تحدث نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين "عمار طالبي" في حوار جمعه ب"الأمة العربية"، عن أسباب عدم توحيد رؤية الهلال في البلاد العربية، وكيف أن بعض المشايخ من السعودية المتشبثين بضرورة الرؤية العينية للهلال أجهضوا مشروع بناء مرصد فلكي يكون مرجعا للأمة الإسلامية، وإقترح " طالبي" ضرورة الاعتماد في رصد الهلال على الحساب الفلكي الرياضي باعتباره وسيلة ناجعة في خضم التطورات العلمية الراهنة. مع اقتراب الشهر الفضيل يكثر الجدل ككل سنة وتختلف المواقف بشأن ثبوت الهلال من عدمه في الدول العربية، ما تفسيرك لمسألة الاختلاف ؟ كما تعرفون إثبات رؤية الهلال من عدمه في ليلة الشك يكون في البلاد العربية إما بالرؤية العينية أوالرؤية العلمية الفلكية، فبعضهم يأخذ بالحساب الفلكي دون سواه والبعض الآخر يلغيه تماما لأن الشرع في تقديره ربط إثبات الهلال بالرؤية البصرية المحسوسة، بالاعتماد على رجلين عدليين تثبت بهما الشهادة، ويقصد بالعادل المعروف بسيرته الحسنة بحيث إذا عامل الناس لم يظلمهم وإذا حدثهم لم يكذبهم وإذا وعدهم لم يخلفهم ، بل يكفي حضور صلاة الجماعة لتحقق العدالة كما في الروايات، بالإضافة إلى شرط الخبر المستفيض للتأكد من الرؤية كما قال أبوحنيفة، وبين هذا وذاك نحن نعمل في الجزائر، بالرأي الوسط أي الجمع بين الرؤية العينية والعلمية بمعنى إذا لم ير بالعين المجردة يتم الأخذ برأي أهل الفلك عملا بالحديث الشريف" إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غمّ عليكم فاقدروا له ثلاثين". في حالة ما إذا أقر الشهود بثبوت الهلال ونفى ذلك أهل الفلك، كيف يتم التعامل في مثل هذا الموقف؟ ينبغي أن نعرف أن علم الفلك يعتمد في ولادة الهلال على الأجهزة العلمية والاحتمال في الخطأ قليل جدا، ومن ثم إذا ثبت لأهل الفلك أن الرؤية متعذرة، يتم التأكد من الاحتمال الأقوى لأن حتى العين قد تخطأ، ومن ثم فالمسألة مبنية على الأمور اليقينية. لحل هذا الإشكال الذي يبقى يطرح في كل مرة، ألا تعتقد أننا بحاجة لطريقة أكثر وثوقية مع التطورات الحاصلة بحيث توحد الدول العربية في إثبات رؤية الهلال؟ هذا صحيح، وفي هذا الشأن نظم السنة الماضية بتركيا مؤتمر إسلامي أجمعت من خلاله الدول الإسلامية قاطبة على توحيد رؤية الهلال عن طريق العمل الفلكي، بحيث يبنى المرصد في مكةالمكرمة ويكون مرجعا للعالم الإسلامي كله، ولكن مع الأسف الشديد بعض الشيوخ في المملكة العربية السعودية عارضوا هذا، فتوقف المشروع وأجهض في بداياته. هل للسياسة دخل في توسيع الهوة بين العرب حتى في الصيام؟ أكيد أن الأمر يرجع بالدرجة الأولى لسياسة المصالح والتشرذم والانقسامات التي رسخها الساسة العرب، لكن أيضا لبعض المشايخ الذين يقرون ويتمسكون برؤية الهلال بالعين المجردة فقط، وهذان السببان حالا دون توحيد إثبات الهلال عربيا. هل أنت مع الذين يدعون لاتخاذ الحساب كأنجع وسيلة لإثبات الهلال؟ نعم أعتقد شخصيا بأنه ينبغي الأخذ بالحساب الفلكي الرياضي لإثبات الغاية وهي رؤية هلال رمضان أو خروجه، ذلك لأن الشرع مبني على الغايات وليس على الوسائل المتغيرة، وحاليا العلم أصبح أضبط من الحس، وتوجد مراصد فلكية كبرى في العالم ترصد بدقة منزلة القمر وتحركاته ومن الممكن أن تساعد كثيراً في معرفة مدى إمكانية الرؤية في آخر شهر شعبان، وفي هذا الشأن هناك نخبة من الفلكيين العرب ينتهجون هذه الطريقة في تحديد موعد ولادة القمر والمسافة التي يكون عليها من قرص الشمس وكذلك من الأفق، لذلك فالحساب مهم لقوله تعالى:" والقمر جعلناه منازل لتعلموا عدد السينين والحساب"، وهذا طبعا لايعطينا الحق في إلغاء الرؤية العينية. ككل رمضان تسطر جمعية العلماء المسلمين الجزائريين برنامجا خاصا، هل لك أن تطلعنا على أهم حيثياته ؟ نحن في شهر رمضان الكريم ، شهر العبادة وقراءة القرآن، جرت العادة لدى جمعية علماء المسلمين الجزائريين أن ترسل الوعاظ والمرشدين لإلقاء الدروس في مختلف المساجد، وإقامة صلاة التراويح وتنظيم المحاضرات والندوات الثقافية في مختلف الولايات لتوعية الناس بالقيم الإسلامية السمحة، وسنعلن عن البرنامج عن قريب بعد أن يتم التنسيق وضبط النشاطات المسطرة في ولايات الوطن.