات المحققة في مجال المنشآت والبنى التحتية، ووقفاته التضامنية المرفقة بقرارت صارمة لتضميد جراح الجزائريين أثناء النكبات والكوارث التي ألمت بهم، من فيضانات باب الوادي بالعاصمة في 2001، وزلزال بومرداس في 2003، إلى فيضانات غرداية في 2008. وبعد نهاية العرض الوثائقي، وتحديدا على الساعة الثانية والنصف زوالا، دخل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى القاعة البيضاوية محييا الجماهير، وسط التصفيقات الحارة وزغاريد النسوة وهتافات الحشود المشاركة التي كانت تنادي بحياته، ليأخذ الكلمة مباشرة، شاكرا الجزائريين الذين أوشحوه ثقتهم في المواعيد الانتخابية السابقة والملحين عليه بمواصلة برنامجه التقويمي ومعتذرا للذين لم يسعفهم الحظ في المشاركة في التجمع الإحتفالي، ليعلن في خطابه الذي دام 35 دقيقة ولخص مسيرة انجازاته منذ سنة 1999 إلى يومنا، عن ترشحه رسميا لانتخابات أفريل القادم، بصفته مترشحا مستقلا، ملتزما بثلاث تعهدات تشكل أهم النقاط التي يحملها برنامجه الرئاسي القادم، تشمل ترقية المصالحة الوطنية ومواصلة المجهود التنموي الاقتصادي والاجتماعي، ومواصلة عملية إصلاح الحكم وتعزيز سلطان القانون، مؤكدا في السياق بأن مستقبل الجزائر لا يمكن أن يتوقف عند مؤسسات الدولة أو على رجل واحد، وإنما يتكفل به الشعب الذي يضمن ترسيخ القيم والخيارات الأساسية للبلاد.