أنهت المنتخبات الإفريقية مبارياتها الافتتاحية في نهائيات كأس العالم التي تقام في القارة للمرة الأولى، إلا أنها فازت في واحدة منها فقط من مجموع 6 مباريات، وهذه ليست البداية الجيدة التي كانت تأمل بها، لاسيما في ضوء إدراكها لمزايا اللعب على أرضها، ولكن إذا تم وضع الأمور في سياقها الصحيح، فإن تونس كانت الدولة الوحيدة التي تجنبت الهزيمة في مرحلة المجموعات في مونديال ألمانيا، في حين أن ثلاثة فرق إفريقية مدونة في هذه البطولة قد حققت ذلك أيضا. غانا هوالمنتخب الوحيد الذي فاز، في حين تعثرت المنتخبات الأخرى سواء بالهزيمة على غرار الجزائر، نيجيريا أوالكامرون وجنوب إفريقيا أوالتعادل مثل كوت ديفوار، ويعتقد معظم المراقبين بأن الفوز على الصرب كان كبيرا بالنسبة إلى النجوم السوداء، لأن التفكير التكتيكي للمدرب ميلوفان رايفيتش استطاع أن يقيّم نقاط الضعف والقوة في فريقه بشكل جيد. وكان من الممكن أن تنضم كوت ديفوار إلى غانا بعدما فرضت حصارا على البرتغال ومع إضاعة ديدييه دروغبا وغيرفايس كواسي فرصا عدة للتسجيل، ولكن الطفرة كانت في الطريقة التي استطاع المدرب سفين غوران اريكسون من تغيير الفريق في فترة قصيرة جدا، من الفشل في كأس الأمم الإفريقية، إلى فريق جيد التنظيم ومنضبط تكتيكيا، وبعدما تم استبدال لاعب خط الوسط ديدييه زوكورا بقلب الدفاع المكافح سول بامبا، فإنه استطاع تهدئة المباراة والسيطرة على الوسط جنبا إلى جنب مع كولوتوري ضد كريستيانو رونالدو ورفاقه، والأداء المثير لكوريا الشمالية جعل من المجموعة السابعة أكثر صعوبة، وحتما سيكون لقاء مساء الغد في "سوكر سيتي" بين البرازيل ومنتخب كوت ديفوار مهرجانا حقيقيا. وتجنبت جنوب إفريقيا هي الأخرى الهزيمة في افتتاح مباريات كأس العالم، ونجا فريق بافانا بافانا بصعوبة من الموجات الهجومية للمكسيك، وذلك بفضل خط الدفاع والتزامه، ولكنها وقعت في فخ الأوروغواي في الجولة الثانية، حيث أنهارت كلية أمامه بثلاثية كاملة قد تجعلها تخرج من الدورة بسرعة بعدما كانت تعلق عليها جماهيرها كل آمالها في بلوغ الدور الثاني على الأقل. وبالتالي فستكون المباراة الثالثة أمام منتخب فرنسا الجريح هو الآخر قمة في الإثارة لكون كلا الفريقين في حاجة على النقاط عسى أن تكون كفيلة بالتأهل رغم أن الحظوظ تكاد تكون منعدمة أمام قوة المكسيك والأوروغواي من الجهة المقابلة. أما بالنسبة إلى الفريق الخامس، فيبدوأن فرصة نيجيريا للمرور إلى الدور الثاني تقلصت بكثير بعد الهزيمة الثانية أمام اليونان، حيث ورغم تألق الحارس فانسون إنياما ثانية إلا أن ذلك لم يشفع لفريقه في الفوز بالنقاط الثلاثة وبالتالي فخروجه في هذا الدور الأول يبدوشبه أكيد. اعتبر مدرب منتخب نيجيريا السويدي لارس لاجرباك أن طرد لاعبه ساني كايتا في منتصف الشوط الأول في المباراة ضد اليونان كانت نقطة التحول التي جعلت الأخيرة تخرج فائزة بنتيجة (2/1) يوم الخميس، وقال لاجرباك الذي تسلم تدريب "النسور الممتازة" قبل فترة وجيزة "لم أر صراحة من المكان الذي كنت جالسا فيه ما حصل لحظة طرد كايتا، وبالتالي لا أستطيع الحكم على الحادثة، لكن ما أجده مؤسفا عدم قدرتنا على التحدث إلى الحكام حتى بعد المباراة". وأضاف: "من الواضح أن حادثة الطرد