تعتبر حظيرة الشريعة بولاية البليدة من أكثر الفضاءات التي تستقبل آلاف الزوار سنويا ممن تجذبهم تلك المناظر الطبيعية الخلابة التي تبعث الراحة في النفوس ليزداد ذلك الفضاء جمالا ورونقا بحلول فصل الشتاء وتساقط الثلوج التي تحول المكان إلى بساط أبيض يثير رغبة في اكتشاف المكان وقضاء يوم بين أحضان الطبيعة. لم يتمكن الكثير ممن زاروا المكان من كبت روح الطفولة لديهم ومقاومة الرغبة الشديدة في اللعب بأكوام الثلج فانتهزوا فرصة تساقط الثلوج الأخيرة للخروج بغية الإستمتاع بالثلج والترفيه عن النفس في وسط ذلك الجو الطبيعي غير آبهين ببرودة الطقس, وكانت محمية الشريعة قد شهدت أجواء خاصة وإن لم تختلف كثيرا عما هو عليه الحال في الكثير من المدن لاسيما الداخلية منها, أين قدمت العائلات للعب والتقاط الصور التذكارية في ديكور شتوي جذاب امتزج بضباب زاد المكان بهاء. هذا وتوافدت على المنطقة عائلات بأكملها من مختلف الولايات الشمالية, فبعد أن ساد شعور بعضهم بالملل لاستمرار الاضطرابات الجوية التي حرمتهم من الخروج سرعان ما غيروا رأيهم وهو يزورون المكان, حيث وجد أرباب الأسر أنفسهم مجبرون أمام إلحاح أبنائهم على الذهاب إلى حظيرة الشريعة, كونها من أولى الفضاءات الطبيعية التي تعد مقصد كل من أراد التمتع بالخضرة الممزوجة ببياض الثلج. وردة, لم تتردد في تلبية دعوة صديقاتها بزيارة الشريعة ورغم أنهن بنات, إلا أنهن تشجعن للقيام بهذه الخطورة لوحدهن ليقضين يوما من المرح, قالت محدثتنا وهي تصف الأجواء التي غمرت المكان أنهن استرجعن ذكريات الطفولة وهن يلعبن بكرات الثلج ويجرين متعثرات فوق أكوامه وغيرها من الألعاب كصنع نماذج من رجل الثلج وتزيينه. أما صديقتها سيليا فقد زارت محمية الشريعة لأول مرة في حياتها, وكم تفاجأت والبساط الأبيض يحيط بها من كل جهة في منظر لم تر مثله من قبل على حد تعبيرها. لا يمكن زيارة محمية الشريعة في فصل الشتاء دون التقاط صور تذكارية تذكر الزائر بالمكان ليصنع أو يختار كل واحد الديكور الذي يشكل صورته, ففي الوقت الذي فضل البعض أخذ صور أمام رجل الثلج بعد أن قام بصنعه, فضل آخرون أن تلتقط صورهم بين الأشجار التي كستها الثلوج ليمتزج اللون الأخضر بالأبيض فيكون خلفية مميزة لصورة عائلية جميلة, في حين وجد هواة التصوير ضالتهم في التقاط صور مختلفة بين المرتفعات الجبلية من جهة, وأكوام الثلج من جهة أخرى. شباب يمارسون هواية التزحلق إن سمك أكوام الثلج المتراكمة بالمنطقة سمح للكثير من الشباب بممارسة هواية التزحلق على الثلج, منهم من يحترفها كأحد أنواع الرياضات, ومنهم من حاول ممارستها لأول مرة بعد أن كان لا يشاهدها سوى على شاشة التلفزيون ليجد نفسه بين ليلة وضحاها وافقا والزلاجات تحت رجليه, لتتحول تلك المساحات البيضاء إلى ساحة للتزحلق على الثلج, تقول نوال وهي التي جربت التزحلق لأول مرة في حياتها: «إحساس رائع ينتابك وأنت تتزحلق», قبل أن تعم القهقهات وهي تسقط بين أكوام الثلج في الوقت الذي تفنن فيه الكثير من الشباب المحترف لهذه الرياضة القيام بعروض جعلت جموع الناس منبهرة ممن استطاع بحركة خفيفة وهو يتزحلق قبل أن يقفز ويدور ليعود بكل ثبات لينصب الزلاجة على الأرض دون أن يسقط, ما أثار رغبة جامحة لدى بعض الشباب والأطفال في التقليد فكانت جلها محاولات فاشلة رغم تركيزهم وتكرارهم التجربة لعدة مرات في جو طفولي طغى عليه المرح وتناسوا خطورة ما قد تسببه تلك الحركات من إصابات قد تصل حد الرضوض والإلتواءات أو الكسور في مختلف الأطراف جراء السقوط العنيف والارتطام بأكوام الثلج, فالتزحلق رياضة ممتعة لها وسائلها الخاصة التي تشكل أدوات حماية لممارسها وإن غابت صارت تلك الرياضة خطرا حقيقيا.ورغم أن تلك الأجواء رائعة, إلا أن بعض السلوكات الطائشة التي ترتبط بموسم الثلوج قد تعكر صفوها وتحرم البعض من التمتع بهذه الظاهرة الطبيعية بسبب الرشق العشوائي بكرات الثلج لدرجة أن البعض يضع حجارة داخل كومة الثلج مما يعرض الآخرين للخطر, ما يجعل جو المرح يتحول إلى كآبة في الكثير من المرات وهو ما يخشاه الأولياء على أطفالهم, خاصة وأن منهم من سبق له التعرض لحوداث مماثلة, حيث تروي لنا سهام التي تقول أنها امتنعت هذه المرة عن أخذ أبنائها للشريعة للعب بسبب ما تعرض له ابنها الذي كاد يفقد البصر بعد أن أصيب بكرة ثلج ألقاها عليه أحد الأطفال أين أغمي عليه ونقل للمستشفى لتجرى له عملية جراحية على مستوى العين ولا زال إلى يومنا يعاني من نقص البصر, هي إصابات مختلفة كانت بعيدة عن تفكير الكثيرين, خاصة الأطفال الذين خلقوا دفءا خاصا بهم وهم يلعبون, أنساهم درجة الحرارة المنخفضة التي أجبرت آخرين على المكوث في البيت إلى غاية تحسن الأجواء, في حين تأسف البعض ممن حرمتهم ارتباطاتهم المختلفة من فرصة الخروج في نزهة شتوية إلى حظيرة الشريعة التي تبقى مغطاة بالثلوج التي تكتسيها الأراضي والأشجار في انتظار زوار آخرين يقصدون المكان الذي شكل فضاء طبيعيا خلابا يبقى القبلة الأولى لكل راغب في اكتشاف الطبيعة من داخل الوطن وخارجه مما يعطي دفعا قويا للسياحة الجبلية في بلادنا.