عندما تكتسي الجبال بالرداء الأبيض ، تنبعث من قممها ما يجذب الناظر و ما يتطلع اليه محبي الطبيعة لعيش ذكريات جميلة لا تنتسى وسط لمة العائلة و على عبق الهواء النقي ، هكذا ضربت الثلوج موعدا لعشاقها الذين ابوا المكوث في البيت و تفويت على أنفسهم فرصة الاستمتاع بالجمال الرباني في حضن الطبيعة، هو ما دفعنا الى عيش تلك اللحظات الجميلة و الاستمتاع بالمناظر الخلابة عندما تعطيها ثلوج أبهى حلة ، فكانت وجهتنا على بعد 50 كيلومتر غرب العاصمة لجبال الشريعة بالتحديد في مدينة الورود أين كانت جريدة "المستقبل العربي" حاضرة لنقل لكم اجمل الصور التي تميز المنطقة خاصة في فصل الشتاء أول ما يلفت انتباهك و انت على الطريق متجه نحو جبال الشريعة تلك المنعرجات الخطيرة التي تتخللها اشجار الصنوبر الطويلة التي اكتست بالثلوج و زادها الضباب خطورة ، الأمر الذي قد يزيد من مخاطر الانزلاق لدى السائقين الذين يستوجب عليهم السياقة بحذر حتى يصلوا بأمن و سلام الى أعالي الجبل الذي ما ان تقترب اليه ينتابك شعور غريب على الأغلب فيه نوع من التدبر في جمال الخالق و تندهش بتلك اللوحة الجمالية التي زادتها تلك الأشجار الطويلة و البيوت الخشبية التي تشبه بيوت تكساس جمالا ، هكذا تستقطب جبال الشريعة بالبليدة ، العديد من الزوار الذين يتوافدون عليها من كل حدب و صوب ، فهي القبلة المميزة للعديد من العائلات المحبة للطبيعة و الجمال الامر الذي جعلها المرفق السياحي الاكثر توافدا من قبل الزوار حيث تعرف حركية غير منقطعة لبعده عن صخب المدينة و اتسامه بجمالية خاصة يرتاح فيها الزائر و يبدع فيها الفنان و ترتسم الضحكات و تعلو علو تلك الجبال ، كما أن زيارتها لا تقتصر في فصل الشتاء فحسب و انما تتعداه إلى باقي الفصول ، و أجمل ما اكتسبته هذه المنطقة زوار أوفياء لها فالبرغم الرياح القارصة و تساقط الأمطار و برودة الجو التي يصعب فيها تحريك ساقيك إلا أنهم كانوا في الموعد و لم يبخل على أنفسهم فرصة الترويح عن النفس و الابتعاد عن روتين الحياة اليومية و انشغالاتها ، فعلى بعد 1500 متر عن البليدة صنعت العائلات الجزائرية بصغارها و كبارها الفرجة و أجمل المشاهد أين امتزج سحر جبال الشريعة بطيبة و عفوية أهلها و كذا زوارها ، منهم من فضل المكوث فيها لأيام و منهم من زارها ليوم واحد على أمل أن يعود من جديد حتى لا يضيع عليه متعة تساقط الثلوج ، و ما زاد من جمال هذه الحظيرة الوطنية الشاليهات الخشبية التي تأخذك بسحرها الى جبال الألب و كذا امتلاكها للمرافق و الخدمات التي جذبت عدد هائلا من الزوار ، عائلة سليماني القادمة من مدينة أدرار تناست كل متاعب السفر بمجرد الوصول لجبال الشريعة حيث يقول رب العائلة :" هي فرصة لا تعوض خاصة أننا نحلم بمثل هاته الأجواء وجد مسرورون بقضاء العطلة الأسبوعية مع اهالي الشريعة الذين لقينا منهم كل الترحيب ." و يضيف : "لا يوجد أحسن من استنشاق الهواء الهليل فهو دواء لكل داء خاصة المصابين بالربو هذا دون الحديث عن اكتشاف جمال بلادنا الذي حقيقة يوما بعد يوم اننا محظوظون بكوننا نعيش في حضن هذا البلد ." و لعل الزوار لا يفوتنا على أنفسهم فرصة تجربة التزحلق في الثلوج ، فهذا يتزحلق و أخر يسقط وسط ضحكات الحاضرين ، "نسرين" واحدة ممن تحدثنا معهم بدت جد فرحة و سعيدة رغم أنها كدت تسقط من شدة البرد إلا أن هذا لم يمنعها من التزحلق و اللعب و الرشق على اخواتها بالثلوج حيث تقول :" أجمل ما يجذبني في جبال الشريعة القدرة على ممارسة الرياضة التي احبها و هي التزحلق و الأهم ما في الأمر التواجد رفقة العائلة ، فهذه الفرحة وحدها تترسخ في مخيلتي و تزيد من سعادتي وهو ما يظهر جليا على نفسيتي بعدها." تركنا المكان على قطرات الشتاء التي لم تحرم العائلات من التمتع بجمال الشريعة ، هذه المحمية الطبيعية التي تمتد على مساحة تفوق 26 الف هكتار احتضنت عشاقها و رسمت في مخيلتهم أجمل الذكريات و الصور التي لن تفرقهم طيلة الحياة .