يسجل كتاب "تاريخ اليهود..دين اليهود" بقلم الكاتب والمفكر الإسرائيلي إسرائيل شاهاك أبرز ممارسات الدولة العبرية كدولة عنصرية تستمد أبرز أيديولوجيات قوانينها المدنية من تأويلات الحاخامات التلمودية في تمييز عنصري فاضح مع "غير اليهود".الطبعة الجديدة لعام 2008 قدم لها مجموعة من أبرز المفكرين الفلسطينيين واليهود المنصفين، ومنهم إدوارد سعيد الذي يقول عن شاهاك في تقديمه لطبعة 1997 من الكتاب: "هو رجل شجاع ويجب تكريمه لخدماته للإنسانية".أما إيلان بابي الأستاذ بجامعة اكستر البريطانية، فيصور في تقديمه للكتاب وفق صحيفة "القدس العربي" اللندنية معالم العوامل التي دفعت شاهاك لمناصرة الحق الفلسطيني المسلوب على أيدي الصهاينة ودولة إسرائيل حيث كان شاهاك هو نفسه ممن شاهد بعينيه في طفولته مذابح النازية لليهود واضطهادهم في مخيمات بولندا، ليعاصر نموذجا أبشع من ممارسات اليهود الناجين من التعذيب النازي ضد شعب أعزل آخر. ركز الكتاب على تعنت دولة إسرائيل وتصلبها في قهر واضطهاد الفلسطينيين.كثيرا ما استعمل شاهاك مصطلح "اليهودية النازية" لوصف ممارسات إسرائيل القمعية تجاه الفلسطينيين.يقول شاهاك في كتابه: "على الرغم من أن هذا الكتاب موجه للناس خارج إسرائيل وهو لذلك مكتوب باللغة الإنجليزية، إلا أنه يمثل خلاصة مبادئي السياسية كيهودي إسرائيلي".ويسجل شاهاك أنه كان شاهدا شخصيا على قضية دينية يهودية مارسها يهودي يوم السبت حيث رفض أن يتم استعمال تليفونه لطلب الإسعاف "لغير يهودي" سقط مغشيا عليه في مدينة القدس.وبدلا من الكتابة عن هذه الفضيحة في الصحافة، آثر شاهاك بحث الأمر مع المرجعية العليا للحاخامات والقضاء في القدس، والتي تتكون من مجموعة منتخبة من الحاخامات اليهود.يقول شاهاك في كتابه: "طلبت اجتماعا وسألت مجلس الحاخامات اليهود عما إذا كان هذا التصرف من ذاك اليهودي الذي رفض "إعارة" تليفونه لطلب الإسعاف منسجما مع تعاليم الدين اليهودي؟ كانت إجابتهم أن ذلك اليهودي قد تصرف بعين الصواب، بل وبما يتماشى مع يهوديته.وفوق ذلك فقد دعموا أقوالهم بنصوص من التلمود مكتوبة هذا القرن! فلم يكن من شاهاك إلا أن كتب في صحيفة "هآرتس" اليومية عن هذه الفضيحة الأخلاقية والتي شكلت قضية إعلامية هائلة وقتها. لكن نتيجة ذلك لم تكن إيجابية، فلم يدن أحد هذه الممارسة اليهودية، بل جاءت المداخلات أسوأ من الحادثة نفسها وأضاف المجتهدون الحاخامات أنه يمكن لليهودي أن يدنس حرمة يوم السبت "فقط" في حال تعرض حياته هو نفسه للخطر وليس حياة غير اليهودي!".يقول "شاهاك" بأن رجال الدين اليهود قد حرصوا بعد استقرارهم في إسرائيل على إعادة كل ما نسخ أو ألغي من التلمود خاصة ما يتعلق بالعبارات المسيئة لغير اليهود، وأن الأطفال الآن أصبحوا يقرؤون في التلمود وكجزء من تعاليم دينهم ضرورة الترحم على موتى اليهود عند العبور بمقابرهم، وسب ولعنة موتى غير اليهود عند المرور بمقابرهم أيضا.أما أبرز المفاهيم الأساسية التي يبحثها الكتاب فهو تعريف من هو اليهودي؟ فبحسب القانون الإسرائيلي يعتبر الفرد "يهوديا" في حالات: الأولى أن تكون أمه أو أصولها من جداتها معتنقات للديانة اليهودية، والثانية أن يتحول الشخص لليهودية بما ترضى عنه السلطات الإسرائيلية المختصة، والثالثة أن لا يكون قد تحول عن الديانة اليهودية سابقا حيث لا يكون يهوديا بنظر السلطات الإسرائيلية.وبحسب قوانين "الميزانية القومية اليهودية" فإنه يمنع لمن كان غير يهودي أن يقيم في أي مكان في دولة إسرائيل، أو يتداول التجارة أو يزاول أية مهنة، أو حتى أن يعمل فيها، وذلك فقط لأنه "ليس يهوديا" وفي الوقت ذاته يسمح لليهودي بممارسة كل ما ذكر.ويضيف شاهاك معقبا على هذا القانون العنصري المجحف، أن هذا القانون لو طبق في أية دولة في العالم ضد اليهود لتعالت صيحاتهم واحتجاجاتهم بأن هذه الدولة "معادية للسامية" ولحقوق الإنسان! أما حين يتعلق الأمر باليهود فلهم الحق في ممارسة ما يشاؤون "كأيديولوجية يهودية" ضد غيرهم من الشعوب "غير اليهودية".وبحسب النصوص الدينية للتلمود والتي تعتمدها دولة إسرائيل عمليا فلا يتمتع "غير اليهود" بالمساواة أمام القانون، فهم "ليسوا سواسية" مطلقا.كما تحظر تعاليم التلمود تقليد غير اليهودي أي منصب أو مركز مهما صغر شأنه، أما الهدايا فإن التلمود يحرم تقديم الهدية لغير اليهودي.وفق مجلة "الطليعة" يسرد "شاهاك" بعض التعاليم من التلمود في معاملة غير اليهودي في أرض إسرائيل ومنها أنه يحظر على اليهودي بيع أي أملاك ثابتة كالأراضي والحقول لغير اليهودي، كما يمنع اليهودي من تأجير بيت لغير اليهودي إلا في حالة أن الأخير يستخدمه كمخزن وليس للسكن، وبناء على تلك القوانين التلمودية يمارس اليهود تعاملاتهم اليومية مع الفلسطينيين مشفوعة بأوامر دينية.هذه السياسة الصهيونية بخلق "دولة يهودية" تحوي معالم الخطر للدولة ذاتها كدولة عنصرية، وتشكل محورا للعديد من الحروب والصراعات الإقليمية التاريخية والمنتظرة باتجاه تحقيق هذه النبوءة التوراتية، مما يشمل استراتيجيات إسرائيل "الإمبريالية" بالمنطقة لاستعادة "مملكة سليمان وداود" بحدودها التوراتية.وهذه المملكة، مما يتداوله حاخامات اليهود اليوم، تشمل: من الجنوب جميع أرض سيناء وجزءاً من شمال مصر وحتى مشارف القاهرة، ومن الشرق جميع الأردن وقسماً كبيراً من السعودية وجميع الكويت وجزءاً من العراق جنوب الفرات، ومن الشمال جميع لبنان وسوريا وجزءاً كبيراً من تركيا، ومن الغرب قبرص.