تميزت نهاية الأسبوع الماضي بالكثير من ولايات الوطن بتغيرات مناخية، يراها الكثيرون غير عادية حتى وإن كنا في فصل الشتاء، ميزتها أجواء باردة جدا وأمطار غزيرة ورياح عاتية وتساقط الكثير من الثلوج، التي قطعت حركة السير بالكثير من الطرقات وتسببت في العديد من حوادث المرور..أجواء تعذر معها على الكثيرين مغادرة البيوت، التي رفعوا فيها الحرارة إلى أقصى درجاتها، وأصبح الالتحاف بالبطانية الصوفية والتمدد على السرير، للتمتع بمختلف برامج الفضائيات، التي تضفي على الأجواء المزيد من المتعة مع أشد الحرص على تتبع مستجدات النشرات الجوية، علها تزف بشرى تحسن الأجواء، وفعلا مر الاضطراب الجوي وابتسمت الطبيعة التي استيقظت نهار أول أمس على مزاج جميل جدا وهي تلبس حلة بيضاء، أسر جمالها الكثير من الأسر، التي لم تفوت الفرصة، للخروج جماعات وفرادى، لالتقاط صور تذكارية، بشقاوة صبيانية، فيها الكثير من المرح والحبور وفي سيناريو جميل جدا تتمنى فيه، أن يتوقف الزمن. وما زاد من جمالية الأجواء وروعتها، أن الثلوج عادت وبسخاء لا متناهي إلى الكثير من المناطق التي هجرتها بعد طول انتظار..سخاء لا يعرفه إلا جود الطبيعة، التي حباها الله بالكثير من الجمال، الذي استفز قرائح كبار الشعراء وألهب حناجر أرقى البلابل وأدفئها، فما كان منها، إلا أن تهرول لاستقباله وتباشير الفرح تغمر قسماتها الضاحكة ترحب بقدوم الضيف العزيز، الذي لن يطول مكوثه كثيرا، فقدره الرحيل فجأة، تماما مثلما حل فجأة..«تكجدة» بالشريعة، «ونوغة» بالمسيلة التي نزع الزلزال، الذي ضرب المنطقة الصائفة الفارطة، منذ مدة أجواء فرحتها، من أهم المناطق التي عاشت أجواء استثائنية صنعت فرحة الكثير من العائلات التي توافدت عليها من كل صوب. «تكجدة»..عروس العرائس رغم أن نهار أول أمس لم يكن يوم عطلة ،إلا أن الكثيرين حجوا إلى «تكجدة» عروس العرائس، فمن يقاوم الرغبة الجامحة في الوقوف بين يديها، للتمتع بحسنها وجمالها، الذي يزيده بياض الثلوج إغراءا ودلالا، حتى إن الكثيرين ممن حلوا بمقامها الكريم من المحبين والعشاق الذين ضاقت بهم الدنيا، أو العمال من المهن الحرة، الذين تركوا لأجل عيون لآلة «تكجدة» مشاغلهم ومصالحهم، وحملوا أسهرهم الصغيرة وحتى عائلاتهم الكبيرة، لتمضية يوم هواءه النقي والمنعش، لا يشترى بكنوز الدنيا..نظرات ساحرة لسفوح جبال جرجرة، بحلتها الثلجية البيضاء، لن تمنحك الوقت لكفي لتصبر على زيارتها، حتى حصولك على إجازتك الأسبوعية..زوار قدموا إليها من كل حدب وصوب حتى لا يفوتوا على أنفسهم فرصة الهروب من الصخب إلى السكينة ومن الهواء المعلول إلى الهواء العليل. فالمسافات لم تثن الكثيرين ولا حتى التخوف من تهجم الأجواء من جديد، خاصة وأن تنبؤات الطقس، التي تطل بها عليهم النشرات الجوية عبر التلفزيون أو من خلال أثير الإذاعة، لا تبشر بأن الطقس سيبقى على حاله..العشرات من العائلات حملت وجبة الإفطار وحنطت نفسها وأطفالها بمعاطف «الكشمير» اتقاء للفحات الهواء البارد، الذي ينخر حتى العظم، أمضت يوما كاملا لا تسمع فيه إلا الضحكات والقهقهات، التي تنبع من أعماق الأعماق يقول كل من تحدثنا إليهم، إنه يوم منقوش في الذاكرة ولا ينسى، رغم أنها ليست الزيارة الأولى للكثير منهم، فكما يقول «حميد» الذي كان في سعادة غامرة رفقة أبنائه الثلاثة، الذين ملئوا الدنيا بضحكاتهم الصبيانية وهم يبنون بالثلوج، التي ملأت المكان وعجزت فيها حتى أرجلهم الصغيرة على الحفاظ على توازنها، كل ما صورت لهم عقولهم الصغيرة، «لا أطيق صبرا على المكان ، ومن لم يزرها، فكأنما لم يزر أي مكان»..ويضيف «تكجدة وإن كانت الثلوج تاج جمالها، فهي تضم أيضا مناظر طبيعية الخلابة وأشجار الأرز الباسقة التي تطير بك في رمشه عين إلى لبنان بلاد الأرز والثقافة، فالأجواء هنا لا تختلف كثيرا عن الأجواء هناك فقط عبق التاريخ ما يفرق بين المكانين، فقد زرت لبنان، الذي تيمت به كثيرا، خاصة وأن زوجتي لبنانية، فعندما اشتاق إلى لبنان أزور تكجدة». غير بعيد عنه كانت عائلة عمي «زبير» أستاذ العلوم الطبيعية، الذي أحيل مؤخرا على التقاعد، اصطحب معه زوجته وابنتيه وابنة ابنته، عمي «زبير» ينظر إلى المكان بطريقته الخاصة النابعة من تخصصه، يسترسل في الحديث بسعادة غامرة ممزوجة بفخر كبير «بلادنا جميلة جدا يحسدنا عليها الكل، فالله حبانا بكل شيء، يكفي الطبيعة العذراء وما تزخر به «تكجدة» من ثروة حيوانية نادرة وطيور من مختلف الأشكال والألوان، تملأ المكان وتزيده سحرا على سحر»..