يطلق الروائي الفرنسي غويستاف لوكليزيو، صاحب جائزة نوبل للآداب 2008، ''مؤسسة تبادل الثقافات'' بجزر موريس (جمهورية موريشيوس) حيث يدعو إلى اتخاذ الأدب مطية لسحق الفوارق بين الناس، ونبذ الفرقة بينهم والاعتراف بالخصوصية الثقافية لكل فرد في المعمورة. وعودة صاحب ''ناس الغيوم'' إلى فكرة الدور الحضاري للأدب، القديمة الشائعة جدا، تميز بالفعالية في التطبيق، والسعي المباشر إلى تجسيد الفكرة ميدانيا دون انتظار، بدعم من هيئة الأممالمتحدة، من خلال مؤسسة تأخذ من جزر موريس مقرا لها؛ لتحمل رمزية عميقة أراد لوكليزيو إبلاغها للناس والمتسائلين حول نواياه من الابتعاد عن فرنسا المركز. ويشرح خياره بالقول إن جزر موريس كغيرها من الجزر المستعمرة، عرفت مأساة التاريخ، فهي أمكنة متقدمة عن المجتمعات الأخرى بمائة عام لأنها مرتع للقاءات العرقية والدينية. رغم أنها تبقى نماذج هشة إلا أنها المفضلة لدى صاحب الجائزة، الذي أثبت مرة أخرى أنه مازال مشدودا إلى أجواء روايته ''الباحث عن الكنز''، حيث تتمازج الثقافات في هدوء بعيدا عن حسابات الرجل الأبيض أو الشخصية الأوروبية بالدرجة الأولى. ويسند لوكليزيو في مشروعه الجديد أسماء عديدة أبرزها عالم اللسانيات إيسا أزغارلاي مؤلف ''تحاور الثقافات أو الحرب'' في 2005، ليدعو إلى استعمال الكتب كدعامة لتعليم التحاور بين الثقافات، والتكوين المرتكز على قراءة نصوص الآخر والتعلم من خرافاته. ميدانيا يشرف لوكليزيو على حملة مدعما بدور نشر فرنسية معروفة، للترويج لأنطولوجيات قصص شعبية، تعكس ثقافات متنوعة، فيها نماذج عرقية ودينية ولغوية وسلوكيات اجتماعية جديرة بالتعرف عليها، وقرر أن تكون المدارس الابتدائية هي المنطلق لتكريس أهداف المشروع. يقول لوكليزيو ''قد يبدو المشروع ساذجا، لكنني أؤمن به بقوة، فتداخل الثقافات ليس ترفا فكريا، بل ضرورة للنجاة من العنف والانغلاق الاجتماعي''.