المتتبع لتتطورات الأزمة السورية ، أو بالمعنى الأصح لمجريات الحرب الكونية ضد سوريا والعرب، يدرك مدى التلاحم بين أمريكا كزعيمة للغرب وجرابيع المعارضة السورية المسلحة أو بالمعنى الأصح لجرابيع المرتزقة الذين وفدوا إلى " الجهاد" في سوريا من شتى بقاع الأرض بتشجيع وتمويل أمريكي فاق الخمسة مليارات دولار ، حسب ما صرح به المعارض السوري هيثم المناع في الأيام القليلة الماضية والمناع نفسه يضيف متسائلا أين ذهبت تلك الأموال التي تم دفعها بسخاء ؟ ثم يجيب بالقول بأن التنافس الحاد قائم بين تجار الحرب على قدم وساق للظفر بالحصة الكبرى منها ،وهذه الأموال بطبيعة الحال لم تدفع من الخزينة الأمريكية التي أوشكت على الإفلاس لولا المساعدات الإماراتية والسعودية التي تم دفعها كثمن لأسلحة لن تستعمل بأي حال إلا للدفاع عن المصالح الأمريكية في المنطقة ، وأمريكا اليوم لم تعد تدفع وإنما الوكلاء هم الذين يدفعون ، وهيثم المناع نفسه وهو معارض صاحب رأي سياسي وموقف لابد من احترامه ،هو الذي صرح بأن أصحاب هذا الرأي في المعارضة تم قمعهم وإسكاتهم من حلفاء إسرائيل وأمريكا ،لأنهم لا يريدون الحل إلا سياسيا وسوريا .. أمريكا الواضحة جدا والغامضة جدا هي صاحبة القرار ، وعندما نقول الواضحة فهذا يعني أنها واضحة لذوي البصيرة وعندما نقول غامضة فإنما نعني غموضها أمام الأغبياء والمرتبطين بمشروعها الصهيوني استراتيجيا فهي تعلن بين الحين والحين ومنذ بداية الأزمة أنها مع الحل السياسي ولكن ذلك بغرض الاستهلاك السياسي لأنها من جهة أخرى تشترط رحيل الأسد وهذا يعني أن لا حل سياسي لأنها تريد من السلطة الوطنية في سوريا أن ترحل وتسلم البلد للحلفاء الجدد لأمريكا وإسرائيل كالإخوان والنصرة والقاعدة ، وعندئذ تحقق أمريكا كل أهدافها بشكل أفضل مما هو عليه الحال في تونس وليبيا ومصر ، وإلا فماذا يعني أنها جندت وسلحت وأغرقت الناس بالمال والسلاح ومن ثم تعلن أنها وضعت ما يعرف بجبهة النصرة على قائمة الإرهاب في الوقت الذي تمدها بالمال والسلاح ؟ المراقبون يرون أنها بذلك تشجع على احتدام الصراع في سوريا حتى يتم تدمير البلد بعدما تتوفر لديها كل الوسائل المتاحة لذلك هذا ومن جهة أخرى ماذا تعني زيارة جون ماكين زعيم الأغلبية في الكونغرس الأمريكي لأماكن عصابات المتمردين في سوريا وماذا تعني صرخات كيري في وجه روسيا وهو يناشدها بعدم إرسال الأسلحة إلى سوريا على أن ذلك يشكل خطرا على إسرائيل وأمن إسرائيل ؟ كل هذا يؤكد على المواقف الأمريكية من جهة وتورط المعارضة السورية في وحول العمالة لإسرائيل من جهة أخرى ولكن تحت عباءة الإخوان هذه المرة ، ومن هنا فإننا نؤكد على أن على المعارضة السورية التي تؤمن بسوريا ونحن نعني المناع وأمثاله على أن يتخذوا القرار الشجاع لإنقاذ سوريا والمسارعة إلى الجلوس مع الأسد في جولة حوار نعتقد أنها سوف تكون إنقاذية ومفيدة .