كنت أعد سنوات عمري فأجدني قد كبرت فعلا، لكني أتفاجأ حين يطل علينا بعض من الذين يتحدثون عن المهاتما غاندي، والرئيس نيهرو والأكثر من هذا لقاءاتهم بهم، وحين أقارن عمري بعمر هؤلاء أجد أنه في واقع الحال أنه لم يمض من عمري سوى "زوج حبات حلوى". ورغم ذلك، أعتقد دوما أن الحياة لم يعد لها معنى، إلا أن هؤلاء حين تعد أعمارهم يختلط عليك الحساب، لأنهم شهدوا الحرب العالمية الثانية، وربما الأولى أيضا، وعايشوا الثورة التحريرية والتقوا بشخصيات عالمية من وزن نيهرو، ومنهم من التقى كندي وصافحه. كل هذه الشخصيات العالمية، سواء نيهرو أو غاندي أو كندي، قضوا من عقود وصاروا مجرد ذكريات من التاريخ، الذي بدأ يخرج أسرارهم وأرشيفهم إلى العلن بعيدا عن واجب التحفظ، بينما التحفظ عندنا محفوظ إلى يوم يعلمون، ومع الأسف صرنا نرى جيل السبعينيات وحتى الثمنينات حائرا في عمره، لم يعد يدري كيف يتصرف في بعض سنوات من وجوده والكثير منهم لم يعد محتاجا إلى ما بقي له من سنوات العمر من شدة اليأس والإحباط، لذا الكثير منهم ينتحر وغالبيتهم يموت في البحر. الجيل الجديد حين يعود إلى لخلف بذاكرته، يتوقف عند إنجازات رفقاء ماجر في 1982، وأحداث 5 أكتوبر 1988 وما تلاها، بينما بعض من الذين انتهت صلاحيات أعمارهم ما يزالون يتحدثون عن ذكرياتهم في الحرب العالمية الأولى والثانية وعن جواهر نيهرو وكندي، ممنين النفس لو يبقوا إلى الأبد غير مزحزحين من المكانة التي صنعتها لهم أوضاع معينة، ولو لا هذه الأوضاع لكانت ذاكرتهم تصب خلف خط التماس، ومن يدري ربما بعضهم التقى حتى عروج وخير الدين برباروس.