كانت نقطة التحول في المباراة، فكل شخص يدرك تماما في كرة القدم أن اللعب بعشرة لاعبين في مواجهة 11 لمدة ساعة صعب للغاية"، وتابع "إنه أمر مؤسف حقا، خاصة أننا كنا نتقدم بهدف ونسيطر على المباراة، ولم يضع المنتخب اليوناني أي ضغوطات علينا، لكن في النهاية نجح الفريق المنافس في الخروج فائزا (2-1) ويتعين علي أن أحييه على الفوز"، وختم: "خسارة مباراتين من أصل ثلاث مباريات يعتبر كارثة بالطبع، لكننا نريد أن نستغل الفرصة الأخيرة السانحة لنا". أما مدافع نيجيريا وقائدها جوزيف يوبو، فتأسف لطرد زميله كايتا، وقال: "حتى بعد طرد كايتا وإدراك اليونان التعادل 1-1، سنحت لنا الفرص للتقدم 2-1 لكننا لم ننجح في استغلالها، الشيء الإيجابي الوحيد هذا المساء أننا لم نخرج من المنافسة تماما، وسنبذل قصارنا في مواجهة كوريا الجنوبية، آملين في الوقت ذاته أن تكون الظروف في المباراة الأخرى مساعدة لنا أيضا". وبينما اعتبر المراقبون المدرب بول لوجوين منقذا عندما قاد الكاميرون إلى نهائيات كأس العالم بعد وضع محفوف بالمخاطر، فإن تشكيلته الرئيسية في مباراة الهزيمة 1/0 أمام اليابان تثار تساؤلات عدة حول خبرته عن أفضل السبل للمضي قدما، ففي التشكيلة التي أجرى فيها 8 تغييرات منذ أن أقصيت الكاميرون من كأس الأمم الإفريقية، فإن الفرنسي جرب بوضع صاموئيل إيتوفي مركز الجناح الأيمن، وهو المركز الثالث المختلف لإيتو هذا العام مع منتخب بلاده، وما لم يبدأ "نمر" منطقة الجزاء بقيادة خط الهجوم، فإن الخصوم سوف لا يقلقهم محاولة تحييد أداء أفضل لاعب في إفريقيا لثلاث مرات، وكان عدم إشراك سونغ في المباراة خسارة هائلة للفريق الأزرق وخطأ واضحا من مدربه، وأصبحت تشكيلة الأسود غير المروضة مطالبة برفع التحدي في مباراة اليوم امام منتخب الدانمارك إذا أرادت الإبقاء على حظوظها للتأهل إلى الدور الثاني رغم صعوبة المامورية باعتبار أن كلا الفريقين انهزما في الجولة الأولى وبالتالي فهما في حاجة ماسة إلى النقاط وذلك قبل ملاقاة هولندا في الجولة الثالثة. أكد قائد المنتخب الكاميروني صامويل إيتو أنه من اللازم عليه وعلى مدرب المنتخب بول لوغوين إظهار المزيد من المسؤولية تجاه الفريق خلال نهائيات كأس العالم، وأوضح اللاعب في لقاء مع التلفزيون الفرنسي أن المدرب عليه العمل على تطوير أداء المنتخب، الذي وثق مسؤولوه في قدراته ليكون مشرفا عليه خلال المونديال. يذكر أن الكاميرون قد تلقت هزيمة في أولى مبارياتها في المونديال أمام اليابان بهدف، وهوما عقّد موقفها في المجموعة الخامسة التي تضم هولندا والدنمارك. وأشار قائد منتخب الأسود إلى أنه مستعد للتضحية من أجل بلاده لكي يصل بها إلى أبعد مدى في المونديال، وأوضح إيتو أنه لم يشارك في موقعه المعتاد في مباراة اليابان، ولعب على الجانب الأيمن وظل يدافع ويهاجم من أجل تحقيق نتيجة طيبة. وأظهر اللاعب امتعاضا كبيرا من مشاركته في هذا الموقع في المباراة، قائلا "أنا الهداف التاريخي للمنتخب الكاميروني، لأنني كنت دائما مهاجما صريحا، ولكنني لا أستطيع مخالفة المدرب عندما يطلب مني المشاركة في مكان معين". يذكر أن الكاميرون تنتظرها مواجهة حاسمة أمام الدنمارك يوم غد، والتي ستحدد بشكل كبير، مسيرة المنتخب الإفريقي في البطولة.