موقع سياحي بامتياز يتركك تسافر بعيدا في عوالم جميلة جدا، تحس فيه وكأنك في حضرة صبي لم تلوث الحياة بعد نقاء سريرته، طفل تحتضنه بحنان فياض، الحظيرة الوطنية لجرجرة، وإن كان الكثيرون يقصدون المكان للسياحة، فإن البعض الآخر يفضل زيارة المكان، لممارسة الرياضة والمشي على الأقدام ومنهم من يمارس حتى رياضة التزلج، كما يفضل بعض الشباب المغامر، إن كان حجم الثلج سميكا، وتبقى المنطقة من أهم مرافق التسلية والترفيه بالمنطقة، ويعد من أقطاب السياحة الجبلية، المركز الوطني للرياضة والترفيه والتسلية، الذي يتوافد عليه عدد كبير من الزوار حتى من الفرق الرياضة لألعاب القوى الذين كثيرا ما يرابطون به، خاصة وأن طاقة استيعابه لا تقل عن 200 سرير، وكثيرا ما تقام بهذا المركز، نشاطات ترفيهية وفنية وكذا سهرات فنية للعائلات المقيمة، خاصة صيفا فجمال «تكجدة» لا تصنعه فقط ثلوج الشتاء، تقف للحظة وقفة تدبر وتأمل وتمد بصرك بعيدا، تحاول أن تمشط هذا الموقع السياحي الرائع، جمال مذهل تزيده العائلات المنتشرة على ضفاف الأودية وتحت الأشجار وبجانب الطريق سحرا وبهاء. يمر اليوم الذي يتمنى أي زائر، ألا ينتهي كما يؤكد الجميع سريعا، لكنه فراق إلى حين، فالكل عازم ومصر، على أن يعيد الزيارة في القريب العاجل، فمن فُتن بجمال «لالة تكجدة» من الصعب جدا عليه أن يخونها أو يقطع حبل ودها. بعد الزلزال ..«ونوغة» تستبشر خيرا بالثلوج ألمّ ببلدية «ونوغة» التي تبعد عن عاصمة ولاية «مسيلة» بنحو 60 كيلومترا زلزال هز المنطقة وجعل منها بين ليلة وضحاها منطقة منكوبة، تحاول أن تلملم نفسها وتتجاوز أحزانها، لتبدأ الحياة تدب فيها من جديد، فالحياة رغم كل شيء لا بد أن تستمر، هذا ما تقف عليه مع العائلات الكثيرة التي خرجت أول أمس للتمتع بالثلوج، التي تساقطت بكثافة على المنطقة وقطعت الطريق الرابط بينها وبين و دائرة حمام الضلعة، في هذه المنطقة المحافظة، الكل راح يلتقط الصور التذكارية، خاصة وأن بعض النسوة ،لا سيما من العرائس الجدد اللواتي لم يسبق لهن أن عايشن تساقط الثلوج، راحوا يتمتعن قدر ما استطعن بجمال المكان..جمال لا يقل عن جمال «تكجدة» فحتى المنطقة التي تترامى في أحضان سلسلة جبال «بوكيحل» البركانية، التي تحركت مؤخرا بسكان المنطقة، تستنشق بها هواء ينعش الرئتين وتحس للحظة، أنه دواء الحياة السحري، الذي يطيل العمر وما يزيد جمال المنطقة، التي تشبه كثيرا في بيوتها المتناثرة بالجبال وسكانها الذين لا يزالون يحافظون على العادات والتقاليد ما تتحفنا به المسلسلات التركية من مناظر طبيعية ساحرة في قمة الروعة..أطفال وعائلات قدمت من مختلف مناطق الولاية، راحت تسابق الزمن، للتمتع أكثر بالأجواء الشتوية الساحرة، حيث صنعت الثلوج التي تساقطت مؤخرا بالمنطقة مناظر طبيعية ساحرة وآسرة، لا يمكن تغييبها بأي حال من الأحوال، تراود هذه الأيام الكثير عن نفسه وتستهويه بشكل مثير جدا، خاصة بعد أن لبست لوافديها حلة بيضاء باهرة، لا يقف على جماليتها، إلا من كان له حظ زيارتها، لتتفوق بجدارة واستحقاق على الكثير من المناطق التي ظلت وعلى مدار السنة تستقطب الزوار وتصنف على أنها من أقطاب السياحة، جمال استفزنا نحن أيضا وقادنا لنمضي يوما كاملا بأجواء حميمية جدا أذابت براءة الأطفال وشقاوتهم الكثير من برودتها وأضفت عليها، أجواء فرجة على طبيعة حباها الله بكل شيء. هي دعوة عاجلة لزيارة المكانين الذين يعجان بالكثير من الجماليات والفسيفساء الطبيعية، خاصة ب «تكجدة»، التي تتوفر على المرافق السياحية قبل أن تنزع ثوبها الأبيض..أجواء جميلة جدا من ضيعها، ضيع الكثير، وهي دعوة لتجاوز نظرية الاكتفاء فقط بما ترسمه أقلام الإعلاميين وترصده كاميرات المصورين وتنقل أصداءه ميكرفونات الأثير.